توالت انتصارات مليشيات الحوثي في أكثر من منطقة سواء في داخل محافظة صعدة أو خارجها وهي إنتصارات ليست سهلة وتستحق الدراسة والتأمل في أسبابها.
وأهم الإنتصارات التي حققتها جماعة الحوثي المتمردة في الأونة الأخيرة تتمثل في سحق جبهة كتاف، ومن ثم تهجير السلفيين من دماج، والأخيرة والتي قد لا تكون الأخيرة وهي الإنتصار على قبيلة حاشد والسيطرة على مناطق خيوان وحوث والخمري ونسف منزل أسرة آل الأحمر في منطقة الخمري.
من أهم الأسباب التي تكمن وراء إنتصارات الحوثي أنه ينتهج تكتيك عسكري منظم وخطط عسكرية تتطور بشكل مستمر مع تطور المعركة، عكس الطرف الآخر الذي يقاتل بدون أي تكتيك عسكري وحتى لو كان هناك تكتيك عسكري فأنه لا يتطور مطلقاً، فعلى سبيل المثال فأن جبهة كتاف التي قادها السلفيين أنتهجت سياسة الدفاع فقط، وهو ما كبد الحوثي بالفعل خسائر فادحة في العتاد والأرواح لكن هذا التكتيك لم يظل مجدياً لفترة طويلة فكان الحوثي يتفنن في وضع خطط الهجوم وإرباك الخصم في حين أن الخصم فقد عنصر المفأجاة وتركها لمليشيات الحوثي.
ومن الأسباب المهمة ايضاً أن القيادات التي تقود المعركة ضد الحوثي ليست قيادات عسكرية وليست مدربة بالقدر الكافي،عكس قيادات الحوثي التي تلقت تدريباً وتأهيلاً على مثل هذه الحروب على مدى سنوات طويلة وخاضت حروب طويلة مع الدولة والقبائل في صعدة وحرف سفيان، ولديها الخبرة الكافية للتعامل مع مثل هذه الحروب، وقد رأينا كيف أن جبهة كتاف ظلت صامدة لفترات طويلة وكبدت مليشيات الحوثي خسائر فادحة عندما كان يقودها الشيخ ناصر بن عبادة الوائلي الذي كان يمتلك الخبرات الكافية والتكتيك الحربي حيث كان من كبار المجاهدين في أفانستان أثناء الغزو السوفيتي.
حسين او حمير الأحمر على سبيل المثال لا يمكنهما أن يقودا جبهة عسكرية ويقودا معركة أمام مليشيات الحوثي لأنهما ليسا مدربين بالقدر الكافي ولاتوجد لديهم الخبرات الكافية، وكان الأحرى بآل الأحمر الإستعانة بقيادات عسكرية من أبناء حاشد او من غيرها لديها الخبرة والقدرة على التصدي لمليشيات الحوثي، ورسم الخطط العسكرية ليس لصد الهجوم الحوثي وحسب، وإنما للسيطرة على مناطق تقع تحت نفوذ الحوثي.
عبدالباسط الشعيبي الناشط على موقع الفيس بوك وضع بعض النقاط على الحروف في تكتيك الحوثي حيث قال أن التكنيك العسكري للحوثيين يقوم على تقديم الأطفال و المتعاطفين الغير مدربين بشكل كافي لتفجير الألغام و إمتصاص القوه الناريه للخصم و من ثم هجوم قوات النخبه بأسلحه حديثه و هذا سبب الإنتصارات رغم العدد الكبير من القتلى و الذين أغلبهم أطفال زنابيل.
وبالفعل فأن إنتهاج سياسة الهجوم من قبل مليشيات الحوثي وسياسة الدفاع من قبل خصومه أفقد الخصوم عنصر المبادرة والمفأجاة التي تعد أحد أهم عناصر الحرب.
كما أن جماعة الحوثي تمكنت من إختراق خصومها عبر نشر الجواسيس وزرع الفتن ونشر الشائعات وتقديم الأموال الطائلة لأهالي بعض المناطق من أجل تسهيل الدخول إلى مناطقهم، مما سهل إنتصارهم في المعركة، وما إلى ذلك من الأساليب التي يفقتدها خصوم الحوثي حيث أكتفوا بالحرب والحرب فقط ولكن غاب عنهم أن البندقية وحدها لا تصنع النصر.
الجيش اليمني على سبيل المثال خاض حرب ضروس لحوالي عام كامل في محافظة أبين ضد 200 او 300 مسلح من مسلحي القاعدة رغم الإمكانيات الهائلة التي يمتلكها الجيش اليمني مقارنة بمسلحي القاعدة وتعزيزات من الطيران والبحرية الأمريكية، لكن تحقيق النصر كان بمثابة المستحيل للجيش اليمني بسبب شراسة مقاتلي القاعدة ونجاحهم في كثير من الجوانب ولانهم يمتلكون خبرات واسعة.
لا يمكن لخصوم الحوثي أن ينتصروا مالم يتركوا القيادة الميدانية لقادة عسكريين أكفاء يرسمون ويطورون خطط عسكرية ويعملون على تحصين جبهتم الداخلية من أختراق جواسيس الحوثي، فقبائل مثل حاشد تمتلك النفوذ والرجال والمال والسلطة والجاه والسلاح والذخيرة لكن ينقصها القيادة الميدانية التي تدير المعركة بينما يبقى آل الأحمر قيادة قبلية تماماً كما هو حال عبدالملك الحوثي الذي يكتفي بإصدار الأوامر بينما يتولى قادته العسكريين التخطيط والتنفيذ.