الرئيسية / تقارير وحوارات / أسواق اليمن.. حيث لا يحتاج بيع السلاح إلى ترخيص
أسواق اليمن.. حيث لا يحتاج بيع السلاح إلى ترخيص

أسواق اليمن.. حيث لا يحتاج بيع السلاح إلى ترخيص

29 نوفمبر 2006 10:57 صباحا (يمن برس)
من المألوف أن تجد في مدن يمنية -إلى جانب دكاكين المواد الغذائية- محلات يبتاع منها اليمنيون شيئا آخر يعتبره أكثرهم من ضروريات الحياة في بلد يشتهر بالتعدد القبلي. وإذا كتب لك أن تزور أسواقا مثل سوق جحانة وسوق الطلح بصعدة شمالي البلاد وسوق صغيرة بمدينة عمران شمال صنعاء، فلا تستغرب إذا وجدت فيها متاجر خاصة بالسلاح. ولا نقصد هنا السلاح الأبيض مثل تلك الخناجر التي تزين جنب اليمني عندما يرتدي زيه التقليدي، بل هو السلاح الخفيف والمتوسط بكل أنواعه وأحجامه وأشكاله، مسدسات وكلاشنكوفات ورشاشات وقناصات... حتى قاذفات الآر بي جي تذهلك أصنافها وطريقة رصها وتعليقها على الجدران كأنها لوحات تجريدية أو سيريالية، في سوق حرة لبيع الأسلحة تقول تقديرات دولية إنها تتداول نحو 50 مليون قطعة. - صفقات عالمية ولا يخلو بيت يمني من السلاح، فهو في عرفهم جزء من نخوة قبائل اليمن ووسيلة أفرادها للدفاع عن أنفسهم. الجزيرة نت التقت في سوق جحانة المواطن عز علي قعشم، وهو رجل في عقده الرابع، ورغم أنه يملك في منزله أربع كلاشينكوفات فإنه جاء ليقتني خامسة لابنه الصغير الذي يرعى الغنم في قرية مقولة. العارفون بأسرار السوق يتحدثون عن وجود تجار كبار لهم علاقات بقوى نفوذ، ومنهم من يعقدون صفقات مع شركات أسلحة عالمية. وحكى بعضهم أن أحد مشايخ القبائل سحب دبابة أثناء حرب صيف 1994م إلى باب منزله واعتبرها غنيمة حرب، وبقيت رابضة هناك سنوات إلى أن استعادتها الدولة بعد أن أعطته تعويضا ماليا عنها. " أحد مشايخ القبائل سحب دبابة إلى باب منزله واعتبرها غنيمة حرب، إلى أن استعادتها الدولة قبل أشهر بعد حصوله على تعويض مالي " بيع السلاح وشراؤه في اليمن لا يحتاج إلى وثائق أو مستندات أو ترخيص أو فواتير، بل يتم بطريقة اعتيادية شعار التجار فيها: "سلّم المال واستلم السلاح". فالبلاد مكتظة بمختلف أنواع الأسلحة، وكان لحروب وصراعات العقود الأخيرة دور مهم في تدفق السلاح إلى الأسواق الداخلية، بدءا بثورة 1962م، فصراع الجمهوريين والملكيين، مرورا بالحرب بين شطري البلاد قبل الوحدة، وحرب المناطق الوسطى عام 1982م ، ثم أحداث 1986م بعدن وانتهاء بحرب صيف عام 1994. - أسعار مرتفعة ورغم أن السلاح هنا مشاع فليس من السهل أن يقتحم المرء عالم تجاره، فالكثيرون رفضوا الحديث إلى الجزيرة نت أو السماح بالتصوير، وعلق أحدهم بالقول إنهم يخشون من أن ترصدهم قوات أميركية وتقصفهم. وبرر آخر هذا الرفض بالرغبة في تفادي المشاكل، خاصة أن صحفيين أجانب زاروا المنطقة وصوروا أسواقها ثم نشروا كلاما يسيء إلى التجار -حسب قولهم- ويحرض ضد تجارة السلاح في اليمن. وأجمع من أفلحنا في الحديث إليهم من التجار على أن أسعار السلاح قد ارتفعت في الفترة الأخيرة. فبعد أن كان سعر الكلاشنكوف الروسي رقم 11 لا يتعدى 200 دولار أصبح الآن يباع بـ600 دولار. وأرجع التجار الغلاء إلى شراء السلطات الحكومية قطع السلاح من المواطنين، إذ رصد المسؤولون ملايير الريالات اليمنية خلال العامين الأخيرين لهذه العملية، خاصة في المناطق القبلية مثل مأرب والجوف وشبوة وغيرها من المناطق التي تعد مقلقة أمنيا، أو توجد بها منشآت نفطية أو مرافق استثمارات أجنبية. ومع أن السلاح هو مصدر دخلهم الرئيس في بلد تصل فيه نسبة البطالة 40%، فإن عددا من التجار لا يمانعون في التخلي عن نشاطهم هذا بشرط أن توفر لهم الدولة أعمالا بديلة ومناسبة تؤمن لهم العيش وتبعدهم عن البنادق والرشاشات التي تذكرهم بأجواء الحرب وإن كانت معروضة ومعلقة على الجدران.
شارك الخبر