الرئيسية / تقارير وحوارات / العمل الصحفي باليمن بين العنف وتكميم الأفواه
 العمل الصحفي باليمن بين العنف وتكميم الأفواه

العمل الصحفي باليمن بين العنف وتكميم الأفواه

19 يناير 2014 06:20 صباحا (يمن برس)
ياسر حسن-عدن

لا يزال الصحفي اليمني منصور نور يتابع علاجه في العاصمة صنعاء إثر الاعتداء المسلح الذي تعرض له في أبريل/نيسان من العام الماضي، وتسبب له بعاهة مستديمة نتيجة بتر ساقه بالكامل بعد أن هشمت رصاصات المعتدين عظامها.

يقول نور إنه يسعى حالياً لدى الجهات المختصة بصنعاء للحصول على قدم اصطناعية بدل قدمه الأصلية، مؤكدا أن ما حدث كان استهدافاً متعمداً له، إذ اختطفه مسلحون بسيارة ثم أنزلوه بأحد الشوارع وصوبوا سلاحهم نحو صدره، إلا أنه اشتبك مع أحدهم بيديه وأنزل السلاح إلى الأرض فأطلق المسلح رصاصاته لتصيب ساق نور بإصابات بليغة قبل أن يلوذ ومن معه بالفرار.

ويعتبر اليمن من الدول الخطرة في مجال ممارسة العمل الصحفي، ففي العام الماضي تعرض طاقم الجزيرة للاعتداء في عدن من متظاهرين كانوا يطالبون بانفصال الجنوب.

وتكررت حوادث اختطاف وقتل الصحفيين في اليمن، ففي يوليو/تموز الماضي اختطفت صحفية هولندية وزوجها وطالب الخاطفون بفدية، وقبل ذلك خطف مسلحون قبليون ثلاثة صحفيين.

تقول منظمة "مراسلون بلا حدود" الفرنسية في تقرير لها صدر العام الماضي، إنه في عهد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح كانت السلطة هي عدو الصحفيين الأول والوحيد، بينما في الوقت الحاضر فالجهات التي يمكن أن تتعرض بالأذى للصحفيين كثيرة وعديدة ولأسباب متنوعة.

الحمادي يرى أن عام 2013 يعد الأسوأ في مجال انتهاك حرية الصحافة باليمن (الجزيرة)

اعتداءات متنوعة
وكانت منظمة "صحفيات بلا قيود" اليمنية قد نشرت الأسبوع الماضي تقريرها السنوي الخاص بالانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون في اليمن خلال العام الماضي، والتي تنوعت بين الاعتداءات بأنواعها والتهديدات والشروع بالقتل وحالات الاختطاف ومحاولات الاغتيال، كما سجل التقرير حالة قتل واحدة.

وأوضح نور من جهته -في حديث للجزيرة نت- أن الاعتداء جاء نتيجة كتابات له تتعلق بمناهضة العنف وتجارة الممنوعات والتهريب والسلام الاجتماعي، والتي لم ترق للبعض فأرادوا إسكات صوته وإيقاف نشاطه. وأشار إلى أنه قد رفع قضية الاعتداء عليه للنيابة، إلا أنه إلى الآن لم تقم النيابة بأي شيء في القضية.

وقدم نور -الصحفي في صحيفة 26 سبتمبر التابعة لوزارة الدفاع اليمنية- الشكر لدائرة التوجيه المعنوي بالوزارة على تعاونهم الكبير معه ومساعدتهم في علاجه، متمنياً أن تتكرم وزارة الدفاع باستكمال بقية علاجه وتساعد في حصوله على القدم الصناعية والتعويض المناسب إثر ما تعرض له من ضرر جسدي ونفسي.

وانتقد الصحفي اليمني موقف نقابة الصحفيين التي لم تتابع حالته مطلقاً، والأمر نفسه ينطبق على وزارة الثقافة التي لم تقدم له أي عون رغم أنه فنان تشكيلي إضافة إلى كونه صحفيا، داعياً نقابة الصحفيين للقيام بدورها في حماية الصحفيين والعناية بهم.

وأكدت رئيسة لجنة الحقوق والحريات بالمنظمة حفصة عوبل أن الانتهاكات خلال عام 2013 قلّت عما كانت عليه في الأعوام الماضية، إلا أنه لوحظ أن الجهات التي كانت ترتكب الانتهاكات في عهد الرئيس السابق مستمرة بممارسة الانتهاكات نفسها.

الحكومة لا تتجاوب
وأشارت المتحدثة إلى أن المنظمة كانت ترصد الانتهاكات بحق الصحفيين وتصدر بها بيانات ومناشدات للجهات الرسمية، دون أن تجد أي تجاوب من تلك الجهات.

ودعت عوبل -في حديث للجزيرة نت- الحكومة اليمنية إلى إلغاء المحاكم الخاصة بالصحفيين والعمل على حمايتهم ومعاقبة المنتهكين لحقوقهم، خاصة أن الحوار على وشك الانتهاء والبلاد بصدد تأسيس دولة مدنية جديدة تسعى لحماية الحقوق والحريات. كما دعت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية للقيام بدورها في رصد الانتهاكات وإيصالها للجهات الرسمية محليا ودولياً لتوضيح ما يتعرض له الصحفيون من انتهاكات.

القاعدي أنكر حدوث انتهاكات بحق اليمنيين من قِبل الجهات الرسمية (الجزيرة)

من جانبه يرى مدير مكتب وزير الإعلام اليمني عبد الباسط القاعدي، أن الانتهاكات خلال العام الماضي كانت نتيجة للوضع المضطرب الذي تعيشه البلاد كونها تعيش مرحلة انتقالية وتحتاج إلى وقت طويل حتى تستقر الأوضاع فيها، مشيراً إلى أن البلاد ستدخل مرحلة جديدة بعد الحوار الوطني سيتم خلالها التخلص من تلك الانتهاكات بحق الصحفيين.

وقال -في حديث للجزيرة نت- إن الانتهاكات خلال العام الماضي لم تكن من قبل السلطة الرسمية مثلما كان يحصل في عهد النظام السابق، حيث كانت وزارة الإعلام تعرقل وتمنع منح التصاريح الرسمية لإنشاء الصحف وتقوم بمصادرة بعضها وسحبها من الأسواق وتأمر بمنع وصول الصحف إلى بعض المدن، وترفض منح التصاريح للصحفيين الأجانب وتمنعهم من دخول البلاد، فيما وزارة الإعلام الآن لم تمنع أي صحيفة من الصدور وفتحت باب إصدار التصاريح لإنشاء صحف جديدة، ولم تمنع دخول أي صحفي أجنبي.

ونوه إلى أن الوزارة خاطبت وزارة الداخلية بعدم منع أي صحف من المرور إلى المحافظات، ولم تقم بسحب أو مصادرة أي صحيفة من الأسواق، ولم تقم بأي انتهاك بحق الصحفيين منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني، كما عملت على التنسيق مع نقابة الصحفيين بشأن تصاريح دخول الأجانب وكذا لمراسلي وسائل الإعلام الخارجية بالداخل، كما ألغت أن يكون هناك مرافق من الوزارة مع أي وفد صحفي خارجي يزور البلاد. 

إلا أن هناك من لا يتفق مع ما ذهب إليه القاعدي، ويرى أن عام 2013 كان من أسوأ الأعوام التي شهدها اليمن في مجال حماية حرية الصحافة.

العام الأسوأ
ويرى رئيس مؤسسة حرية للحقوق والحريات الإعلامية الصحفي خالد الحمادي أن عام 2013 يعد الأسوأ في انتهاكات حرية الصحافة منذ تغيير النظام الحاكم في البلاد، فالانتهاكات وإن كانت نقصت من حيث العدد فإنها دخلت منعطفاً خطيراً من حيث نوعيتها وجسامتها، فقد وصل الأمر إلى حد مقتل أحد الصحفيين بعدن وتعرض عدد من الصحفيين لمحاولات اغتيال وإصابات بالرصاص وإحراق السيارات والممتلكات، بل تعدى الأمر إلى اختطاف الصحفيات، كذلك اختطاف صحفيين أجانب، الأمر الذي يعد مؤشراً خطيراً في حرية الصحافة باليمن.

ويتفق الحمادي مع ما ذهبت إليه منظمة مراسلون بلا حدود، ويقول في تصريح للجزيرة نت، إن الجهات الرسمية قبل الثورة الشبابية كانت هي الوحيدة التي تمارس الانتهاكات، أما الآن فقد تعددت الجهات التي تمارس الانتهاكات، وأصبحت الجهات الرسمية تمثل جزءاً بسيطاً فقط ، فيما ظهرت قوى جديدة تمارس الانتهاكات، منها جهات قبلية ومجاميع مسلحة ونافذون سياسيون وجهات متضررة من النشر الصحفي.

ودعا الحمادي الحكومة والأجهزة الأمنية إلى تفعل دورها في حماية الصحفيين من خلال رفع الوعي في أوساط أفرادها العاملين بالميدان، وكذا القيام بدورها في ملاحقة مرتكبي الانتهاكات، كما دعا نقابة الصحفيين والمنظمات الحقوقية للتكاتف والعمل المشترك لحماية الصحفيين وتوفير المناخ الآمن للعمل الصحفي حتى لا تستمر الانتهاكات.
شارك الخبر