الرئيسية / تقارير وحوارات / صنعاء القديمة بين سندان المؤسسات الأمنية ومطرقة الإهمال
صنعاء القديمة بين سندان المؤسسات الأمنية ومطرقة الإهمال

صنعاء القديمة بين سندان المؤسسات الأمنية ومطرقة الإهمال

22 ديسمبر 2013 10:44 مساء (يمن برس)
ذات صباح كانت صنعاء القديمة على موعدٍ مع حدثٍ دامٍ لم يكن ليخطر ببال هذه المدينة الوادعة ولا أهلها الطيبون.

فبينما هي خارجةٌ من حمامها الشمسي كعادتها كل صباح فوجئت بسحابة وبارود يملئان سماءها، ودوي هائل تهتكت معه الكثير من نوافذ منازلها الجميلة، أعقبه سيل من الرصاص الذي لم تسلم منه العديد من مباني صنعاء القديمة ذات الألق الطيني المميز.

إنها صنعاء المخلوقة من الطين، كأنها آلمها ما حل بإخوانها الذين تشترك معهم في مادة الخلق الأولى ألا وهي الطين، في حنايا مستشفى العرضي بمجمع وزارة الدفاع، هناك على مرمى حجر منها، حيث هز انفجار عنيف وسط العاصمة لتستفيق معه صنعاء القديمة مذعورةً من هول المشهد والصوت، وهي التي تعودت أن تستفيق على وقع أقدام الناس المارة وأصوات البائعين في أسواقها الساحرة والمكتظة بمئات بل بآلاف الناس المذهولين من سحرها الأخاذ.

في 5 /12/2013م كانت الفاجعة حينما هاجم مسلحون مجمع وزارة الدفاع وقاموا بقتل العشرات وجرح المئات وبطريقة لم يكن لها مثيل في الوحشية.

لكن ما يهمنا هنا هو الأضرار التي لحقت بصنعاء القديمة جراء الحادث.

ففي وقتٍ لاحق أكد أمين عام اللجنة الوطنية لليونسكو الدكتور احمد المعمري تعرض عدد من مباني ومنازل صنعاء القديمة لأضرار مختلفة جراء التفجير الإرهابي الذي حدث في مجمع العرضي، وعلى رأسها مبنى هيئة المدن التاريخية ومبنى البيت الصنعاني.

وأوضح في حوار مع صحيفة الجمهورية أنه حتى الآن لا توجد إحصائية شاملة لعدد المنازل المتضررة، لكن تقارير ومصادر أكدت تعرض عدد من المنازل لأضرار مختلفة، وبالتحديد المنازل التي قيل بأن مسلحين شاركوا منها في الهجوم على مجمع الدفاع.

أم سبأ ربة أحد المنازل المقابلة لصنعاء القديمة، حكت لنا عن هول ما رأته ذلك اليوم، تقول " أنا كنت لحظتها قد أغلقت بيتي وذهبت إلى سوق باب اليمن بعض الأغذية، وهناك سمعت الانفجار ولم أستطيع الوقوف لأن الانفجار كان قريب من منزلي وبينما أنا بجانب المنزل إذا بقطع ترابية وزجاجات وغيرها تتساقط علي وعلى المارة بجانب المنزل الذين كانوا مرعوبين من هول الانفجار".

وأضافت " دخلت منزلي وكنت قد تغطيت بالتراب الذي كان يهطل كالمطر من بيوت صنعاء القديمة,كونها لا تتحمل مثل هذا الانفجار القوي".

وتضيف أم سبأ أنها صعقت لما تذكرت أن بناتها كن نائمات هناك، حيث سارعت إلى غرفتهن لتجدهن يصرخن من الخوف عند سماع الانفجار وقد غطاهن الغبار والزجاج،

إلى جانب والدهن الكبير في السن الذي تغطى هو الآخر بالزجاج والغبار المتناثر في أرجاء الغرفة.

أعتقد أنه من خلال حديث أم سبأ يتبين لنا بعض ملامح الأضرار التي لحقت بمنازل صنعاء القديمة المجاورة لوزارة الدفاع.

إهمال غير لائق
يواصل الدكتور احمد المعمري أمين عام اللجنة الوطنية لليونسكو حديثة، لكن هذه المرة حول الإهمال الذي تتعرض له هذه المدينة التاريخية والفريدة، حيث يؤكد بأنها لن تخرج من قائمة التراث، لكنه يضيف "هناك مشكلة إهمال غير لائقة بمكانة صنعاء القديمة، سواءً إهمال شعبي بسبب قلة الوعي لدى الناس، وكذلك إهمال حكومي لعدة أسباب منها ما هو مادي ومنها ما هو غير مادي.

معالم تحولت إلى حضائر للأبقار
يشعر المتجول في حنايا صنعاء القديمة بغصة حينما يرى بعض الأماكن والمزارع وقد تحولت إلى حظيرة أبقار.

فهذه "مقشامة خضير" أصبحت مكان للأبقار، في حين المتعهد "بمقشامة الجوزة" بحي العلمي قام بتحويلها إلى موقف خاص بالسيارات.

إلى جانب هذا الإهمال الكبير لهذه المدينة التاريخية، يوجد بلاء آخر ضاعف من مأساتها ومأساة ساكنيها، ألا وهي تواجد عدد كبير من المقار الأمنية الحساسة حولها، وعلى رأسها وزارة الدفاع والأمن القومي.

لأن تواجد هذه المؤسسات الحساسة على مقربة من مدينة سياحية ساهم في التضييق على ساكنيها وزوارها أيضاً.

لذلك يطالب أبناء هذه المدينة الدولة بضرورة إبعاد هذه المؤسسات الأمنية من محيط صنعاء القديمة، وبذل جهود أكبر لحمايتها من الإهمال الذي يطالها.
شارك الخبر