على مدى شهرين متتالين تقتل قوات الحرس «الجمهوري» مواطني مديريات أرحب ونهم وبني الحارث بوحشية بالغة، وتقصف منازلهم ومزارعهم وممتلكاتهم بضراوة غير معهودة، كما لو أن غازياً أجنبياً قد وطأت قدماه البلاد.
وإلى القصف العنيف الذي أتى على عشرات المنازل، فهنالك خطف الجرحى وهم ينزفون دماً، وقنص المزارعين في الوديان، والسطو على الثمار والممتلكات، ومحاصرة القرى، وتشريد السكان إلى مغارات الجبال، وإتلاف آبار الشرب ومزارع العنب والقات.
عشرات المنازل تتعرض لتدمير كلي وجزئي
هذه صور جديدة لمنازل في مديرية أرحب المحاذية للعاصمة صنعاء؛ أحالتها صواريخ الجيش العائلي إلى أطلال بعد أن كانت عامرة بأهلها البسطاء الطيبين.
ووفقاً لإحصاءات أولية فإن عشرات المنازل طالها القصف، وتعرض البعض منها لتدمير كلي، والبعض الآخر لتدمير وأضرار جزئية، ولا سيما المنازل القريبة من تمركز ألوية الحرس.
بالحساب المنطقي، هي لم تقصف المنازل فحسب، بل اغتالت سنوات من الكد والجهد والذكريات الجميلة، فكم يا ترى من الوقت والعرق والمال والهموم أصحاب هذه المنزل حتى أكملوا بناءها بهذه الطريقة المتواضعة؟!
أبناء الأسرة المستبدة لا يعرفون حجم الجهد المضني والمصاعب الجمة وعدد السنوات التي يستغرقها المواطن اليمني -في ظل نظام حكمهم أبيهم- حتى يبني له بيتاً يأوي أطفاله، لا يعلمون أن جل عمر المواطن و»تحويشة» حياته تذهب كمصاريف لبناء السكن، ولذلك لا يبالون بشيء، هم لا يرون سوى الحفاظ على الكرسي، ولو أحالوا اليمن إلى قاعٍ صفصف!!
«القصبة»..قنص المواطنين في مزارعهم والسطو عليها
قرية القصبة إحدى قرى عزلة شعب المنكوبة التي وضعها القدر على فوهة ترسانة الحرس الجمهوري بألويته المتعددة, فموقعها بجوار جبل الصمع وهضبة فريجة جعل المعسكرات تحيط بها من ثلاث جهات, وهي لا تبعد عن موقع معسكر 62 أكثر من كيلو متر واحد.
وما زاد من مأساتها وفاجعتها أن وديانها ومزارعها تحيط بالمعسكرات من كل الجهات, الأمر الذي أغرى قيادات وأفراد تلك المعسكرات بفرض الحصار الشديد على وديانها السبعة وهي «باب الروضة, اللمعة, الصفراء, الرهاق, الحلال, العقبة, والحضيرة» والموت مصير كل من يحاول الذهاب إلى مزرعته في هذه الوديان التي تشتهر بزراعة العنب والقات، وتعد المصدر الوحيد لمعيشة سكان القرية، وقد خسرت الأهالي مجموعة من خيرة شبابهم على أيدي قناصة الحرس حيث اغتالوهم وهم ذاهبون إلى مزارعهم .
فالشاب سلطان زايد أبو جعيل وعمه عبد الحميد أبو جعيل تم قنصهم وهم في طريقهم إلى مزارعهم بوادي العقبة, وإبراهيم سنان هو الآخر تم إطلاق النار عليه ومحاصرته وهو عائد من وادي اللمعة, فأصيب بجروح خطيرة, ثم جرى اختطافه وجرحه ينزف قبل أن يسلم روحه إلى بارئها، وظلت جثته لدى أرباب الغدر والظلم ولم تُسلم إلا بعد ثلاثة أيام من استشهاده.
و مثله حصل لـ»ربيع عبد الله جحام» عندما ذهب إلى وادي باب الروضة، فتفاجأ بمجموعة من الجنود وقد أتوا ليسطوا على ثمار مزرعته وعندما وجدوه أمامهم أردوه قتيلاً مضرجاً بدمائه على تراب مزرعته ومعه حامس وليد الذي لم يسلم هو الآخر فقد أصيب إصابة بليغة إلا أنه تمكن من الفرار حتى وجد من يسعفه .
يذكر أن أفراد المعسكرات استفادوا من هذه المزارع لعشرات السنين فكانوا يقضون معظم أوقاتهم مع أهلها يعملون معهم أعمالاً إضافية ويزورونهم بحثاً عن القات, وقد كان الأهالي يكرمونهم أيما إكرام.
لم يكن الحصار المضروب على سكان هذه القرية هي الجريمة الوحيدة التي طالتهم, فقد قصفت ودمرت منازلهم، و بلغ عدد المنازل المدمرة إلى الآن (30) منزلاً، كما قصفت آبار الشرب حيث بلغت الآبار المقصوفة (7) آبار.
وجراء هذا العدوان الغاشم نزح جميع سكان هذه القرية للبحث عن مأوى أو سكن يأمنوا فيه على أطفالهم ونسائهم.
منصور جحام أحد أفراد قرية القصبة قال بعد أن رأى هول الدمار الذي لحق بيته، وأخذ بقايا القذائف: ما ذنبنا ؟ ما جريمتنا ؟ هل لأننا قدمنا لهم الورود فقابلونا بالقذائف.
قصف سيارات الإسعاف وحصار الأهالي واستهداف المارة
في إطار التصعيد الإجرامي والدموي ضد أبناء مديرية أرحب، لم تكتفِ قوات الحرس العائلي بالقصف المدمر على القرى والأحياء من ثكناتها، بل عمدت إلى تحريك آلياتها الثقيلة صوب المنازل والمزارع لارتكاب جرائم عن قرب.
فقد توجه السبت الفائت رتل من الدبابات والآليات باتجاه وادي «شراع» المحاذي لمديرية نهم، لقصف المنازل والتمركز فيه؛ مروراً بقرى بني جرموز التابعة لمديرية بني الحارث، غير أن الأهالي من أبناء المديريتين- أرحب وبني الحارث- تصدوا لها وأعادوها إلى ثكناتها.
وفي تطور آخر قام اللواء 62 بقصف المواطنين في عزلة شعب وهزم ويحيص وبقية القرى المجاورة، ثم استهدف سيارة إسعاف كان على متنها عدد من الجرحى جراء القصف، مما أسفر عن استشهاد ثلاثة مسعفين من أبناء قرية يحيص، ورابع استشهد ليلاً متأثراً بجراحه.
وتوالت عمليات القصف الأحد الماضي على قرى هزم، وأسفر عن سقوط ثلاثة شهداء وعدد من الجرحى، كما نتج عنه تدمير عدد من المنازل وإتلاف مزارع العنب والقات، ومحاصرة القرى المجاورة، ومنع الدخول والخروج منها، واستهداف سيارات المارة، من خلال دبابات خرجت من ثكناتها وتمركزت على هضبة تطل على هذه القرى.
14 شهيداً و40 جريح ونزوح المئات وتدمير عدد من المنازل والمزارع
عقب منع أبناء مديرية نهم تحريك اللواء الثالث مشاه جبلي إلى حضرموت لقتل المتظاهرين السلميين هناك، قامت جيش النظام العائلي من فوره بقصف المواطنين والقرى بالطائرات الحربية، ليتولى اللواء 63 حرس جمهوري المرابط بمديرية بني الحارث والقريب من مديرية نهم مهمة مواصلة الاعتداء والقصف الإجرامي على قرى المديرية:» هجرة المكنة، المحاجر، وثومة، وعدد من القرى الأخرى المجاورة» التي نزح سكانها إلى المناطق الآمنة وإلى كهوف ومغارات الجبال.
وإلى القصف والاعتداء الذي دمر المنازل وأتلف المزارع والممتلكات القريبة من اللواء العسكري، فقد شنت قوات الأمن وما زالت حملة اعتقالات واسعة في العاصمة صنعاء ضد أبناء مديرية نهم، ولا سيما من يناصرون الثورة السلمية، كما خطفت الجريح «عبد الله ناجي مريط» من أحد المستشفيات أثناء تلقيه العلاج من جروح أصيب بها جراء القصف.
وقد أسفر العدوان الإجرامي الذي لم يتوقف حتى الآن عن سقوط 14 شهيد وإصابة 40 بجروح، ونزوح المئات وتدمير عدد من المنازل والمزارع والممتلكات.
الاعتداء يتوسع إلى بني الحارث
يقع اللواء 63 حرس جمهوري في إطار مديرية بني الحارث التابعة لأمانة العاصمة، ويتمركز بالقرب من قريتي «بيت دهرة، وبني جرموز» اللتان لم تسلما من شر اعتداءاته.
السبت الماضي توجه رتل من دبابات اللواء إلى وادي شراع بمديرية أرحب، لقصف المواطنين وممتلكاتهم، مارّاً من قرى بني جرموز الذين منعوه التقدم، ورفضوا السماح له بالمرور من قراهم لحصد المزيد من الأرواح، فكان أن عادت الدبابات إلى اللواء وباشرت قصفها بشكل عنيف لقرى بني جرموز.
وعلى إثر القصف الهمجي نزح الأهالي إلى القرى البعيدة، ولم تتبين حتى الآن حجم الأضرار والخسائر.
الصواريخ الأكثر استخداماً
تأتي التطورات السابقة فيما واصلت معسكرات الصمع وبيت دهرة طيلة الأسبوع الفائت قصفها العنيف لقرى «شراع، الابوة، سلمان ،سمنة ، الصافية، بيت الحنق» والقرى المجاورة لها، مستخدمة الكاتيوشا والدبابات والمدفعية.
وأفضى القصف إلى استشهاد أحد أبناء قرية الشعبة آخر قرى أرحب باتجاه نهم، حيث يتمركز معسكر بيت دهرة اللواء 63، ونزوح جديد للأهالي من القرى، وإتلاف عدد كبير من مزارع» الطماطم، والبطاط، والقات والعنب».
* في الصورة المرفقة تشاهدون أحد صواريخ الكاتيوشا التي تمطر بها قوات الحرس العائلي قرى «سمنة، الصافية، بيت الحنق، والابوة، شعب..وغيرها» صباح مساء، وأكثر الأسلحة استخداماً في القصف الإجرامي.
هذا هو الحرس الجمهوري إذن، يحرس القصر ويحمي العائلة ويقتل الشعب ويدمر الوطن؛ ولم يُسجَّل عنه ولو للحظة واحدة أن دافع عن الجمهورية والشعب، أو خاض ملاحم بطولية في سبيل اليمن؛ كل ما فعله أنه استأسد في قتل المواطنين وسفْك الدماء وترويع الأطفال والنساء واستباحة البلد: أحرق المعاقين وقتل المتظاهرين السلميين في تعز، قصف أبناء الشعب في أرحب ونهم وبني الحارث بالأسلحة الثقيلة والطائرات، قطع الطرق العامة وخطف ناقلات النفط والغاز، كما قصف كابلات الكهرباء لمعاقبة الشعب على مطالبته بالحرية والكرامة.
وتحاول قوات الحرس العائلي جاهدة تركيع أبناء مديرية أرحب، دون أن تدري أن ذلك «أبعد عليها من عين الشمس» كما يؤكد أحدهم، والذي أضاف: لن نركع ما دام فينا عرق ينبض، ولن نرضى بغير الحرية والكرامة مهما كلفنا ذلك من ثمن.
اخترنا لكم
آخر تحديث
السبت,23 نوفمبر 2024
الساعة 02:36
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2074.00 | 2061.50 | |
ريال سعودي | 542.00 | 540.00 |