أقيمت ليلة أمس مباراة ودية جمعت منتخب كتالونيا ضد منتخب الرأس الأخضر حيث انتهت المباراة بفوز الكتلان 4-1.
الجميع يعلم أن إقليم كتالونيا يطالب بالاستقلال عن إسبانيا منذ أمد بعيد ويواصل شعبها المطالبة بحقوقه بشتى الطرق ولعل كرة القدم هي احدى الوسائل من أجل إيصال قضيتهم إلى المجتمع الدولي.
لعل نادي برشلونة ممثلاً بفريقه لكرة القدم هو أقوى الأسلحة التي تحاول من خلالها كتالونيا إيصال رسالتهم بالاستقلال معتمدة على شهرة هذا الفريق عالمياً وشهرة نجومها الكتلان أيضاً.
منتخب كتالونيا هو أحد هذه الوسائل أيضاً ولو بأهمية أقل لكن يبقى هذا المنتخب حاضراً عبر المباريات الودية لمواصلة إيصال رسالة الإستقلال التي يحلم بها كل كتلوني.
من هنا تأتي فكرة ومحور هذا التقرير الذي يسلط الضوء على هذا الإقليم المهمش ممثلاً بأقوى وسيلة إعلامية يملكها ألا وهو فريق برشلونة لكرة القدم.
لمحة تاريخية:
يعود تاريخ إقليم كتالونيا في المطالبة بالاستقلال إلى القرن السابع عشر عندما نجحت في الاستقلال تارة (وكانت تحت الحماية الفرنسية) وتارة كونت جزءاً من مملكة إسبانيا.
استمر الوضع كذلك حتى زمن الحرب الأهلية الإسبانية في ثلاثينات القرن الماضي وتحديداً عندما أجبر الدكتاتور الإسباني فرانكو إقليم كتالونيا بعدم تداول اللغة الكتالونية محاولاً إضفاء الصبغة الإسبانية على الإقليم.
استمرت السيطرة الدكتاتورية على كتالونيا حتى سبعينات القرن الماضي عندما استطاع الإقليم الحصول على بعض المزايا السياسية والثقافية كحقهم في تدريس اللغة الكتالونية في مدارسهم وشكلوا حكومة خاصة بالإقليم ممارسين نوع من أنواع الحكم الذاتي.
أشكال الممارسة الإستقلالية عن الحكومة المركزية:
- حكومة كتالونية للإقليم.
- قوى أمن كتالونية خاصة.
- إدارة الصحة والتعليم والثقافة والبيئة والمواصلات وغيرها في الإقليم.
- مشاركة الحكومة المركزية صنع القرارات.
- حرية إعتبار نفسهم أمة مستقلة لها علمها الخاص ونشيدها الوطني الخاص.
- لها بعض القوانين الخاصة والتي لا تُطبق إلا في الإقليم.
على الرغم من هذه المظاهر الإستقلالية الممنوحة للإقليم إلا أن شعبها يطالب بالاستقلال التام وذلك لأن مصير كتالونيا في النهاية هو مصير إسبانيا وحكومتها المركزية في مدريد والذي يُطبق على إسبانيا يُطبق على إقليم كتالونيا أيضاً.
لمحة جغرافية:
تبلغ مساحة كتالونيا حوالي 32 ألف كم مربع وشعبها يقارب السبعة ملايين نسمة… وتتكون من أربع مقاطعات.. أكبرها وأشهرها برشلونة والتي تمثل مدينتها عاصمة الإقليم.
يحدها من برياً كل من فرنسا وأندورا والأقاليم الإسبانية ولها ساحل على البحر الأبيض المتوسط.
لمحة إقتصادية:
يتمتع إقليم كتالونيا باقتصاد قوي ومتنوع بتنوع مصادر قوته من الصناعة والسياحة والزراعة والتجارة حيث يبلغ دخل الفرد السنوي في الإقليم 30 ألف يورو سنوياً وهو مساو لدخل الفرد في بريطانيا مثلاً.
ويبلغ الناتج القومي الإجمالي سنوياً للإقليم 250 مليار يورو وهو الناتج الأعلى بين جميع الأقاليم الإسبانية.. في المقابل يبلغ ديون الإقليم 15 مليار يورو.
وهي من أكبر المدن المزدهرة على مستوى أوروبا كلها.
منتخب كتالونيا القومي:
تشكل أول منتخب رسمي للإقليم عام 1904 ولعب حينها مع عدة فرق محلية قبل أن يلعب أول مباراة دولية ودية ضد المنتخب الفرنسي عام 1912 في باريس وخسروها 7-0.
منذ تأسيسه خاض المنتخب أكثر من 200 مباراة ضد فرق ومنتخبات عالمية وكانت أبرزها ضد الأرجنتين في عدة مناسبات والبرازيل ونيجيريا وتونس وكولومبيا والإتحاد السوفياتي وتشيلي وفرنسا والدنمارك وغيرها.
أشهر مدرب درب المنتخب كان الهولندي يوهان كرويف ويدرب الفريق حالياً هو لاعب برشلونة السابق جيرارد لوبيز.
بسبب عم إعتراف الفيفا ولا الإتحاد الأوروبي بهذا المنتخب فإن منتخب كتالونيا وجه الدعوة لبعض النجوم كي يلعبوا بقميصه بعض المباريات كالدبابة البلغارية خريستو ستويشكوف ويوهان كرويف وألفريدو دي ستيفانو الذي كان لاعباً في برشلونة حينها وأندرياس انيستا وغيرهم.
نادي برشلونة:
لا أحد يُنكر أن نادي برشلونة ممثلاً بفريق كرة القدم عرّف العالم بقضية شعب كتالونيا.. مليارات البشر حول العالم والتي تتابع مباريات هذا الفريق عبر شاشات التلفاز.. ترى ملعب الكامب نو وهو مزين بألوان كتالونيا وأعلامها.. والجماهير الغفيرة في الملعب تغني أغنية الفريق الكتالونية والتي باتت شهيرة جداً.. وهذه المليارات ترى وتسمع وتقرأ تصريحات نجوم الفريق الكتلان وهو يتحدثون عن قضية الإقليم ويرددون مطالب شعبها العادلة في الإستقلال.. وملايين السائحين يزورون برشلونة سنوياً ويلمسون عن قرب مطالب الشعب الكتالوني في الحرية والإستقلال.
منتخب محترم:
لطالما كان فريق برشلونة هو الرافد الرئيسي لمنتخب كتالونيا.. كيف لا وهو فريق من الأقوى في العالم ومدرسته لتفريخ الناشئين هي الأشهر في العالم.
لذلك..لو افترضنا أن منتخب كتالونيا بات معترفاً به من قبل الإتحاد الدولي والإتحاد الأوروبي وشارك في المسابقات المختلفة مثل كأس أمم أوروبا وكأس العالم وجاءت تشكيلة المنتخب على النحو التالي:
حراسة المرمى: فيكتور فالديس.
الدفاع: مارتن مونتويا- جيرارد بيكيه- كارليس بويول- جوردي ألبا.
الوسط: سيرجيو بوسكيتس- تشافي- سيسك فابريغاس- سيرجي روبرتو.
الهجوم: بويان كريكتش- كريستيان تيو (إسحاق كوينكا).
المدرب: بيب جوارديولا.
ألا تعتقد عزيزي القارئ أن منتخباً كهذا من أبناء كتالونيا سيكون قادراً على المنافسة وبقوة؟
في النهاية، أعتقد أن فريق برشلونة هو أكثر من مجرد فريق كرة قدم.. هو صاحب قضية وطنية بالدرجة الأولى يقدمها للعالم على شكل متعة وإثارة ونشوة كروية لا متناهية.. إنه فريق يحمل أحلام أمة.