عيبان علي مقبل الكوكباني مدير ادارة الاتصالات والعمليات بدائرة التوجيه المعنوي يكاد يكون من موظفي التحويلة المشهورين إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في اليمن، يعرفه جميع المسؤولين ابتداءً من رئاسة الدولة والحكومة، وكثيراً ما يلجأون إليه لمعرفة أو الاستفسار عن رقم هاتف أكان داخل اليمن أو خارجه، بل أن كثيراً ما يتلقى اتصالات من بعثاتنا اليمنية في الخارج للسؤال عن رقم مسؤول ما أو توصيلهم به.
يؤكد عيبان أنه يشعر بالمتعة في عمله من خلال التواصل والمعرفة بالاضافة الى لذة التواصل -كما يقول- حيث انه في بعض الأحيان يكون أول من يعرف بخبر ما.
كما يؤكد أن كل رقم يسمعه ويقوم بطلبه يحفظه قبل أن يدوّنه، وبذلك فهو يحفظ في كل يوم بحدود 10 أرقام تقريباً، أما إجمالاً فهو يحفظ ما يقارب أربعة آلاف رقم.
لقد اكتسب عيبان من مهنته هذه كما يقول ثقة الناس واحترامهم ومساحة واسعة من العلاقات الاجتماعية الوطيدة.. تابعونا لنرى ماذا قال عيبان أيضاً:
> كيف ترى أهمية ما تقوم به من عمل؟
>> لا تستطيع تحديد مستوى أهمية أي عمل تقوم به طالما أنت تعمل وتجني آثاره وتراه أمام عينيك.. فمن منا يدرك كل الأهمية التي تميز ما يقوم به مالم يتوقف عن ذلك.
أن تكون همزة الوصل بين كل من تعرف مع كل من لا تعرف أو العكس، أو أن تقوم بتوصيل التعليمات وتلقيها أو حتى مجرد توصيل المكالمات من وإلى الداخل، أو أن يكون عليك لزاماً أن تدوّن وتحفظ كل ما يرد اليك ويصدر عنك من الأرقام وأسماء أصحابها، وأحياناً وظائفهم وكل أقاربهم ، والأندر حتى أرقام جيرانهم!!؟
ولك أن تتخيل أهمية وحتمية ما نقوم به - كضرورة- قديماً قبل الاسلام كان «النسابة» أهم من يجب أن توفيه القبيلة إذا ما عزمت إقامة موسم للتعبد أو التجارة.. باختصار التحويلة ليست مجرد استقبال مكالمة أو توصيلها.
متعة خاصة
> هل تجد متعة في عملك وما هو مصدر هذا المتعة؟
>> يردد خبراء الإدارة والمهن دائماً عليك أن تجعل مما تقوم به متعة وترفيه قدر ما تستطيع، كما عليك أن تبحث عن مكامن المتعة في تفاصيل عملك أياً كان.
وفي عملنا تكمن المتعة في أكثر من ناحية لا تحضرني جميعها، ولكن أهم ما يعجبني هو كوني أقوم بعمل هام وأظنني - ولا أزكي نفسي- أؤديه بكفاءة اكتسب بها ثقة الناس.
بالإضافة الى متعة خاصة ورائعة قد لا يعرفها الكثيرون، وهي متعة المعرفة ولذة التواصل بأن تكون في أكثر الاحيان أول من يعرف وأول من يبلغ، على أن هذه المتعة ليست رائعة دائماً، فقد تعرف أو تبلغ بخبر يعد فاجعة أو يبعث الحزن والأسى، أو يجعلك ساهراً لا تنام.. الأصل كما أسلفت متعة العمل وثقة الناس ولذة المعرفة.
آلاف الأرقام
> هل تعرف كم عدد الأرقام التي تحفظها تقريباً؟
>> أخشى أن أعرف فلا أعود بعدها أعرف.. سألت نفسي كثيراً كم أحفظ كما سُئلت من قبل الكثيرين، وما أن بدأت أفكر بجدية في الإجابة حتى شعرت بأنني أرهق ذاكرتي وقدراتي الذهنية، ثم بدأت أتهيأ للنسيان.. وبالتالي قررت أن لا أعرف.. ولأكون واقعياً أكثر أقول أحياناً تمضي ساعات طويلة دون أن يطلب مني رقم، وفي معظم الأحيان أكون في غضون 20 ثانية استلم مكالمتين وأخرج مكالمة وأدوّن رقمين أو اسمين وأبحث عن آخر وعلى كل أذن سماعة والسماعة المكبرة للصوت تعمل هناك.. كل رقم اسمعه وأقوم بطلبه قبل أن أدوّنه أحفظه بإذن الله، والحمد لله كل رقم يطلبه مني أحدهم وأبحث عنه لدى زملاء المهنة في القطاعات المختلفة لا أنساه أبداً والحمد لله.. وإذا قلنا تقريباً احفظ في كل يوم 10 أرقام تقريباً بإجمالي غير مؤكد قد يصل الى الاف الأرقام حوالى 2000 الى 4000 رقم.
أريد أن أضيف أن المولى عز وجل يهب كل شخص المواهب والمواصفات الخاصة التي تؤهله ليكون مناسباً للعمل الذي قدره له الله سبحانه وتعالى.
> ماذا أكسبتك هذه المهنة اجتماعياً؟
>> كما قلت سابقاً ثقة الناس وكم كبير من الاحترام ومساحة واسعة من العلاقات الاجتماعية الوطيدة.
أغرب ما في الموضوع أن هناك الكثير والكثير جداً من الناس الذين أعرفهم عبر الهاتف لم أرهم قط أو ربما أكون قد رأيتهم مرة واحدة أو مرتين.
عبر الهاتف
> خارج دائرة عملك، هل هناك من يتصل بك لطلب أرقام هواتف؟
>> نعم بعض من يتصلون أحياناً يلجأون للاتصال بي لأخذ رقم أو تعديله.
شعور بالملل
> هل هناك من يتصلون من خارج اليمن للاستفسار عن أرقام؟
>> نعم وهم في الأغلب يمنيون مسافرون أو يمنيون لهم وظائف رسمية أو دبلوماسية في الخارج يبحثون عن أرقام داخل اليمن.
> هل يلاحقونك بطلباتهم في وقت راحتك وأنت في منزلك مثلاً.. وهل يضايقك ذلك؟
>> قبل حوالى عام شعرت بألم في أذني اليسرى واضطررت الى دخول المستشفى وخضعت لعملية جراحية.. وبالتالي حصلت على إجازة إجبارية دامت حوالى شهر.. لا استطيع أولاً أن أخبرك بكمية الضجر والشعور بالملل الذي أنتابني لأني لا أعمل.
مع ذلك لم أكن في إجازة دائمة بل كنت بين الحين والآخر أتلقى مكالمة على هاتفي الموبايل من زملائي أو غيرهم يبحث عن رقم أو غيره ماذا أقول؟.. قد يضيق أي شخص وأنا كذلك.
وصدقني أصعب ما في الأمر هو فهم الحالة الشعورية حيال ذلك، ولك أن تتخيل أو تتصور وقل ما شئت.. ولكم مني تحية هاتفية بدون كلفة.
**نقلاً عن صحيفة الاتحاد الاماراتية