كان أهالي مدينة "جُبن" بالضالع يلقبوه بـ"القاضي دَرْبـَـه"، وحين زرته في منزله نهاية تسعينات القرن الماضي كان عمره يناهز الـ(135) عامــاً، وكان يخلط في كلامه عبارات من عدة لغات فهو يتحدث سبعة لغات، وشارك في الحربين العالميتين تحت لواء بريطانيا، ويعد الرجل الوحيد في العالم الذي يحمل إشارة "المحاربـين القــدامى" وما زال على قيد الحياة حينذاك..!
"القاضي دَرْبـَـه" التحق بالبحرية البريطانية منذ بلوغه سن الرشد، وجاب عباب البحار والمحيطات على متن سفنها المتنقلة بين مستعمراتها في شتى أرجاء العالم، فتعلم سبع لغات، وشهد أحداثاً تاريخية صاخبة ظل يتذكر الكثير جداً من تفاصيلها، وتفاصيل بدايات هجرات المغتربين اليمنيين لمختلف أرجاء العالم...
كل ذكريات "القاضي دربه" ظلت حبيسة صدره، ولم تجد أحداً من اليمنيين يكترث لتوثيق حرفاً منذ عودته الى "جُبن" للاستقرار في وطنــه، لكــن البريطانيــــين كانوا وحدهم من يعرف قيمــــة (آخر المحاربين القدامي على قيد الحياة)، فقد أرسلت السلطات البريطانية منتصف التسعينات وفــداً عسكرياً لاصطحاب "القاضي دربه" إلى لندن ليتم الاحتفاء به بحفل مهيب، وليحظى بالرعاية والراحة الرسمية لما تبقى من حياته... لكــنه رفـــــــض العرض، وأصــر على أن يقضي بقية عمره بين حنايا وطنه اليمني الحبيب، ويدفن في ترابه الطاهر؛ فأبهر البريطانيين بهذا التشبث اليمني بوطن يتصدر قائمة أفقر بلدان العالم.. ورغم ذلك لم تلتفت أنظار الجهات اليمنية إلى القيمة التاريخية لهذا الرجل الأسطوري!!!
ومع أن (135) عاماً كافية للفتك بالجسد البشري، إلاّ أنني كنت أرى "القاضي دربه" صباح كل يوم يتوكأ على عكازه ويقطع نحو ثلاثة كيلومترات مشياً ليصل إلى محل لصناعة الفؤوس وأدوات الزراعة وماشابه ذلك، وقد فوجئت بأنه مكان عمله الذي يعينه فيه بعض أحفاده، ولا يتغيب عنه إلاّ إذا أصابه مرض.. وعرفت من أسرته أن كل مايتناوله هذا الرجل المعمر صباحاً هو كوب حليب مع السمن البلدي أو العسل، وفي الغداء يفت فيه قليلاً من الخبز، ولا شيء آخر!!
في 1998م (تقريباً) لزم "القاضي دربه" الفراش، وكنت أزوره بمنزله مع بعض الأصدقاء نسليه ونستمتع بحكاياته، وكانت هذه الصورة المنشورة هي آخر صورة التقطتها له، فبعدها بشهرين تقريباً انتقل القاضي دربه الى رحمة الله تعالى، حاملاً معه أسرار تأريخ أكثر من قرن وربع،، فيما ظلت الدولة اليمنية تجهل حتى هذه الساعة أن مَن واراه أبناء جُبن الثرى كان (آخـــر المحاربــين القــدامى في العالـــم)، ولو قبل بالعرض البريطاني لكان له اليوم تمثــال في قلب لنـــدن!!!
"القاضي دَرْبـَـه" التحق بالبحرية البريطانية منذ بلوغه سن الرشد، وجاب عباب البحار والمحيطات على متن سفنها المتنقلة بين مستعمراتها في شتى أرجاء العالم، فتعلم سبع لغات، وشهد أحداثاً تاريخية صاخبة ظل يتذكر الكثير جداً من تفاصيلها، وتفاصيل بدايات هجرات المغتربين اليمنيين لمختلف أرجاء العالم...
كل ذكريات "القاضي دربه" ظلت حبيسة صدره، ولم تجد أحداً من اليمنيين يكترث لتوثيق حرفاً منذ عودته الى "جُبن" للاستقرار في وطنــه، لكــن البريطانيــــين كانوا وحدهم من يعرف قيمــــة (آخر المحاربين القدامي على قيد الحياة)، فقد أرسلت السلطات البريطانية منتصف التسعينات وفــداً عسكرياً لاصطحاب "القاضي دربه" إلى لندن ليتم الاحتفاء به بحفل مهيب، وليحظى بالرعاية والراحة الرسمية لما تبقى من حياته... لكــنه رفـــــــض العرض، وأصــر على أن يقضي بقية عمره بين حنايا وطنه اليمني الحبيب، ويدفن في ترابه الطاهر؛ فأبهر البريطانيين بهذا التشبث اليمني بوطن يتصدر قائمة أفقر بلدان العالم.. ورغم ذلك لم تلتفت أنظار الجهات اليمنية إلى القيمة التاريخية لهذا الرجل الأسطوري!!!
ومع أن (135) عاماً كافية للفتك بالجسد البشري، إلاّ أنني كنت أرى "القاضي دربه" صباح كل يوم يتوكأ على عكازه ويقطع نحو ثلاثة كيلومترات مشياً ليصل إلى محل لصناعة الفؤوس وأدوات الزراعة وماشابه ذلك، وقد فوجئت بأنه مكان عمله الذي يعينه فيه بعض أحفاده، ولا يتغيب عنه إلاّ إذا أصابه مرض.. وعرفت من أسرته أن كل مايتناوله هذا الرجل المعمر صباحاً هو كوب حليب مع السمن البلدي أو العسل، وفي الغداء يفت فيه قليلاً من الخبز، ولا شيء آخر!!
في 1998م (تقريباً) لزم "القاضي دربه" الفراش، وكنت أزوره بمنزله مع بعض الأصدقاء نسليه ونستمتع بحكاياته، وكانت هذه الصورة المنشورة هي آخر صورة التقطتها له، فبعدها بشهرين تقريباً انتقل القاضي دربه الى رحمة الله تعالى، حاملاً معه أسرار تأريخ أكثر من قرن وربع،، فيما ظلت الدولة اليمنية تجهل حتى هذه الساعة أن مَن واراه أبناء جُبن الثرى كان (آخـــر المحاربــين القــدامى في العالـــم)، ولو قبل بالعرض البريطاني لكان له اليوم تمثــال في قلب لنـــدن!!!