يلاحظ في المشغولات الرجالية -التي تضمنها معرض الحرف التقليدية والطابع اليمني بصنعاء-الحضور الطاغي لأدوات الزينة كالخواتم، والعقود، والأخراص (الحلق)، والسبحات، والأساور، والخلاخيل، إضافة إلى تحف أخرى، وكلها مصنوعة من خامات نادرة، كالفضيات والعقيق اليماني بأنواعه (المصوّر، والأحمر، والمزهّر)، والأحجار الكريمة الأخرى كالياقوت والمرجان والنجم والبجاد، وهذه الخامات تستخرج من محافظات يمنية عدة، تأتي في مقدمتها ذمار والبيضاء وحجة ومأرب.
ويؤكد عبد العزيز عامر في حديثه للجزيرة نت أن معرضا دائما تقيمه وزارة الثقافة لهذه المشغولات في قلب صنعاء القديمة يحتوي على تحف بكميات كبيرة يعود تاريخ بعضها إلى ما قبل مائة عام، إضافة إلى مشغولات أخرى حديثة، وكلها تمت صناعاتها يدويا وبخبرات يمنية خالصة.
وقال عامر الذي يعمل كبير مدربي المركز الوطني للحرف اليدوية، ويمتلك محلا لبيع هذه المشغولات، إن عددا من الحرفيين المهرة والمؤهلين تأهيلا جيدا يقفون وراء كل قطعة من هذه القطع، صياغة ونقشا، وتشكيلا، وهي حرفة متوارثة عن الآباء والأجداد لها حظها من الإثارة والمتعة.. ومن التعب أيضا.
عامر الذي أكد اعتزازه بانتمائه إلى هذه الحرفة الشعبية لا يخفي تخوفه من اندثارها، خاصة أنها تراجعت في السنوات الأخيرة خطوات مخيفة، مما يستدعي من الجهات ذات العلاقة الالتفات إليها، والعمل على إعادتها إلى سابق عهدها من التألق والحضور.
في حضرة الملكة
وتحتل ملابس المرأة والأثاث المنزلي بمفرداتهما المختلفة الصدارة في المشغولات النسوية، كما يلحظ التمازج الفني بين المنسوجات وبين عدد من الأحجار الكريمة التي تطرّز بعض هذه القطع في تشكيلات فنية آسرة.
وفي حديثها للجزيرة نت، تشير الأستاذة نورية جسار مسؤولة العلاقات العامة في المركز الوطني للحرف اليدوية إلى أن الملابس النسائية منذ عهد الملكة بلقيس وجدتْ عناية فنية خاصة من قبل القائمين على هذه الحرفة، كما تدل على ذلك الآثار. وتؤكد جسار أن المرأة اليمنية ما تزال معتزة بهذه المنسوجات الشعبية، شديدة الإقبال عليها لأنها تجد فيها ما يلبي ذوقها الجمالي من فن وعراقة وفرادة.
ويؤكد الأستاذ حيدر الزيادي الباحث في الموروث الشعبي أن هذه الحرف الشعبية تواجه خطر الاندثار لأسباب عدة، أهمها تراجع السياحة البينية والخارجية، وتناقص منسوب الوعي الشعبي بأهمية هذه الحرف، وغزو البضائع الصينية المشابهة للأسواق اليمنية بما تمتلكه من أسعار منافسة وتشكيلات أكثر إثارة.
ودعا الزيادي في حديثه للجزيرة نت إلى تسجيل وتوثيق هذه الحرف في كل المحافظات اليمنية، وإلى إيجاد مراكز تأهيل واسعة مدعومة للحفاظ على هذا الموروث الشعبي الأصيل.