الرئيسية / شؤون دولية / «فورين بوليسي»: الضربات الجوية الأمريكية في اليمن تولد المزيد من الأعداء
«فورين بوليسي»: الضربات الجوية الأمريكية في اليمن تولد المزيد من الأعداء

«فورين بوليسي»: الضربات الجوية الأمريكية في اليمن تولد المزيد من الأعداء

13 أغسطس 2013 06:33 مساء (يمن برس)
خلال السنوات الأربع الماضية، دأبت الولايات المتحدة على إطلاق الصواريخ على اليمن. وشاركت الطائرات دون طيار، والسفن والطائرات في قصف اليمن، ونفذت 75 هجوماً على الأقل، بما فيها هجمة بطائرة دون طيار، نجم عنها مقتل خمسة أشخاص، خلال ليلة الاثنين في الخامس من أغسطس الجاري، ليصل عدد القتلى جراء تلك الغارات إلى 600 شخص، حسب أفضل التقديرات.
 
لكن مع ذلك ومع كل هذه الضربات وما نجم عنها من قتلى، يواصل تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية جذب المزيد من الأعضاء الذين ينضمون اليه، حيث تزايد تعداد التنظيم من 300 مسلح عام 2009، إلى أكثر من 1000 حاليا. ويشير المسؤولون الأميركيون إلى أن هذه الجماعة هي الأكثر خطورة من بين جميع أفرع «القاعدة»، وهو توصيف لايزال مستمراً منذ بدء الولايات المتحدة بقصف في اليمن عام 2009. وتظل هذه الجماعة ـ كما تظهر حالة الاستنفار الحالية، وإغلاق السفارة الأميركية ـ قادرة على شل الجهود الدبلوماسية الأميركية في شتى أنحاء المنطقة.
 
ويثير كل ذلك السؤال الملح: لماذا؟ لماذا إذا كانت قوى مكافحة الإرهاب الأميركية تعمل في اليمن، كما تدعى إدارة الرئيس باراك أوباما، تظل جماعة القاعدة في الجزيرة العربية تنمو؟ لماذا بعد نحو أربع سنوات من الغارات والقصف، لاتزال الجماعة قادرة على حياكة المؤامرات، التي تؤدي إغلاق السفارات والبعثات الدبلوماسية الأميركية من شمال إفريقيا إلى الخليج العربي؟
 
ويبقى الجواب بسيطاً، إن لم نقل مخيبا للثقة، وهو أن الافتراضات الخاطئة، والتركيز المخطئ أمام عدو مصمم، يتكيف مع الظروف أدى إلى تشكيل معضلة خطرة بالنسبة للولايات المتحدة. ويستند جزء من أسلوب الولايات المتحدة في محاربة القاعدة في الجزيرة العربية على ما حققته من نجاحات في أفغانستان وباكستان، حيث تمكنت الطائرات دون طيار من تدمير ما كان يطلق عليه غالبا نواة القاعدة )على الرغم من أن قوة القاعدة رجعت إلى الدول العربية، لذلك فإنه يجب على المحللين أن يعيدوا النظر في الأساليب القديمة (، ولسوء الطالع ليس جميع الدروس يمكن نقلها من مكان إلى آخر، وهذا يعني أن الولايات المتحدة تحارب القاعدة مثلما كانت عليه في السابق، وليس كما هي الآن. وفي باكستان وأفغانستان كانت القاعدة جماعة من العرب في دول غير عربية. وفي اليمن القاعدة مشكلة معظمها من اليمنيين ويعيشون في اليمن،
 
وينطوي ذلك على اثنين من المضامين الأساسية، الأول: أن التجنيد الجديد للقاعدة لم يعد بحاجة إلى السفر إلى خارج الدولة لتلقي التدريب الخاص، ولسنوات عدة مضت كان رجال أمثال زعيم القاعدة في الجزيرة العربية، ناصر الوحيشي، يعمدون إلى قضاء أوقات كبيرة في معسكرات التدريب للحصول على الخبرة المناسبة، ولكن منذ أن طورت «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» شبكتها الخاصة بها في اليمن، تغيرت الحال ولم يعد ثمة داعٍ لذلك، والآن أصبح الشبان اليمنيون، الذين يريدون الانضمام إلى القاعدة، يستطيعون الدراسة مع إبراهيم العسيري، خبير صانعي القنابل في الجماعة، من دون الحاجة إلى مغادرة منازلهم.
 
وكان لدى الولايات المتحدة بعض الخبرة الحديثة لمحاربة عدو مشابه، إنها القاعدة في العراق، لكن ذلك كان بوجود كل القوة الضاربة للجيش الأميركي، وأحد الأسباب التي جعلت إدارة أوباما تلجأ إلى طريقة استخدام الطائرات دون طيار في اليمن، هو إدراكها أن إرسال عدد كبير من الجنود الأميركيين إلى اليمن سيكون خطأ فادحاً، فخلال السنوات القليلة الماضية تقول جماعة القاعدة في الجزيرة العربية، إنه كما هي الحال في العراق وأفغانستان، فإن اليمن أيضا يتعرض للهجوم الغربي، الأمر الذي يدعو إلى جهاد جميع اليمنيين، ولم تكن جماعة القاعدة في الجزيرة العربية ناجحة تماماً في خطابها هذا، لكن إذا قامت الولايات المتحدة بإرسال قوات برية إلى اليمن فإن الحال ستتغير، وستتحول القاعدة في الجزيرة العربية من بضعة آلاف مقاتل إلى أضعاف هذا الرقم.
والعقبة الثانية: الافتراض أن ما يصلح في مكان سينجح بالتأكيد في مكان آخر، أي عادة الثأر عند اليمنيين، وهو مفهوم من المؤكد أن الولايات المتحدة قد اطلعت عليه، فالرجال الذين تقتلهم الولايات المتحدة في اليمن مرتبطون في المجتمع المحلي بصورة غير معهودة لدى العديد من المقاتلين في أفغانستان، إذ إنهم ليسوا أعضاء في القاعدة فحسب، وإنما هم أخوة وأبناء آباء، وأبناء عمومة وأفراد عشيرة، وأصدقاء ومعارف.
 
ويمكن للولايات المتحدة أن تستهدف شخصا وتقتله باعتباره «إرهابياً»، وعندها فإن الكثير من اليمنيين سيحملون السلاح لحمايته باعتباره أحد أفراد القبيلة، لذلك فإن الكثير من هؤلاء الرجال لم ينضموا إلى القاعدة لقناعتهم بأفكارها، وإنما انطلاقا من الرغبة في الانتقام من الدولة التي قتلت أبناء قبيلتهم، ونظراً إلى كثرة الاشخاص المطلوبين، وقدرة أعضاء القاعدة على التحرك في دولتهم، فإنه من الصعوبة بمكان معرفة من هو مع القاعدة أو هو غير ذلك من ارتفاعات شاهقة في الجو.
 
وتمكنت الولايات المتحدة من تحقيق نجاحات في هذا المجال، مثل قتل أنور العولقي في سبتمبر 2011، وهو مواطن أميركي تعتقد الولايات المتحدة أنه قائد العمليات الخارجية في القاعدة، وتمكنت أيضا من قتل سعيد الشهري، وهو نزيل سابق في سجن غوانتانامو وأصبح قائدا في القاعدة، لكن مع ذلك كانت هناك حالات فشل كارثية، حيث قتلت الطائرات دون طيار نساء وأطفالا ومدنيين ليست لهم علاقة بالقاعدة، الأمر الذي يولد المزيد من الأعداء. وفي الوقت الحاضر تقوم الولايات المتحدة بتنفيذ لعبة خطرة، حيث تطلق الصواريخ على أهداف، على أمل أن تقتل أكبرعدد ممكن من الرجال، بحيث تمنع القاعدة في الجزيرة العربية من حياكة المؤامرات والتخطيط وشن الهجمات من اليمن. وبعد الاستنفار على الارهاب الذي دفع ببعثات دبلوماسية أميركية كاملة وعملاء للمخابرات في أكثر من 20 دولة إلى التوقف التام، يبدو أنه حان الوقت كي نعيد النظر في هذا الاسلوب لمصلحة القيام باستراتيجية أكثر استدامة ومعقولية.
 ترجمة: حسن عبده حسن عن «فورين بوليسي»
شارك الخبر