لا يخفى على أولياء الأمور ما تضمه الألعاب الإلكترونية من مشاهد غير أخلاقية وغير محتشمة بالنسبة لمجتمعاتنا العربية المحافظة. ويؤدي التعمق الشديد في الألعاب وممارستها بشكل يومي ولفترات طويلة إلى العزلة الاجتماعية وفقدان القدرة على التفكير الحر وتحديد مقدرة الدماغ على التحليل والإبداع.
ويمكن تحفيز الأبناء للمشاركة في نشاطات حركية كممارسة الألعاب في الهواء الطلق، وتحديد ميولهم وهواياتهم، وإشراكهم في برامج خاصة تساعدهم على تنمية حس الإبداع والتفكير الحر، وأهم عامل هو مراقبة الأطفال.
ضعف العلاقات الاجتماعية
ولي الأمر خليل محمد الحوسني قال إن إدمان الأطفال على الألعاب الإلكترونية والإنترنت مسألة خطيرة جداً، فهي تتسبب في ضعف العلاقات الاجتماعية، وعدم القدرة على التحمل ومواجهة المواقف الطبيعية، إلا بالعصبية والعنف. وهذا يرجع إلى نوع الألعاب التي يمارسها الطفل الذي يرغب في إنهاء المشكلة في اللعبة، إما بالأمر..
كما يلعب، أو الخسارة، ومن ثم العصبية والغضب إذا لم تحل هذه المشكلة، لأنه يعتبر نفسه قد خسر اللعبة، فيسبب مشكلات كبيرة في البيت، وإن حقق الفوز فيجب على كل من في البيت الانصياع لأوامره، كما في اللعبة، وإن خسر تراه ينسحب أو يلجأ إلى العنف اللفظي أو الجسدي أو السكوت التام، وهو موقف لا يعتبر طبيعياً بالنسبة للصغار.
وأضاف الحوسني إن الآباء يعرفون أبناءهم وميولهم وطباعهم وقدراتهم وشخصياتهم. ومن هذا المنطلق يحتاج ولي الأمر إلى إيجاد علاج مناسب، في حال كان ابنه مدمناً على الألعاب الإلكترونية، وذلك حسب شخصيته. فقد يضطر إلى مصادقة ابنه والخروج معه، أو أن يكلفه بالقيام بالمسؤوليات بشكل تدريجي حتى يكسبه الثقة بنفسه والقدرة على حل المشكلات..
ويمكن لولي الأمر أن يشارك ابنه اللعب في تلك الألعاب الإلكترونية لفترة معينة، يتم خلالها التحدث عن اللعبة، لمعرفة أهدافها وأخطارها. ويفضل أن يبادر الطفل باكتشاف تلك العيوب والأخطاء وتأثيرها عليه، كما يجب على ولي الأمر أن يحدد وقتاً معيناً لممارسة تلك الألعاب، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة والتواصل مع الأهل والضيوف.
وقد يحتاج بعض الأبناء إلى طريقة التثقيف الذاتي من خلال القراءة أو كتابة بحث أو قصة، وإن لم تنفع الأساليب السابقة، فعلى ولي الأمر التواصل مع الاختصاصي النفسي في المدرسة، لفتح ملف لدراسة حالة ابنه للتوصل لعلاج مشكلة الإدمان على تلك الألعاب.
مسؤولية أولياء الأمور
أما محمد علي جاسم، ولي أمر، فيؤكد أن مسؤولية إدمان الألعاب الإلكترونية من قبل الطفل تقع على عاتق الأسرة أولاً، فهي المسؤولة عن متابعة الطالب. أما المدرسة فعليها إبلاغ الأسرة في حال ملاحظة تغير في سلوك الطالب، وضعف في التحصيل الدراسي لديه، ما يستوجب تعاوناً بين البيت والمدرسة لتدارك المشكلة.
فمسؤولية ولي الأمر حيال ابنه هي المتابعة وتنظيم الوقت وتحديد ساعات معينة للألعاب الإلكترونية وأن يشغل وقت فراغه بإشراكه في أحد النوادي الرياضية أو المراكز الثقافية، ليمارس هواية مفيدة. كما يجب أن تكون الثقة موجودة بين الأب وابنه، وكذلك الاحترام، بعيداً عن الشدة، فإن اختلت الثقة، يجب على الأب أن يسلك سبيل الحزم، حتى لا يتمادى ابنه في الخطأ.
أعراض لا حصر لها
من ناحيتها تؤكد ميسون الشاعر نائب مدير إدارة ورئيس قسم التغذية والتعليم الطبي المستمر في طبية الشارقة، أن استخدام الأطفال للألعاب الإلكترونية تؤدي إلى عزوفهم عن النشاط البدني...
وتجعلهم يتناولون وجبات غذائية بكميات كبيرة غير صحية للتسلية فقط، وليس للتغذية. وقد يكون لها تأثير سلبي آخر على الأطفال، وهو عزوفهم عن تناول الوجبات الرئيسة، ما يسبب العصبية وضعف البصر والصداع. وتتمثل مخاطر الألعاب الإلكترونية على صحة الأطفال بصور عدة، منها ما يتصل بالصحة الجسدية، والسلوك والعادات اليومية.
وأوضحت الشاعر أن الجلوس لفترات طويلة أمام شاشات الألعاب الإلكترونية وبطريقة غير صحيحة، يؤدي إلى إصابة الرقبة والظهر والأطراف، والتهاب المثانة، لأن الطفل الذي يجلس ليلعب لساعات، ينسى فيها حتى قضاء حاجته، وأن طول هذه الفترة والجلوس لأوقات متأخرة، يؤدي إلى اضطراب النوم، ما يضعف المناعة. كما أنّ المستويات العالية والوميض المتقطع من الإضاءة، يسبب حدوث نوبات من الصرع للأطفال.
فهذا الوميض يجعل حركة العين سريعة، ما يزيد من فرص إجهادها، إضافة إلى أن مجالات الأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من الشاشة تؤدي إلى احمرار العينين والجفاف والزغللة، وكلها أعراض تعطي الإحساس بالصداع والشعور بالإجهاد البدني.
وأحياناً القلق والاكتئاب الذي يؤثر بدوره على الحالة المزاجية والانفعالية. إلى جانب أن الاستخدام الزائد لألعاب الكمبيوتر الاهتزازية يزيد من احتمال حدوث مرض الرعاش للأذرع والكف، كما أن مجموعة من الإصابات الخاصة بالجهاز العضلي والعظمي تظهر نتيجة الحركة السريعة المتكررة في الألعاب، إذ إن كثرة حركة الأصابع على لوحة المفاتيح والفأرة ويد «البلايستيشن» تسبب أضراراً بالغة لإصبع الإبهام ومفصل الرسغ نتيجة ثنيهما بصورة مستمرة.