ما زال الرهان الأمريكى حول إلقاء القبض أو قتل السيد عزة إبراهيم الدورى، أمين عام حزب البعث، وقائد فصائل المقاومة فى العراق، رهانا خاسرا حتى الآن، برغم مرور 10 سنوات على احتلال العراق، وبرغم رصد الإدارة الأمريكية 10 ملايين دولار لمن يساعدها فى إلقاء القبض عليه.
رجل العراق الذى يقال له «شيخ المجاهدين» مازال قادرا على حمل السلاح، ومازال أتباع حزب البعث الذى يترأسه مع بقايا جيش العراق من زمن الرئيس الراحل صدام حسين، قادرين على الوجود المؤثر فى معادلة حياة العراق وصراعاته.
هذه هى المرة الأولى التى يتحدث فيها الدورى لمطبوعة عربية استطاعت أن تجرى معه حوارا عبر مواقع المقاومة العراقية على الإنترنت، فى ذكرى إعدام الرئيس السابق صدام حسين.
- من وجهة نظركم ماذا يجرى فى العراق اليوم سياسيا بمعنى شرح الموقف السياسى فى العراق؟
أقول ومن حيث المبدأ، إن الذى يجرى فى العراق اليوم هو صراع شامل وعميق بين شعب العراق وقواه الوطنية والقومية والإسلامية ومقاومته الباسلة والمشروع الإيرانى الصفوى فى العراق والأمة، هذا المشروع الخطير المؤيد والمدعوم من قبل الحلف الإمبريالى الصهيونى الغربى والذى يستهدف الأمة برمتها ولا يستثنى قطرا واحدا من أقطارها مبتدأ فى العراق، حيث قدمته أمريكا إلى إيران على طبق من ذهب بعد ما دمرت كل معالم الحياة فيه، حلت جيشه الوطنى العظيم، وقتلت قادته وفرسانه وأبطاله الذين تمكنت منهم ودمرت حياة الآخرين وشردتهم، ضربت وحاصرت قواه الوطنية والقومية والإسلامية وعلى رأسها حزب البعث العربى الاشتراكى.
لقد ظن الغزاة وحليفتهم إيران أن فى حل الجيش وإصدار قانون اجتثاث البعث وقتل المئات من قادة البعث والجيش وزج الآلاف منهم فى السجون والمعتقلات، وقتل أكثر من مائة وخمسين ألف مناضل بعثى ظنوا أنهم سيحطمون إرادة شعب العراق وينهكون قواه فيستسلم لإرادتهم فيعيثوا فيه فسادا ويحكمون قبضتهم عليه كى يمتد استعمارهم المباشر له إلى مئات السنين.
- وما موقفكم تجاه ذلك؟
لكن الجيش الوطنى العقائدى والبعث الثورى الطليعى وقوى الشعب الأخرى الوطنية والإسلامية تصدت لهذا الغزو فحطمت إرادته، إرادة الشر وحطمت عجلته العسكرية فهرب من العراق إلى غير رجعة، لا إلى العراق، قادر أن يعود ولا إلى غيره من دول العالم وشعوبها، فكان رد فعل الإدارة الأمريكية الباغية أن سلمت العراق إلى حليفها الإستراتيجى إيران الصفوية، لكى تواصل تدمير العراق وقتل أبنائه وتشريدهم وتدمير حياتهم، إن ما يجرى فى العراق اليوم عنوانه هو ما يسمى بالعملية السياسية المخابراتية، يديرها حفنة من العملاء الخونة الذين جاءوا إليه خلف دبابات الاحتلال، وحفنة من الخونة والعملاء ممن استقبلوا على أرض العراق اليوم، وبعد هروب أمريكا من العراق، فقد استحوذت إيران على مفاصل الحياة فى العراق السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية بواسطة عملائها ورجالها ومخابراتها مجنديها وميليشياتها، وكل ذلك يجرى فى إطار ما يسمى بالعملية السياسية وتحت قبضة الحلف الصفوى، برغم أن هذا الحلف بدأ اليوم يتآكل ويتهاوى أمام المد الشعبى الواسع الذى تبلور بصيغة ثورة شعبية عارمة ستنتهى إلى انفجار الفعل الثورى الحاسم لإنهاء هذه العملية القذرة وطرد الفرس الصفويين وعملائهم وذيولهم من العراق إلى الأبد بإذن الله، وذلك بإقامة حكم الشعب الديمقراطى التعددى الحر المستقل الذى لا مكان فيه للتفرد والإقصاء والاستئثار وإعادة مسيرة البناء الثورى التقدمى الوطنى القومى الاشتراكى والإنسانى.
- فى ظل التقارب الإيرانى مع أمريكا وأوروبا.. ما موقف المقاومة العراقية؟
الذى بين أمريكا وإيران وأوروبا تحالف إستراتيجى طويل المدى وليس تقاربا وليس عمره اليوم، وإنما منذ آلاف السنين.
كما إن احتلال العراق من قبل هذا التحالف الإستراتيجى ومواجهة شعب العراق له وثورته بوجه هذا الحلف الشرير وتحطيم جبروته وما قدم هذا الشعب العظيم من التضحيات قد كشف هذا الحلف على حقيقته، ولم يعد ينطلى اليوم على أحد فى الكون مهما بلغ العدو من أى تضليل وتزوير ومخادعة وكذب، إن هذا التحالف كان معلوما لدينا منذ مجىء الخومينى من باريس إلى إيران فى ظل ما يسمى بالثورة الإسلامية، وما أضفوا عليه من هالة وبهرجة قلنا جاء به ذات الحلف الذى تسألنى عنه اليوم، جاء به الغرب أوروبا وأمريكا والصهيونية العالمية فى إطار تحالف إستراتيجى ضد الأمة بشكل عام وضد العراق بوابة الأمة الشرقية بشكل خاص.
- ألم يكن هذا الأمر معروفاً لديكم؟
إن هذا الموضوع كان معروفا لدى حزبنا منذ زمن بعيد حتى قبل مجىء الخومينى وما يسمى بالثورة الإسلامية، وإننى أعتقد أن كل عربى حاكم أو محكوم يقرأ التاريخ ويفهم السياسة وينتخب لوطنه وأمته وعقيدته ومبادئه، يفهم ويعرف أن الأهداف الإستراتيجية تجاه أمتنا لهؤلاء جميعا تتوافق بل تتطابق، ولو درسنا أهداف كل طرف من هذه الأطراف تجاه الأمة لوجدنا الصورة أوضح وأفصح فى تطابق أهدافهم تجاه أمتنا.
ما أهداف إسرائيل تجاه العراق والأمة؟ هى إضعاف الأمة وشل قدراتها المادية والمعنوية لكى تبقى فى وطننا فى فلسطين الحبيبة، ولكى تتوسع مع مرور الزمن، وفى ظل غياب الأمة وضعفها وتراجعها حتى تحقق أهدافها الكبرى فى إقامة الدولة اليهودية من الفرات إلى النيل، لذلك فهى تعمل على تجسيد التجزئة القائمة فى الأمة وترسيخ القطرية ثم محاولة تجزئة المجزئ وتحقيق المزيد من التفتيت والتمزيق لوطن الأمة وشعبها وتاريخها، وهذا هو هدف الغرب، عينه منذ ما قبل سايكس بيكو وإلى اليوم وسيبقى إلى يوم القيامة، وما غزو العراق من قبل أمريكا والغرب وتدميره بهذه الطريقة وبهذا الشكل وهذه الكيفية إلا لتحقيق هذا الهدف، والآن صار هذا المشروع مطروحا من قبل أمريكا وأوروبا بشكل علنى وصريح فى العراق، وفى مجموعة كبيرة من أقطار الأمة ودولها، وهو نفسه هدف إيران الفارسية المجوسية منذ آلاف السنين، كلما تتاح لها الفرصة وتواتيها الظروف تغزو الأمة وتحتل أرضها وتستبعد شعبها وتاريخ الصراع العربى الفارسى يشهد على ذلك.
لقد أراد حلف الغزاة الإمبريالى الأمريكى وأوروبا والصهيونية والصفوية الفارسية أن يحققوا هذا الهدف من غزوهم للعراق، لكن الله سلم فثار شعب العراق العظيم، وانتفضت قواه الوطنية والقومية والإسلامية وانطلقت مقاومته الباسلة فحطمت قوى الغزو وأوقفت جميع مشاريعه فى العراق والأمة، وهربت أمريكا من العراق كما قلنا، ولمزيد من الانتقام من شعب العراق سلمته إلى إيران الملالى وإيران الصفوية لكى يستمر القتل والتدمير والتشريد فى شعب العراق، ولكى يمضى المشروع الصفوى فى العراق وفي الأمة لتحقيق أهداف أمريكا وإسرائيل وإيران معا، خسئوا جميعا سنقاتلهم فى كل الميادين وبكل الوسائل وستنقض أمتنا معنا وسنحرر العراق من براثن الصفوية البغيضة بإذن الله.
- كيف ترى احتجاجات محافظات الغرب العراقى؟ ولماذا لم تستمر؟ ولماذا لم تدعمها بقية المحافظات؟
إن ما يسميه الإعلام الخارجي وبما فيه الإعلام العربى للأسف احتجاجات هو انتفاضة الشعب العراقى العظيم، وفى كل محافظاته ومدنه من البصرة إلى نينوى، ومن شرقه إلى غربه، ولكن الحصار الإعلامى الدولى والعربى الجائر المطبق على هذه الانتفاضة العارمة، وحملة القتل والبطش والاعتقالات والمطاردات والاغتيالات القائمة ليل نهار أوقفت وحجمت الانتفاضة فى أغلب محافظات الجنوب والفرات الأوسط، وذلك بسبب قوة الضغط والقتل وكثافة الميليشيات الإيرانية الصفوية المرتبطة بأحزاب وأطراف الحلف الصفوى، الذي يقود ويهيمن على العملية السياسية.
إن القوى الوطنية وفى طليعتها البعث فى الجنوب والفرات الأوسط مهددة بالإبادة الشاملة، وبرغم ذلك لازالت المظاهرات والاحتجاجات لم تنقطع فى جميع محافظات الجنوب والفرات الأوسط، ولقد رأيتم قبل فترة خرجت مظاهرة فى كربلاء تهتف بالروح بالدم نفديك يا صدام، للتعبير عن المزيد من التحدى، لكن مع الأسف أن التعتيم الإعلامى المحكم دولياً وعربياً على مقاومة العراق وقواه الوطنية لا يظهر الانتفاضة بحجمها وقوتها وأهدافها وفعلها وأدائها.
إن الانتفاضة باقية ومستمرة وستبقى وهى جزء أساسى من المشروع الوطنى للتحرير والاستقلال، وهى جزء أساسى من المشروع الوطني المواجه للاحتلال الصفوى للعراق.
- ما موقف المقاومة من أحداث مصر وتأثير ذلك على حركة المقاومة؟
لقد بين البعث وفى مناسبات كثيرة رأيه وموقفه من انتفاضة شعبنا المصرى المجيد، ومن انتفاضة شعبنا العربى فى كل أقطار الأمة التى شملتها الانتفاضات، وقلنا وحسب عقيدتنا ومبادئنا وإستراتيجيتنا الكفاحية ( إستراتيجية البعث والمقاومة ) هو انتفاضة الشعب فى تلك الأقطار العفوية النقية الأصيلة ضد الأنظمة الظالمة الباغية المتخلفة العميلة المستبدة، وهى تمثل امتداداً لمقاومتنا للاحتلال وعملائه، ونحن معها مع جماهير الأمة دائماً وأبداً فى تظاهراتها وفى انتفاضاتها وفى ثوراتها، ولكن كنا قد حذرنا فى وقت مبكر من خطورة الالتفاف على هذه الانتفاضات والثورات من القوى المعادية للأمة ولمسيرة تحررها ونهوضها وتقدمها، وذلك بسبب عفوية تلك الانتفاضات وغياب القيادة الثورية الواعية فتحولها تلك القوى إلى عبث على مسيرة الأمة بل تحولها إلى معول هدم وتخريب وتدمير وتقطيع وتفتيت، كما يحصل اليوم فى مصر العروبة وفى ليبيا واليمن وفى تونس وحتى فى سوريا، والحمد لله أن القوى الوطنية والقومية والإسلامية فى مصر وعلى رأسها جيش مصر العربى الأصيل قد انتهبوا فى وقت مبكر فجددت ثورة الخامس والعشرين بثورة الثلاثين من يونيو.
وفى هذه المناسبة أقدم تحياتي وتقديرى لجيش العروبة جيش مصر الكنانة، وإلى كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية التى أسهمت معه فى تفجير ثورة الثلاثين من يونيو، وأن موقفنا من الأوضاع فى مصر واضح وقد أصدرت القيادة القومية للحزب بياناً بشأنه، قلنا فيه إننا مع جيش مصر ومع شعبها فى كفاحها من أجل استعادة مصر لدورها القومى الطليعى فى مسيرة الأمة التحررية التقدمية الحضارية ونحن نتطلع بحرارة ولهفة وشوق لمثل هذا الدور القومى التحررى لمصر العروبة.
- وما هو تفسيركم لما يجرى فى سوريا؟
أما ما يجرى فى سوريا فقد بدأ فى أيامه الأولى ثورة شعبية وطنية بكل معانى الثورة، فأيدناها ونصرناها، ولكن كذلك حذرنا من الالتفاف عليها وحذرنا شعبنا فى سوريا وثوار سوريا من تآمر القوى الدولية، وخصوصاً أمريكا وأوروبا وحلف الناتو، وفعلاً وقع المحظور وحصل الاختراق الخطير للمقاومة والثورة، وذلك بدخول القوى الإسلامية المتطرفة والتكفيرية لكى تتكئ عليها أمريكا وأوروبا وحتى بعض العرب، لكى يتخلوا عن مساندة الشعب السورى وثورته، بل لكى ينحازوا إلى مساندة النظام ليستمر الصراع المسلح لتدمير سوريا تدميراً شاملاً، كما حصل فى العراق.
- وماذا بالنسبة للسعودية؟
أما المملكة العربية السعودية، فهى اليوم تمثل قاعدة الصمود والتصدى لكل المؤامرات والمحاولات التى تستهدف الأمة هوية ووجوداً، ولولا المملكة العربية السعودية لهيمنت إيران الصفوية على دول الخليج هيمنة مطلقة، ولعانت فساداً فى هذه المنطقة الحيوية من وطننا وأمتنا.
فحيا الله المملكة وحيا الله دورها المشرف ومواقفها الإيمانية العربية الأصيلة من ثورة الشعب السورى ومن البحرين والخليج عموماً، ومن شعب العراق وثورته ومن شعب مصر وجيشه وثورته ومن اليمن وفلسطين ولبنان والصومال، وحيث ما يوجد التهديد الحقيقى للأمة و مصالحها الأساسية.
إن ما حدث فى مصر من تغيير وما اتخذت المملكة من قرارات ومواقف أعادت الأمل لشعبنا العربى من المحيط إلى الخليج فى أن الأمة فيها من الإمكانات والقدرات، إذا استنفرت قادرة على النهوض القومى التحررى وقادرة على التصدي لكل من يريد النيل من سيادتها وخيراتها، ونحن نؤمن أن ثورة الخامس والعشرين التى فجرها الجيش والشعب معاً ستعود بمصر العروبة إلى دورها القومى التاريخى كطليعة رائدة فى مسيرة التحرير والتحرر والتوحد والتقدم والازدهار.
- معاناة العراقيين فى الخارج فاقت كل الحدود، كيف تنظرون إليها؟
إن معاناة العراقيين أيها الأخ واحدة فى الداخل والخارج، وبالتأكيد أنها فى الداخل أشد وأمر، لأن رجال الداخل هم الذين نهضوا بشرف الجهاد والمقاومة وهم الذين قدموا التضحيات الواسعة والسخية، وهذا لا يلغى ولا يقلل من تضحيات الخارج ونضالهم المتواصل لدعم مسيرة الجهاد والكفاح.
وليعلم أهلنا فى الخارج أن تواصل جهاد البعث والمقاومة على مدى ما يقرب من أحد عشر عاماً، بإيمان ثابت وعزم لا يلين يمثل النداء الصادق والمخلص لكل العراقيين الأصلاء الخيرين فى الخارج للعودة إلى وطنهم للمشاركة فى مسيرة شعبهم الجهادية ولمؤازرة مقاومتهم الباسلة.
إن ضفر المسيرة الجهادية هو الذى سيفتح الأبواب واسعة لعودة كل العراقيين إلى الوطن للمشاركة فى مسيرة البناء والتقدم.
- ما هو تقييمكم للموقف المصرى من تركيا بعد 30 يونيو، وكيف ترون حدود العلاقة المصرية مع حكومة المالكى قبل وبعد 30 يونيو؟
لكل دولة فى العالم ظروفها الداخلية والخاجية ولها مصالحها الوطنية والقومية ولا يجوز التدخل فى شئون أى دولة من الدول الأخرى الداخلية أو الاعتداء أو حتى المساس بمصالحها الوطنية والقومية، وللأسف أن الحكومة التركية لا تتورع فى التدخل الصريح والسافر فى شئون الدول العربية وبدون استثناء ويبدو أن هذه النظرة التى يغلب فيها الاستخفاف والتعالى وروح الوصايا، وأن مثل هذه النظرة ومثل هذه المواقف غير مقبولة ومدانة ويبدو أنها موروثة عن تاريخ الهيمنة التركية على الأمة تلك القرون الطويلة، والتى أهم ما ضيعت على الأمة فرصتها فى التوحد والنهوض والتقدم كما حصل للأمم الأخرى، فنحن مع حق الحكومة لامصرية وأى حكومة أخرى أن ترفض بقوة مثل هذا التصرف المنفلت وغير المسئول.
أما بشأن الموقف من حكومة المالكى كان موقف الحكومة السابقة أخطر برغم أننا نحترم القرار المصرى ونعرف أن مصلحة القطر مقدمة على مصلحة الأمة، ولكن أملنا كبير فى حكومة ثورة 30 يونيو أن تقف إلى جانب الشعب العراقى ومقاومته وثورته، لأن المالكى عدو للأمة وبالتالى فهو وحكومته الصفوية عدو لمصر.
- إلى متى تستمر المقاومة المسلحة ؟ وما إمكانات وحدود إجراء مصالحة تاريخية بين جميع الأطياف العراقية بما فيها حزب البعث والمجاهدين الإسلاميين؟
إن المقاومة قد ولدت من رحم شعب العراق المحتل وطنه والمهدد مستقبله ومستقبل أجياله، والمدمر بلده، لكى تقاوم الغزو والاحتلال حتى التحرير الكامل للبلد.
فبقاؤها تحمل السلاح وتقاتل وفق إستراتيجية التحرير الشامل والعميق والاستقلال الكامل، بإذن الله وستبقى روح المقاومة لدعم مسيرة إعادة البناء والتقدم.
أما الحديث عن المصالحة جاء بسبب الحصار الإعلامى الجائر على شعبنا ومقاومتنا الباسلة وبسبب التضليل الإعلامى الهائل وطمس الحقائق وتزوير التاريخ قد صار موضوع المصالحة عنوان للنيل من شعب العراق العظيم الحضارى الإنسانى فى العراق اليوم.
أيها الأخ، الشعب موحد من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه ومن أقصى شرقه إلى أقصى غربه، وولدت من هذا الشعب الواحد مقاومته الباسلة الواحدة فهما موحدان، فهى موحدة من أقصى يمينها إلى أقصى شمالها على أهداف مركزية وهى هدف مقاومة الغزاة وقتالهم حتى التحرير الكامل وهدف إقامة الحكم الوطنى التعددى الديمقراطى، وهدف البناء والتقدم والتطور الحضارى وهدف إعادة العراق إلى أمته كجزء أساسى لا يتجزأ من الأمة العربية.
وفى العراق الطرف الثانى هو الغزاة وعملاؤهم وأذنابهم وجواسيسهم وحلفاؤهم وبشكل خاص الاحتلال الإيرانى الصفوى وعملائه وأدواته، فمع من تقيم المصالحة؟ وأبشرك بأن الإسلاميين الحقيقيين هم فى طليعة الجهاد فى العراق، أما الإسلاميين التكفيريين والإسلاميين الطائفيين فهم جزء من المحتل وهم جزء من عملائه وأذنابه، خصوصا الأحزاب الإسلامية الصفوية التى تكفر الآخرين وتنفذ مشروعا طائفيا بغيضا لتعزيز الاحتلال الإيرانى للعراق، ثم الأحزاب الإسلامية السنية الطائفية العميلة والخائنة والتى تكفر الآخرين.
- لماذا تراجعت تظاهرات العراقيين فى الميادين؟ ومتى ينزلون إلى الشوارع كما حصل فى دول عربية أخرى لنيل حقوقهم؟
لم تتراجع التظاهرات، ولم تتوقف وهى جارية فى كل محافظات القطر برغم الحصار والمحاصرة والقمع الشديد بل والاختطاف والقتل لرموزها وللناشطين فيها.
أما انتفاضة المحافظات الستة ثم التحقت الآن معها ذى قار، فأصبحت سبع محافظات قد شنت السلطة الصفوية حملة عنيفة ضد الاعتصامات وضد صلاة الجمع، وقتلت المئات من نشطائها وقادتها، وحتما قد سمعت ما حصل لاعتصام الحويجة ونينوى والفلوجة وسليمان بيك والشرقاط وتكريت، وآخر شهيد قتل هو قائد الفلوجة الشيخ خالد الجميلى رحمة الله عليه.
إن التظاهرات والاعتصامات فى العراق ليست كما هى فى دول العالم وحتى الدول العربية، أنها تمثل جزءا من معركة مع عدو تاريخى مبدئى أى عقائدى انتقامى هدفه قتل الشعب وليس قتل أفراد أو أحزاب منه، قتلوا العشرات من أئمة المساجد وخطباء الجمع والآلاف من المصلين وهم فى صلاتهم وداخل الجوامع فى العراق تجرى حرب إبادة لشعب العراق من قبل إيران الصفوية وبتواطؤ أمريكى غربى، وسيأتى اليوم الذى ستلتحم هذه الاعتصامات والتظاهرات مع المقاومة الباسلة لكى تنطلق مسيرة التحرير لطرد إيران الصفوية وعملائها وتطهير أرض العراق من دنسهم.
- متى تتوقف التفجيرات فى المدن العراقية؟
التفجيرات والاغتيالات والاعتقالات والإعدامات هى وليدة الغزو والاحتلال وتداعياته وهى جزء أساسى من المخطط الصفوى الفارسى لتفريغ العراق من أهله لكى يتمكنوا من أحكام قبضتهم عليه، ثم ابتلاعه وتحويله إلى إقليم من أقاليم دولتهم الصفوية المجوسية.
هذا هو المخطط الصفوى فى العراق العامل لجعل العراق قاعدة انطلاقهم إلى الأمة وإلى الخليج والمملكة العربية السعودية بشكل خاص ثم إلى أقطار الأمة الأخرى.
التفجيرات ستتوقف عندما تتلاحم قوى الشعب وتقف صفا واحدا أمام هذا المد لإيران الصفوية الخطير ويتحطم مشروعها، وأن هذا اليوم لات لا ريب فيه بإذن الله ومعركة التحرير لن تتوقف حتى تطهر آخر شبر من أرض العراق من دنس إيران وعملائها، وحتى يعود العراق إلى أهله وأمته حرا محررا سليما معافى لكى يأخذ دوره الطليعى فى مسيرتها.
- قريبا تجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية فى العراق هل تتوقعون أن يتغير واقع المواطن العراقى؟
كلا بل سيزداد سوءا لأن ما يجرى فى العراق من انتخابات هو جزء أساسى من العملية السياسية المخابراتية لتنفيذ مشروع الاحتلال الإمبريالى الصهيونى الصفوى وليس له علاقة بالديمقراطية، وليس للشعب فيما يجرى أى مصلحة إذا بقيت العملية السياسية بدستورها وبرموزها وعناوينها، وخصوصا حزب الدعوة الصفوى وقيادته وبقيت الهيمنة المطلقة لإيران على الأحزاب والكيانات الإسلامية الطائفية سواء فى الوسط السنى الطائفى أو فى الوسط الشيعى الطائفى، إلا إذا أتت قيادات وعناوين لهذه الأحزاب غير طائفية ومتحررة من التأثير الأمريكى والإيرانى وتخلص ولاؤها للشعب والوطن، آنذاك قد يحصل تغيير جدى فى مسار العمل السياسى، وذلك ببناء عملية سياسية وطنية ومستقلة يستطيع الشعب أن يقول كلمته فيها ويستطيع أن يعبر عن إرادته الحرة.
كيف تطبق الديمقراطية والبلد محتل احتلالا مباشرا من قبل حلف الغزاة أمريكا والصهيونية وإيران الصفوية التى كلفت من قبل هذا الحلف بعد هروب أمريكا لاحتلال العراق والسيطرة على مجرى الحياة فيه، وفى كل ميادينها ومستوياتها؟ كيف يستطع الشعب أن يعبر عن إرادته فى انتخابات وهو موضوع تحت مظلة الهيمنة المطلقة لإيران من خلال عملائها وأذنابها وأجهزتها المخابراتية والعسكرية وبشكل مكشوف وصريح؟ كيف يستطع أن يعبر عن إرادته الحرة وهو يواجه حملة إبادة جماعية فى كل مدنه وقراه وأريافه وبواديه فى كل يوم مئات القتلى ومئات الموقوفين ومطاردات ومداهمات وعلى امتداد مساحة العراق.
إن شعب العراق يواجه مجزرة لم يشهدها أى شعب من شعوب العالم اليوم أن الحل الوحيد للعراق وشعب العراق هو التوحد والالتفاف حول مقاومته الباسلة وخلف قواه الوطنية والقومية والإسلامية لكنس هذه العملية ومن يقف خلفها ورموزها وعناوينها الذين أوغلوا فى جرائمهم وعاثوا فى العراق فسادا، وحتما سيحصل مثل هذا التحول وينسحب الكثير من الخيرين من هذه العملية القذرة ويلتحقون بمسيرة شعبهم للتحرير والاستقلال وإعادة بناء الوطن، خصوصا من قبل الكيانات والأحزاب العاملة أو الموجودة فى مناطق الجنوب والفرات الأوسط.
رجل العراق الذى يقال له «شيخ المجاهدين» مازال قادرا على حمل السلاح، ومازال أتباع حزب البعث الذى يترأسه مع بقايا جيش العراق من زمن الرئيس الراحل صدام حسين، قادرين على الوجود المؤثر فى معادلة حياة العراق وصراعاته.
هذه هى المرة الأولى التى يتحدث فيها الدورى لمطبوعة عربية استطاعت أن تجرى معه حوارا عبر مواقع المقاومة العراقية على الإنترنت، فى ذكرى إعدام الرئيس السابق صدام حسين.
- من وجهة نظركم ماذا يجرى فى العراق اليوم سياسيا بمعنى شرح الموقف السياسى فى العراق؟
أقول ومن حيث المبدأ، إن الذى يجرى فى العراق اليوم هو صراع شامل وعميق بين شعب العراق وقواه الوطنية والقومية والإسلامية ومقاومته الباسلة والمشروع الإيرانى الصفوى فى العراق والأمة، هذا المشروع الخطير المؤيد والمدعوم من قبل الحلف الإمبريالى الصهيونى الغربى والذى يستهدف الأمة برمتها ولا يستثنى قطرا واحدا من أقطارها مبتدأ فى العراق، حيث قدمته أمريكا إلى إيران على طبق من ذهب بعد ما دمرت كل معالم الحياة فيه، حلت جيشه الوطنى العظيم، وقتلت قادته وفرسانه وأبطاله الذين تمكنت منهم ودمرت حياة الآخرين وشردتهم، ضربت وحاصرت قواه الوطنية والقومية والإسلامية وعلى رأسها حزب البعث العربى الاشتراكى.
لقد ظن الغزاة وحليفتهم إيران أن فى حل الجيش وإصدار قانون اجتثاث البعث وقتل المئات من قادة البعث والجيش وزج الآلاف منهم فى السجون والمعتقلات، وقتل أكثر من مائة وخمسين ألف مناضل بعثى ظنوا أنهم سيحطمون إرادة شعب العراق وينهكون قواه فيستسلم لإرادتهم فيعيثوا فيه فسادا ويحكمون قبضتهم عليه كى يمتد استعمارهم المباشر له إلى مئات السنين.
- وما موقفكم تجاه ذلك؟
لكن الجيش الوطنى العقائدى والبعث الثورى الطليعى وقوى الشعب الأخرى الوطنية والإسلامية تصدت لهذا الغزو فحطمت إرادته، إرادة الشر وحطمت عجلته العسكرية فهرب من العراق إلى غير رجعة، لا إلى العراق، قادر أن يعود ولا إلى غيره من دول العالم وشعوبها، فكان رد فعل الإدارة الأمريكية الباغية أن سلمت العراق إلى حليفها الإستراتيجى إيران الصفوية، لكى تواصل تدمير العراق وقتل أبنائه وتشريدهم وتدمير حياتهم، إن ما يجرى فى العراق اليوم عنوانه هو ما يسمى بالعملية السياسية المخابراتية، يديرها حفنة من العملاء الخونة الذين جاءوا إليه خلف دبابات الاحتلال، وحفنة من الخونة والعملاء ممن استقبلوا على أرض العراق اليوم، وبعد هروب أمريكا من العراق، فقد استحوذت إيران على مفاصل الحياة فى العراق السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية بواسطة عملائها ورجالها ومخابراتها مجنديها وميليشياتها، وكل ذلك يجرى فى إطار ما يسمى بالعملية السياسية وتحت قبضة الحلف الصفوى، برغم أن هذا الحلف بدأ اليوم يتآكل ويتهاوى أمام المد الشعبى الواسع الذى تبلور بصيغة ثورة شعبية عارمة ستنتهى إلى انفجار الفعل الثورى الحاسم لإنهاء هذه العملية القذرة وطرد الفرس الصفويين وعملائهم وذيولهم من العراق إلى الأبد بإذن الله، وذلك بإقامة حكم الشعب الديمقراطى التعددى الحر المستقل الذى لا مكان فيه للتفرد والإقصاء والاستئثار وإعادة مسيرة البناء الثورى التقدمى الوطنى القومى الاشتراكى والإنسانى.
- فى ظل التقارب الإيرانى مع أمريكا وأوروبا.. ما موقف المقاومة العراقية؟
الذى بين أمريكا وإيران وأوروبا تحالف إستراتيجى طويل المدى وليس تقاربا وليس عمره اليوم، وإنما منذ آلاف السنين.
كما إن احتلال العراق من قبل هذا التحالف الإستراتيجى ومواجهة شعب العراق له وثورته بوجه هذا الحلف الشرير وتحطيم جبروته وما قدم هذا الشعب العظيم من التضحيات قد كشف هذا الحلف على حقيقته، ولم يعد ينطلى اليوم على أحد فى الكون مهما بلغ العدو من أى تضليل وتزوير ومخادعة وكذب، إن هذا التحالف كان معلوما لدينا منذ مجىء الخومينى من باريس إلى إيران فى ظل ما يسمى بالثورة الإسلامية، وما أضفوا عليه من هالة وبهرجة قلنا جاء به ذات الحلف الذى تسألنى عنه اليوم، جاء به الغرب أوروبا وأمريكا والصهيونية العالمية فى إطار تحالف إستراتيجى ضد الأمة بشكل عام وضد العراق بوابة الأمة الشرقية بشكل خاص.
- ألم يكن هذا الأمر معروفاً لديكم؟
إن هذا الموضوع كان معروفا لدى حزبنا منذ زمن بعيد حتى قبل مجىء الخومينى وما يسمى بالثورة الإسلامية، وإننى أعتقد أن كل عربى حاكم أو محكوم يقرأ التاريخ ويفهم السياسة وينتخب لوطنه وأمته وعقيدته ومبادئه، يفهم ويعرف أن الأهداف الإستراتيجية تجاه أمتنا لهؤلاء جميعا تتوافق بل تتطابق، ولو درسنا أهداف كل طرف من هذه الأطراف تجاه الأمة لوجدنا الصورة أوضح وأفصح فى تطابق أهدافهم تجاه أمتنا.
ما أهداف إسرائيل تجاه العراق والأمة؟ هى إضعاف الأمة وشل قدراتها المادية والمعنوية لكى تبقى فى وطننا فى فلسطين الحبيبة، ولكى تتوسع مع مرور الزمن، وفى ظل غياب الأمة وضعفها وتراجعها حتى تحقق أهدافها الكبرى فى إقامة الدولة اليهودية من الفرات إلى النيل، لذلك فهى تعمل على تجسيد التجزئة القائمة فى الأمة وترسيخ القطرية ثم محاولة تجزئة المجزئ وتحقيق المزيد من التفتيت والتمزيق لوطن الأمة وشعبها وتاريخها، وهذا هو هدف الغرب، عينه منذ ما قبل سايكس بيكو وإلى اليوم وسيبقى إلى يوم القيامة، وما غزو العراق من قبل أمريكا والغرب وتدميره بهذه الطريقة وبهذا الشكل وهذه الكيفية إلا لتحقيق هذا الهدف، والآن صار هذا المشروع مطروحا من قبل أمريكا وأوروبا بشكل علنى وصريح فى العراق، وفى مجموعة كبيرة من أقطار الأمة ودولها، وهو نفسه هدف إيران الفارسية المجوسية منذ آلاف السنين، كلما تتاح لها الفرصة وتواتيها الظروف تغزو الأمة وتحتل أرضها وتستبعد شعبها وتاريخ الصراع العربى الفارسى يشهد على ذلك.
لقد أراد حلف الغزاة الإمبريالى الأمريكى وأوروبا والصهيونية والصفوية الفارسية أن يحققوا هذا الهدف من غزوهم للعراق، لكن الله سلم فثار شعب العراق العظيم، وانتفضت قواه الوطنية والقومية والإسلامية وانطلقت مقاومته الباسلة فحطمت قوى الغزو وأوقفت جميع مشاريعه فى العراق والأمة، وهربت أمريكا من العراق كما قلنا، ولمزيد من الانتقام من شعب العراق سلمته إلى إيران الملالى وإيران الصفوية لكى يستمر القتل والتدمير والتشريد فى شعب العراق، ولكى يمضى المشروع الصفوى فى العراق وفي الأمة لتحقيق أهداف أمريكا وإسرائيل وإيران معا، خسئوا جميعا سنقاتلهم فى كل الميادين وبكل الوسائل وستنقض أمتنا معنا وسنحرر العراق من براثن الصفوية البغيضة بإذن الله.
- كيف ترى احتجاجات محافظات الغرب العراقى؟ ولماذا لم تستمر؟ ولماذا لم تدعمها بقية المحافظات؟
إن ما يسميه الإعلام الخارجي وبما فيه الإعلام العربى للأسف احتجاجات هو انتفاضة الشعب العراقى العظيم، وفى كل محافظاته ومدنه من البصرة إلى نينوى، ومن شرقه إلى غربه، ولكن الحصار الإعلامى الدولى والعربى الجائر المطبق على هذه الانتفاضة العارمة، وحملة القتل والبطش والاعتقالات والمطاردات والاغتيالات القائمة ليل نهار أوقفت وحجمت الانتفاضة فى أغلب محافظات الجنوب والفرات الأوسط، وذلك بسبب قوة الضغط والقتل وكثافة الميليشيات الإيرانية الصفوية المرتبطة بأحزاب وأطراف الحلف الصفوى، الذي يقود ويهيمن على العملية السياسية.
إن القوى الوطنية وفى طليعتها البعث فى الجنوب والفرات الأوسط مهددة بالإبادة الشاملة، وبرغم ذلك لازالت المظاهرات والاحتجاجات لم تنقطع فى جميع محافظات الجنوب والفرات الأوسط، ولقد رأيتم قبل فترة خرجت مظاهرة فى كربلاء تهتف بالروح بالدم نفديك يا صدام، للتعبير عن المزيد من التحدى، لكن مع الأسف أن التعتيم الإعلامى المحكم دولياً وعربياً على مقاومة العراق وقواه الوطنية لا يظهر الانتفاضة بحجمها وقوتها وأهدافها وفعلها وأدائها.
إن الانتفاضة باقية ومستمرة وستبقى وهى جزء أساسى من المشروع الوطنى للتحرير والاستقلال، وهى جزء أساسى من المشروع الوطني المواجه للاحتلال الصفوى للعراق.
- ما موقف المقاومة من أحداث مصر وتأثير ذلك على حركة المقاومة؟
لقد بين البعث وفى مناسبات كثيرة رأيه وموقفه من انتفاضة شعبنا المصرى المجيد، ومن انتفاضة شعبنا العربى فى كل أقطار الأمة التى شملتها الانتفاضات، وقلنا وحسب عقيدتنا ومبادئنا وإستراتيجيتنا الكفاحية ( إستراتيجية البعث والمقاومة ) هو انتفاضة الشعب فى تلك الأقطار العفوية النقية الأصيلة ضد الأنظمة الظالمة الباغية المتخلفة العميلة المستبدة، وهى تمثل امتداداً لمقاومتنا للاحتلال وعملائه، ونحن معها مع جماهير الأمة دائماً وأبداً فى تظاهراتها وفى انتفاضاتها وفى ثوراتها، ولكن كنا قد حذرنا فى وقت مبكر من خطورة الالتفاف على هذه الانتفاضات والثورات من القوى المعادية للأمة ولمسيرة تحررها ونهوضها وتقدمها، وذلك بسبب عفوية تلك الانتفاضات وغياب القيادة الثورية الواعية فتحولها تلك القوى إلى عبث على مسيرة الأمة بل تحولها إلى معول هدم وتخريب وتدمير وتقطيع وتفتيت، كما يحصل اليوم فى مصر العروبة وفى ليبيا واليمن وفى تونس وحتى فى سوريا، والحمد لله أن القوى الوطنية والقومية والإسلامية فى مصر وعلى رأسها جيش مصر العربى الأصيل قد انتهبوا فى وقت مبكر فجددت ثورة الخامس والعشرين بثورة الثلاثين من يونيو.
وفى هذه المناسبة أقدم تحياتي وتقديرى لجيش العروبة جيش مصر الكنانة، وإلى كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية التى أسهمت معه فى تفجير ثورة الثلاثين من يونيو، وأن موقفنا من الأوضاع فى مصر واضح وقد أصدرت القيادة القومية للحزب بياناً بشأنه، قلنا فيه إننا مع جيش مصر ومع شعبها فى كفاحها من أجل استعادة مصر لدورها القومى الطليعى فى مسيرة الأمة التحررية التقدمية الحضارية ونحن نتطلع بحرارة ولهفة وشوق لمثل هذا الدور القومى التحررى لمصر العروبة.
- وما هو تفسيركم لما يجرى فى سوريا؟
أما ما يجرى فى سوريا فقد بدأ فى أيامه الأولى ثورة شعبية وطنية بكل معانى الثورة، فأيدناها ونصرناها، ولكن كذلك حذرنا من الالتفاف عليها وحذرنا شعبنا فى سوريا وثوار سوريا من تآمر القوى الدولية، وخصوصاً أمريكا وأوروبا وحلف الناتو، وفعلاً وقع المحظور وحصل الاختراق الخطير للمقاومة والثورة، وذلك بدخول القوى الإسلامية المتطرفة والتكفيرية لكى تتكئ عليها أمريكا وأوروبا وحتى بعض العرب، لكى يتخلوا عن مساندة الشعب السورى وثورته، بل لكى ينحازوا إلى مساندة النظام ليستمر الصراع المسلح لتدمير سوريا تدميراً شاملاً، كما حصل فى العراق.
- وماذا بالنسبة للسعودية؟
أما المملكة العربية السعودية، فهى اليوم تمثل قاعدة الصمود والتصدى لكل المؤامرات والمحاولات التى تستهدف الأمة هوية ووجوداً، ولولا المملكة العربية السعودية لهيمنت إيران الصفوية على دول الخليج هيمنة مطلقة، ولعانت فساداً فى هذه المنطقة الحيوية من وطننا وأمتنا.
فحيا الله المملكة وحيا الله دورها المشرف ومواقفها الإيمانية العربية الأصيلة من ثورة الشعب السورى ومن البحرين والخليج عموماً، ومن شعب العراق وثورته ومن شعب مصر وجيشه وثورته ومن اليمن وفلسطين ولبنان والصومال، وحيث ما يوجد التهديد الحقيقى للأمة و مصالحها الأساسية.
إن ما حدث فى مصر من تغيير وما اتخذت المملكة من قرارات ومواقف أعادت الأمل لشعبنا العربى من المحيط إلى الخليج فى أن الأمة فيها من الإمكانات والقدرات، إذا استنفرت قادرة على النهوض القومى التحررى وقادرة على التصدي لكل من يريد النيل من سيادتها وخيراتها، ونحن نؤمن أن ثورة الخامس والعشرين التى فجرها الجيش والشعب معاً ستعود بمصر العروبة إلى دورها القومى التاريخى كطليعة رائدة فى مسيرة التحرير والتحرر والتوحد والتقدم والازدهار.
- معاناة العراقيين فى الخارج فاقت كل الحدود، كيف تنظرون إليها؟
إن معاناة العراقيين أيها الأخ واحدة فى الداخل والخارج، وبالتأكيد أنها فى الداخل أشد وأمر، لأن رجال الداخل هم الذين نهضوا بشرف الجهاد والمقاومة وهم الذين قدموا التضحيات الواسعة والسخية، وهذا لا يلغى ولا يقلل من تضحيات الخارج ونضالهم المتواصل لدعم مسيرة الجهاد والكفاح.
وليعلم أهلنا فى الخارج أن تواصل جهاد البعث والمقاومة على مدى ما يقرب من أحد عشر عاماً، بإيمان ثابت وعزم لا يلين يمثل النداء الصادق والمخلص لكل العراقيين الأصلاء الخيرين فى الخارج للعودة إلى وطنهم للمشاركة فى مسيرة شعبهم الجهادية ولمؤازرة مقاومتهم الباسلة.
إن ضفر المسيرة الجهادية هو الذى سيفتح الأبواب واسعة لعودة كل العراقيين إلى الوطن للمشاركة فى مسيرة البناء والتقدم.
- ما هو تقييمكم للموقف المصرى من تركيا بعد 30 يونيو، وكيف ترون حدود العلاقة المصرية مع حكومة المالكى قبل وبعد 30 يونيو؟
لكل دولة فى العالم ظروفها الداخلية والخاجية ولها مصالحها الوطنية والقومية ولا يجوز التدخل فى شئون أى دولة من الدول الأخرى الداخلية أو الاعتداء أو حتى المساس بمصالحها الوطنية والقومية، وللأسف أن الحكومة التركية لا تتورع فى التدخل الصريح والسافر فى شئون الدول العربية وبدون استثناء ويبدو أن هذه النظرة التى يغلب فيها الاستخفاف والتعالى وروح الوصايا، وأن مثل هذه النظرة ومثل هذه المواقف غير مقبولة ومدانة ويبدو أنها موروثة عن تاريخ الهيمنة التركية على الأمة تلك القرون الطويلة، والتى أهم ما ضيعت على الأمة فرصتها فى التوحد والنهوض والتقدم كما حصل للأمم الأخرى، فنحن مع حق الحكومة لامصرية وأى حكومة أخرى أن ترفض بقوة مثل هذا التصرف المنفلت وغير المسئول.
أما بشأن الموقف من حكومة المالكى كان موقف الحكومة السابقة أخطر برغم أننا نحترم القرار المصرى ونعرف أن مصلحة القطر مقدمة على مصلحة الأمة، ولكن أملنا كبير فى حكومة ثورة 30 يونيو أن تقف إلى جانب الشعب العراقى ومقاومته وثورته، لأن المالكى عدو للأمة وبالتالى فهو وحكومته الصفوية عدو لمصر.
- إلى متى تستمر المقاومة المسلحة ؟ وما إمكانات وحدود إجراء مصالحة تاريخية بين جميع الأطياف العراقية بما فيها حزب البعث والمجاهدين الإسلاميين؟
إن المقاومة قد ولدت من رحم شعب العراق المحتل وطنه والمهدد مستقبله ومستقبل أجياله، والمدمر بلده، لكى تقاوم الغزو والاحتلال حتى التحرير الكامل للبلد.
فبقاؤها تحمل السلاح وتقاتل وفق إستراتيجية التحرير الشامل والعميق والاستقلال الكامل، بإذن الله وستبقى روح المقاومة لدعم مسيرة إعادة البناء والتقدم.
أما الحديث عن المصالحة جاء بسبب الحصار الإعلامى الجائر على شعبنا ومقاومتنا الباسلة وبسبب التضليل الإعلامى الهائل وطمس الحقائق وتزوير التاريخ قد صار موضوع المصالحة عنوان للنيل من شعب العراق العظيم الحضارى الإنسانى فى العراق اليوم.
أيها الأخ، الشعب موحد من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه ومن أقصى شرقه إلى أقصى غربه، وولدت من هذا الشعب الواحد مقاومته الباسلة الواحدة فهما موحدان، فهى موحدة من أقصى يمينها إلى أقصى شمالها على أهداف مركزية وهى هدف مقاومة الغزاة وقتالهم حتى التحرير الكامل وهدف إقامة الحكم الوطنى التعددى الديمقراطى، وهدف البناء والتقدم والتطور الحضارى وهدف إعادة العراق إلى أمته كجزء أساسى لا يتجزأ من الأمة العربية.
وفى العراق الطرف الثانى هو الغزاة وعملاؤهم وأذنابهم وجواسيسهم وحلفاؤهم وبشكل خاص الاحتلال الإيرانى الصفوى وعملائه وأدواته، فمع من تقيم المصالحة؟ وأبشرك بأن الإسلاميين الحقيقيين هم فى طليعة الجهاد فى العراق، أما الإسلاميين التكفيريين والإسلاميين الطائفيين فهم جزء من المحتل وهم جزء من عملائه وأذنابه، خصوصا الأحزاب الإسلامية الصفوية التى تكفر الآخرين وتنفذ مشروعا طائفيا بغيضا لتعزيز الاحتلال الإيرانى للعراق، ثم الأحزاب الإسلامية السنية الطائفية العميلة والخائنة والتى تكفر الآخرين.
- لماذا تراجعت تظاهرات العراقيين فى الميادين؟ ومتى ينزلون إلى الشوارع كما حصل فى دول عربية أخرى لنيل حقوقهم؟
لم تتراجع التظاهرات، ولم تتوقف وهى جارية فى كل محافظات القطر برغم الحصار والمحاصرة والقمع الشديد بل والاختطاف والقتل لرموزها وللناشطين فيها.
أما انتفاضة المحافظات الستة ثم التحقت الآن معها ذى قار، فأصبحت سبع محافظات قد شنت السلطة الصفوية حملة عنيفة ضد الاعتصامات وضد صلاة الجمع، وقتلت المئات من نشطائها وقادتها، وحتما قد سمعت ما حصل لاعتصام الحويجة ونينوى والفلوجة وسليمان بيك والشرقاط وتكريت، وآخر شهيد قتل هو قائد الفلوجة الشيخ خالد الجميلى رحمة الله عليه.
إن التظاهرات والاعتصامات فى العراق ليست كما هى فى دول العالم وحتى الدول العربية، أنها تمثل جزءا من معركة مع عدو تاريخى مبدئى أى عقائدى انتقامى هدفه قتل الشعب وليس قتل أفراد أو أحزاب منه، قتلوا العشرات من أئمة المساجد وخطباء الجمع والآلاف من المصلين وهم فى صلاتهم وداخل الجوامع فى العراق تجرى حرب إبادة لشعب العراق من قبل إيران الصفوية وبتواطؤ أمريكى غربى، وسيأتى اليوم الذى ستلتحم هذه الاعتصامات والتظاهرات مع المقاومة الباسلة لكى تنطلق مسيرة التحرير لطرد إيران الصفوية وعملائها وتطهير أرض العراق من دنسهم.
- متى تتوقف التفجيرات فى المدن العراقية؟
التفجيرات والاغتيالات والاعتقالات والإعدامات هى وليدة الغزو والاحتلال وتداعياته وهى جزء أساسى من المخطط الصفوى الفارسى لتفريغ العراق من أهله لكى يتمكنوا من أحكام قبضتهم عليه، ثم ابتلاعه وتحويله إلى إقليم من أقاليم دولتهم الصفوية المجوسية.
هذا هو المخطط الصفوى فى العراق العامل لجعل العراق قاعدة انطلاقهم إلى الأمة وإلى الخليج والمملكة العربية السعودية بشكل خاص ثم إلى أقطار الأمة الأخرى.
التفجيرات ستتوقف عندما تتلاحم قوى الشعب وتقف صفا واحدا أمام هذا المد لإيران الصفوية الخطير ويتحطم مشروعها، وأن هذا اليوم لات لا ريب فيه بإذن الله ومعركة التحرير لن تتوقف حتى تطهر آخر شبر من أرض العراق من دنس إيران وعملائها، وحتى يعود العراق إلى أهله وأمته حرا محررا سليما معافى لكى يأخذ دوره الطليعى فى مسيرتها.
- قريبا تجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية فى العراق هل تتوقعون أن يتغير واقع المواطن العراقى؟
كلا بل سيزداد سوءا لأن ما يجرى فى العراق من انتخابات هو جزء أساسى من العملية السياسية المخابراتية لتنفيذ مشروع الاحتلال الإمبريالى الصهيونى الصفوى وليس له علاقة بالديمقراطية، وليس للشعب فيما يجرى أى مصلحة إذا بقيت العملية السياسية بدستورها وبرموزها وعناوينها، وخصوصا حزب الدعوة الصفوى وقيادته وبقيت الهيمنة المطلقة لإيران على الأحزاب والكيانات الإسلامية الطائفية سواء فى الوسط السنى الطائفى أو فى الوسط الشيعى الطائفى، إلا إذا أتت قيادات وعناوين لهذه الأحزاب غير طائفية ومتحررة من التأثير الأمريكى والإيرانى وتخلص ولاؤها للشعب والوطن، آنذاك قد يحصل تغيير جدى فى مسار العمل السياسى، وذلك ببناء عملية سياسية وطنية ومستقلة يستطيع الشعب أن يقول كلمته فيها ويستطيع أن يعبر عن إرادته الحرة.
كيف تطبق الديمقراطية والبلد محتل احتلالا مباشرا من قبل حلف الغزاة أمريكا والصهيونية وإيران الصفوية التى كلفت من قبل هذا الحلف بعد هروب أمريكا لاحتلال العراق والسيطرة على مجرى الحياة فيه، وفى كل ميادينها ومستوياتها؟ كيف يستطع الشعب أن يعبر عن إرادته فى انتخابات وهو موضوع تحت مظلة الهيمنة المطلقة لإيران من خلال عملائها وأذنابها وأجهزتها المخابراتية والعسكرية وبشكل مكشوف وصريح؟ كيف يستطع أن يعبر عن إرادته الحرة وهو يواجه حملة إبادة جماعية فى كل مدنه وقراه وأريافه وبواديه فى كل يوم مئات القتلى ومئات الموقوفين ومطاردات ومداهمات وعلى امتداد مساحة العراق.
إن شعب العراق يواجه مجزرة لم يشهدها أى شعب من شعوب العالم اليوم أن الحل الوحيد للعراق وشعب العراق هو التوحد والالتفاف حول مقاومته الباسلة وخلف قواه الوطنية والقومية والإسلامية لكنس هذه العملية ومن يقف خلفها ورموزها وعناوينها الذين أوغلوا فى جرائمهم وعاثوا فى العراق فسادا، وحتما سيحصل مثل هذا التحول وينسحب الكثير من الخيرين من هذه العملية القذرة ويلتحقون بمسيرة شعبهم للتحرير والاستقلال وإعادة بناء الوطن، خصوصا من قبل الكيانات والأحزاب العاملة أو الموجودة فى مناطق الجنوب والفرات الأوسط.