وجه الرئيس اليمني علي عبدالله صالح حكومته وحزبه الحاكم إلى التعامل بإيجابية مع المبادرة الخليجية، وبيان مجلس الأمن الدولي الصادر بشأن الأزمة المتفاقمة في بلاده، جراء الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإنهاء حكمه المستمر منذ أكثر من 3 عقود. في وقت ألقى فيه نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي بشكوك جديدة بشأن صحة صالح وإمكانية عودته إلى اليمن بعد الإصابات البالغة التي لحقت به جراء تفجير الثالث من يونيو الماضي، قائلاً “لا أدري متى سيعود إلى البلاد”. وتحدث قيادي معارض بارز بائتلاف المعارضة اليمنية عن “مؤشرات قوية” تفيد بأن “انتقال السلطة في اليمن بات قريباً”، رافضاً في الوقت ذاته دعوات إقصاء أبناء وأقارب الرئيس اليمني من المشهد السياسي في البلاد.
وفي تطور جديد، أقر نائب الرئيس اليمني بأن الحكومة فقدت سيطرتها على نحو 5 محافظات جنوب البلاد، كما اعتبر أن الوضع الأمني يعاني حالة تردٍ شديدة، مما ينذر بمزيد من التدهور على الساحة الداخلية بالبلاد.
من جهة أخرى، اتهم الزعيم القبلي النافذ صادق الأحمر نظام الرئيس صالح بممارسة القتل الجماعي ضد معارضيه في شمال وجنوب البلاد، التي تشهد اضطرابات وأعمال عنف متصاعدة منذ مطلع 2011. بينما اتهم حزب “الإصلاح” الإسلامي المعارض أمس نجل شقيق الرئيس اليمني عمار محمد صالح المسؤول الأبرز في جهاز “الأمن القومي” بإعداد مخطط “إجرامي” يهدف لاغتيال شخصيات وطنية بارزة وقيادات ائتلاف المعارضة في البلاد. ميدانياً، قتل 6 جنود وأصيب 6 آخرون في معارك جديدة أمس، مع عناصر تابعة لتنظيم “القاعدة” قرب زنجبار جنوب اليمن. وتمكن الجيش اليمني نتيجة هذه المعارك، من استعادة السيطرة على ملعب الوحدة على مشارف زنجبار كبرى مدن محافظة أبين، حيث دارت معارك طاحنة منذ أمس الأول للسيطرة على هذا الملعب الاستراتيجي للقوات اليمنية.
وأكد وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي بعد زيارة للرئيس صالح في مستشفى بالرياض أمس الأول، أن الأخير وجه حكومته وحزبه بالتعامل مع المبادرة الخليجية وبيان مجلس الأمن الدولي الصادر الجمعة الماضي إزاء الأزمة المتفاقمة، بـ”الإيجابية” التي يستحقانها لإخراج اليمن من الأزمة المتصاعدة منذ منتصف يناير الماضي.
وأوضح القربي، في تصريح أدلى به للتلفزيون اليمني الحكومي، أن صالح وجه إلى البدء في “حوار جاد” بين الأطراف اليمنية “يهدف إلى التوافق على آلية لتنفيذ المبادرة” التي قدمها وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي أواخر أبريل الماضي، مشيراً إلى أن نائب الرئيس اليمني والحكومة وحزب المؤتمر الحاكم “سيبدأون” هذا الحوار بالتعاون مع الأخوة في أحزاب “اللقاء المشترك” التي تمثل المعارضة الرئيسية في اليمن.
وتنص المبادرة الخليجية على تنحي صالح خلال 30 يوماً ونقل صلاحياته إلى نائبه، مقابل حصوله على ضمانات برلمانية بعدم الملاحقة القضائية. وقد وقع حزب المؤتمر الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة على المبادرة الخليجية، إلا أن صالح نفسه رفض التوقيع عليها 3 مرات. وعبر وزير الخارجية اليمني عن أمله في أن تشارك في هذا الحوار أطراف يمنية أخرى كالمحتجين الشباب والمتمردين الحوثيين و”الحراك الجنوبي” الانفصالي وبقية القوى السياسية، للعمل جميعاً من أجل صياغة المستقبل الجديد لليمن.
وأكد القربي أن صحة الرئيس صالح وكبار المسؤولين في الحكومة اليمنية، الذين أصيبوا في الهجوم على القصر الرئاسي، “جيدة” وأنهم “يتماثلون للشفاء”. ولفت إلى أن صالح ورئيسي مجلسي النواب (البرلمان) والشورى يحيى الراعي وعبدالعزيز عبدالغني، ورئيس مجلس الوزراء علي مجور ونائبيه رشاد العليمي وصادق أبو راس “سيكونون قريباً على أرض الوطن”.
لكن، عبدربه هادي منصور، الذي يتولى مهام الرئاسة في اليمن منذ الرابع من الشهر الماضي، نفى أن يكون هناك موعد محدد لعودة صالح إلى اليمن، مشيراً إلى أن قراراً بهذا الشأن يحدده الأطباء الذين يشرفون على علاجه في السعودية. وقال هادي في مقابلة مع شبكة “سي ان ان” الأميركية الليلة قبل الماضية، إنه رأى صالح مباشرة بعد الهجوم الصاروخي الذي استهدف مسجد القصر الرئاسي، لافتاً إلى أنه شاهد قطعة خشب تخترق صدر الرئيس اليمني، كما أن وجهه وذراعيه والجزء العلوي من جسمه أصيبت بحروق مختلفة.
وقال إن صالح قد يوجه خطاباً إلى الشعب اليمني خلال الساعات القليلة القادمة. كما سعى نائب الرئيس اليمني إلى الرد على اتهامات المعارضة بأنه لا يمتلك أي صلاحيات تمكنه من إنهاء الأزمة السياسية التي تشهدها اليمن في غياب صالح، مؤكداً أن لديه صلاحيات مطلقة للتوقيع على مبادرة جديدة لتسوية الأزمة اليمنية، تحظى برعاية الأمم المتحدة.
وأقر عبد ربه بأن الحكومة فقدت سيطرتها على 5 محافظات جنوب البلاد، كما كشف، خلال المقابلة مع الشبكة الأميركية، عن تفاصيل تتعلق بالغارات التي تشنها طائرات أميركية من دون طيار، لقصف أهداف يُعتقد أنها تابعة لتنظيم “القاعدة”، في محاولة لمساعدة الحكومة المركزية لاستعادة السيطرة على المناطق التي تشهد نشاطاً مكثفاً للعناصر المسلحة. من جانبه، قال عضو المجلس الأعلى بأحزاب “اللقاء المشترك” محمد المتوكل لـ”الاتحاد” أمس، إن هناك “مؤشرات قوية تفيد بأن انتقال السلطة في اليمن بات قريباً”، مشيراً إلى أن دعوة الرئيس صالح إلى حوار جاد لتنفيذ آلية المبادرة الخليجية، أحد هذه المؤشرات. كما أشار أيضاً إلى التصريح الذي أدلى به نجل الرئيس اليمني العميد الركن أحمد علي صالح قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، الأحد الماضي بشأن الخروج من الأزمة، “مؤشر ضمني بانتقال السلطة إلى نائب الرئيس”.
وقال القيادي المعارض البارز إن صالح كان يعتزم التوقيع على المبادرة الخليجية في 7 يونيو الماضي “إلا أن الهجوم الذي استهدفه يوم الجمعة منعه من ذلك”. وأكد المتوكل الذي يرأس حزب “اتحاد القوى الشعبية” أحد مكونات اللقاء المشترك، رفضه دعوات إقصاء أبناء وأقارب الرئيس اليمني من المشهد السياسي في البلاد، معتبراً أن الحوار الجاد والوطني كفيل بمناقشة التفاصيل كافة حول مستقبل البلاد.
من جانب آخر، قال الزعيم القبلي البارز صادق الأحمر، خلال لقائه بعثة المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي تزور اليمن حالياً، إن نظام الرئيس صالح انتهك حقوق الإنسان في اليمن “أكثر من أي نظام آخر”، متهماً النظام اليمني الحاكم بممارسة “أشد أنواع القتل والتعذيب والخطف، بما فيها الإبادة الجماعية ضد أبناء الشعب في صعدة وفي الجنوب”.
وذكر الأحمر، الذي انشق عن النظام الحاكم أواخر مارس الماضي، أن صالح انتهك حقوق المحتجين الشباب، الذين يعتصمون منذ فبراير الماضي، في ميادين عامة بعدد من المدن اليمنية، مضيفاً “حكم صالح أصبح كهنوتاً أكثر من حكم الأئمة”، الذين حكموا اليمن لفترة تزيد على الألف عام، انتهت بإعلان النظام الجمهوري في 1962.
على صعيد متصل، قالت منظمة “سياج” المعنية بالدفاع عن حقوق الأطفال في اليمن، إنها سلمت بعثة المفوضية السامية لحقوق الإنسان، تقريراً مدعماً بالأدلة والوثائق القانونية على قتل وإصابة أكثر من 200 طفل منذ اندلاع حركة الاحتجاجات الشبابية المناهضة للرئيس صالح.
اخترنا لكم
آخر تحديث
السبت,23 نوفمبر 2024
الساعة 02:36
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2074.00 | 2061.50 | |
ريال سعودي | 542.00 | 540.00 |