اتهم وزير شؤون المغتربين، مجاهد القهالي، وزارة الخارجية والسفارة اليمنية في الرياض بجني رسوم غير قانونية من المغتربين اليمنيين في المملكة العربية السعودية.
ونفذت مجموعة «نشطاء من أجل اليمن»، يوم السبت، وقفة احتجاجية أمام وزارة شؤون المغتربين للمطالبة بحل مشاكل المغتربين اليمنيين في السعودية، وقال بلاغ صحفي صادر عن المجموعة إن وزير المغتربين أكد لهم أن «وزارة الخارجية تعقد الاتفاقيات مع السلطات السعودية دون الرجوع إلى اللجنة المشكّلة من خمس وزارات، على رأسها وزارة المغتربين، لحل قضية المغتربين اليمنيين في السعودية.
وسلمت مجموعة «نشطاء من أجل اليمن» خلال الوقفة رسالة إلى وزير المغتربين طالبوا فيها بضرورة التعامل بجدية لإيقاف الانتهاكات التي يتعرض لها المغتربون اليمنيون وتشكيل لجنة تقصِّي حقائق حول الانتهاكات التي ترتكب بحقهم، كما طالبوا بإيقاف استغلال الوضع الحالي للمغترب عن طريق جباية رسوم غير قانونية إضافة إلى المطالبة بضرورة قيام الوزارة بمهامها التي وجدت من أجله.
وكانت السفارة اليمنية في الرياض أعلنت أنها أبرمت تفاهمات مع السلطات السعودية لترحيل اليمنيين المقيمين بطرق غير مشروعة في السعودية، غير أن مسؤولا في جوازات الدمام نفى إبرام أي تفاهمات مع السفارة اليمنية بهذا الخصوص.
وانتقد الناطق الأمني لشرطة نجران، النقيب عبد الله العشوري، بحسب صحيفة الوطن السعودية، الاجراءات التي تتخذها السفارة اليمنية في الرياض، وقال إن السفارة اليمنية بعثت مئات السجناء المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل، دون مراعاة للإجراءات الأمنية التي يجب اتخاذها لترحيل هؤلاء المخالفين.
ورغم موافقة السلطات اليمنية على ترحيل المئات من اليمنيين عبر السفارة اليمنية في الرياض بعد التأكد من اتخاذ الإجراءات الأمنية المطلوبة، إلا أن مشكلة أخرى برزت في رفض منفذ البقع الحدودي استقبال المرحلين، جراء عدم وجود تنسيق بين وزارتي الخارجية وشؤون المغتربين بشأن اجراءات الترحيل.
وبحسب صحيفة الوطن السعودية، أكدت جوازات منطقة نجران أنها اضطرت إلى احتجاز حافلات تابعة للسفارة اليمنية تقل مئات المرحلين، جراء رفض الجوازات اليمنية في منفذ البُقع استقبالهم، حيث تم نقلهم إلى منفذ الطوال بمنطقة جازان بدلا من منطقة نجران.
وكانت وزارة المغتربين أعلنت أنها أعدّت خطة طوارئ لاستقبال نحو 500 ألف مرحّل يمني من المملكة، غير أن مصدراً في وزارة المغتربين نفى وجود أي خطة، وقال إن الوزارة لا تمتلك أي اعتمادات مالية، وليست لها سوى موازنتها التشغيلية ورواتب موظفيها فقط.
ومع اقتراب انتهاء مُهلة الثلاثة أشهر التي منحها العاهل السعودي لتصحيح أوضاع المخالفين لأنظمة العمل السعودية، تبدو الحكومة اليمنية عاجزة عن اتخاذ أي إجراءات لمعالجة أوضاع المغتربين، حيث انتهت اللجنة الوزارية التي شكلها مجلس الوزراء للنظر في هذه القضية إلى رفع تقريرها إلى مجلس الوزراء، وبرسالة سلمها وزير الخارجية من الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز.
تشخيص لمشكلة المغتربين
وفي تقريرها المرفوع إلى اللجنة الوزارية للنظر في قضية المغتربين اليمنيين في السعودية، أكدت وزارة المغتربين أن مشاكل المغتربين تتمحور حول ثلاثة محاور أساسية، هي: مشكلة الكفيل، ومشكلة الاستقدام، ومشكلة التستر، سنستعرض فيما يلي كل نقطة منها على حدةٍ لمعرفة أسبابها وملابساتها.
اليمنيون الذين يمتلكون محلات أو مؤسسات تجارية يضطرون إلى نقل أنشطتهم بأسماء سعوديين وفي حال النزاع على الملكية تتم مصادرة الممتلكات إلى «بيت مال المسلمين»
أولا: مشكلة الكفيل:
في ظل أحداث الخليج عام 1990، اتخذت السعودية قراراً بتطبيق نظام الكفيل على اليمنيين المقيمين والمستقدمين للعمل لديها، وهو ما رفضه المغتربون اليمنيون آن ذاك، لشعورهم بمدى الضرر الذي سيلحق بهم جراء تطبيق نظام الكفيل، ومع ذلك فقد طبق نظام الكفيل وفقاً لإجراءات مجحفة بحق اليمنيين مقارنة بالمستقدمين من دول أخرى.
ويعرف قانون العمل السعودي الكفيل بأنه صاحب العمل الملزم قانوناً بتوفير العمل وتحمل كافة الرسوم المقررة، إلا أن ما يتم تطبيقه على اليمنيين هو العكس تماماً، بالإضافة إلى التعامل المجحف من قبل الكفلاء مع مكفوليهم، حيث يبدأ العمل من ساعات الصباح الأولى إلى ساعات متأخرة من الليل بحقوق غير واضحة وفقاً للإجراءات المتّبعة، وهو ما يجعل المغترب اليمني معرضاً للطرد والترحيل وفقاً لأمزجة الكفلاء.
وكثيراً ما يختلق الكفلاء مشاكل لمكفوليهم، خاصة عند مطالبتهم بحقوقهم، حيث يبلغ الكفلاء بمكفوليهم في مكاتب العمل والشرطة، وبناءً عليه يتم توقيف وترحيل المغترب اليمني دون تمكينه من حقوقه، ويلزم بدفع قيمة تذكرة ترحيله.
وأحياناً يقوم بعض الكفلاء بالموافقة على نقل كفالة العاملين لديهم مقابل مبالغ مالية، مما يلزم المغترب اليمني بتسليمها للكفيل إما دُفعة واحدة، أو على شكل أقساط شهرية، ومع هذا فإن بعض الكفلاء يقومون بالإبلاغ عن هروب العامل بعد أن تبدأ إجراءات النّقل، وتعتبر هذه واحدة من أهم الذرائع التي تتبع حالياً لترحيل المغتربين اليمنيين المقيمين بصورة قانونية.
كما يقوم بعض الكفلاء المستقدمين بتشغيل المغتربين في محلاتهم التي تقع في مناطق غير المناطق التي استقدموا للعمل فيها، وهذا يصنّف من قبل الجهات الرسمية في السعودية كمخالفة تستوجب ترحيل العامل؛ لأنه يعمل في غير المحل الذي استقدم للعمل فيه.
ويعاني المغتربون أيضاً من أن هناك بعض الكفلاء متوفين أو أن عليهم التزامات للغير أو أنهم يتخلفون عن سداد رسوم الخدمات وغيرها من الرسوم، وهو الأمر الذي يدفع الجهات المختصة إلى إيقاف تصريح الكفيل، ورفض تجديد الإقامة للمكفولين أو منحهم تأشيرة خروج، ويطلب منهم سداد الالتزامات المتأخرة على الكفيل لتجديد إقاماتهم، أو أن يصبحوا بدون إقامة، وبالتالي يصنفون كعمالة سائبة، وهو ما يتم حالياً في عملية ترحيل المغتربين من السعودية.
ثانيا: مشكلة الاستقدام:
تمنح دول الخليج أصحاب العمل حق الاستقدام للعمالة العادية والمهنية من دول مختلفة عبر مكاتب العمل برسوم تبلغ 2000 ريال سعودي، يدفعها صاحب العمل الذي يستقدم العمال من أي بلد، باستثناء العمال القادمين من اليمن، الذين يقومون بدفع هذا المبلغ بدلاً عن صاحب العمل.
ومنذ العام 1996، منحت المملكة العربية السعودية أصحاب الوجاهة والنفوذ «فيزا» لاستقدام عمالة من اليمن دون أن يكون الحاصلون على هذه الفيز من أصحاب العمل أو من القادرين على تشغيل العمالة الوافدة، حيث يتم بيع هذه الفيز عبر سماسرة بالتنسيق مع المكاتب الخاصة باستقدام العمّال في السعودية واليمن.
ووصل سعر الـ«فيزا» الواحدة إلى 15 ألف ريال سعودي، حيث يمنح الحاصلون على هذا النوع من الفيز بعد دخولهم السعودية تأشيرة مؤقتة يسمح لهم من خلالها بالبحث عن كفيل آخر، يتم نقل كفالتهم إليه بمبلغ يصل إلى 4 آلاف ريال سعودي، ونتيجة لهذا الوضع يتعرّض المغتربون حالياً للترحيل العشوائي باعتبارهم عمالة سائبة أو أنهم يعملون لدى غير كفلائهم.
ثالثا: مشكلة التستر:
تنتهج المملكة العربية السعودية سياسة توطين التجارة والعمالة، دون مراعاة العاملين قبل صدور القوانين أو التعليميات المنظّمة لذلك، بدعوى أنها تشمل العاملين من الجنسيات المختلفة، غير أن الواقع يؤكد أن هذه الإجراءات تستهدف اليمنيين لوجود أعداد كبيرة منهم يمتلكون محلات ومؤسسات تجارية، وتمثل العمالة اليمنية والسعودية لديهم نسبة كبيرة.
ونتيجة لهذه الإجراءات المجحفة، لجأ أصحاب المؤسسات والمحلات التجارية من اليمنيين إلى نقل أنشطهم التجارية بأسماء سعوديين، وفقاً لما يُعرف بنظام التستر، حيث يدفع اليمني مقابل الاسم مبلغاً سنوياً من المال، ومع مرور الوقت تحصل عدد من النزاعات والمشاكل بين المتستر والمتستر عليه، الأمر الذي يُلجئ المغترب اليمني إلى مكاتب العمل، التي تعرض القضايا على المحاكم للنظر فيها بحضور طرفي النزاع اليمني والسعودي، وتقوم المحاكم بإصدار أحكام مجحفة بتوريد المال المتنازع عليه إلى بيت مال المسلمين، لعدم وجود متابع، رغم حضور صاحب الشأن لجميع جلسات المحكمة.
منذ صدور قانون العمل السعودي عام 1426، اتخذت المملكة العربية السعودية عدداً من الإجراءات لتنظيم العمالة الوافدة، من ضمنها الإجراءات التالية:
إذا تم إيقاف تصريح الكفيل يلزم المغترب اليمني بسداد الرسوم المتأخرة على الكفيل مقابل تجديد الإقامة أو الحصول على تأشيرة خروج
أولا: برنامج نطاقات:
أصدرت المملكة العربية السعودية برنامج يُسمى «برنامج نطاقات»، الذي يهدف إلى إحلال العمالة السعودية بدلاً عن العمالة الوافدة، ومكافحة التستر التجاري، وقد صنّف البرنامج الشركات المشغلة للعمالة الوافدة في المملكة إلى أربعة أصناف هي:
1 - النطاق الممتاز:
وهذا النطاق يعني أن الشركات المصنفة فيه ملتزمة بالتوطين وبتنفيذ الإجراءات الأخرى كالتأمين على العاملين، وبالتالي فإنه يسمح لهذه الشركات أن تستقدم عمالة وافدة وفقاً لنسب محددة.
2 - النطاق الأخضر:
هذا النطاق تندرج فيه الشركات الملتزمة بالتوطين، وبالتالي فإنه يسري عليها ما يسري على النطاق الممتاز.
3 - النطاق الأصفر:
الشركات المصنفة ضمن هذا النطاق هي الشركات غير الملتزمة ببعض الإجراءات الخاصة بالتوطين، وبالتالي فإنها تظل تحت المراقبة حتى تحسّن وضعها، وتلتزم بالتوطين والإحلال، وتحرم هذه الشركات من تجديد إقامة العاملين لديها، وفي حالة ما إذا كان العاملون لديها غير قادرين على تجديد إقاماتهم فإنهم يصنفون كعمالة مخالفة وبالتالي يتم ترحيلهم.
4 - النطاق الأحمر:
وتصنّف ضمن هذا النطاق الشركات غير الملتزمة بإجراءات التوطين والإحلال، وبالتالي فإنها تحرم من حق الاستقدام ولا يسمح لها بتجديد إقامات العاملين لديها.
ويعمل أغلب المغتربين اليمنيين لدى شركات تصنف ضمن النطاقين الأحمر والأصفر، حيث عادة ما تقوم هذه الشركات باستقدام العمالة اليمنية، وهم ضمن النطاق الأخضر، وما إن يصل المغترب اليمني إلى المملكة يفاجأ بأن كفيله أصبح ضمن النطاق الأصفر أو الأحمر، وبالتالي يصبح المغترب غير قادر على العمل لدى كفيله، أو الحصول على الإقامة بصورة نظامية، وغير قادر على نقل كفالته لدى كفيل آخر، قبل مرور عام كامل من تاريخ دخوله إلى المملكة، الأمر الذي يضطر الآلاف من المغتربين اليمنيين إلى البحث عن أي عمل يسد رمقهم.
كما أن برنامج «نطاقات» يلزم الشركات بنسب محددة لكل دولة يتم استقدام العمالة منها، وقد أعطى البرنامج بعض الدول نسبة أعلى من النسبة المحددة لليمن، مع أن المفترض أن تكون اليمن ضمن الدول ذات الأولوية في الحصول على الامتيازات، باعتبارها عضواً في لجنة القوى العاملة في مجلس التعاون الخليجي، والمفترض أن تعامل العمالة اليمنية أسوة بالعمالة الخليجية.
ويلزم هذا البرنامج أصحاب العمل بتوريد مرتبات العاملين إلى حساباتهم في البنك، بموجب العقد الموقع بين الطرفين، غير أن المغتربين اليمنيين غالباً ما يعملون دون عقود، وفيما إذا كانت لديهم عقود عمل فإن مرتباتهم لا تمثل سوى 50 بالمائة من المبلغ الحقيقي الذي يتقاضاه، أو أن رواتهم تكون ضئيلة للغاية، وهو الأمر الذي يحرمهم من حق التحويل، وحق استقدام العائلة، وشراء وسيلة مواصلات.
إن هذا البرنامج يلزم توريد مرتبات العامل إلى حسابه في البنك بموجب العقد وغالباً ما يكون إخواننا المغتربون مرتباتهم المنصوص عليها في العقود -إن وجدت- تمثل 50% من المبلغ الحقيقي الذي يتقاضاه، أو أن الراتب أيضاً ضئيل، وهذا يحرمه من حق التحويل أو استقدام العائلة أو شراء وسيلة مواصلات.
ثانيا: شركات الاستقدام:
عام 2011، أصدرت وزارة العمل السعودية اللائحة المنظمة لشركات استقدام العمالة والعمالة لدى الغير، وتقديم الخدمات العمالية، وألزمت هذه اللائحة مكاتب الاستقدام السعودية بالتحول إلى شركات مساهمة برأس مال لا يقل عن 50 مليون ريال سعودي، كحد أدنى للشركة الواحدة، وعلى أن يكون المشاركون في كل شركة خمسة مكاتب من مكاتب الاستقدام السابقة.
ووفقاً لهذه اللائحة تتولّى هذه الشركات الوساطة بين العامل المستقدم لصالحها أو لصالح رب العمل، وتعتبر هذه الشركات الوكيل لإبرام هذه العقود وتتحمّل مسؤولياتها وفقاً لنموذج مُعد من قبل وزارة العمل، يتضمّن المدة المسموح للعامل البقاء فيها في المملكة.
ومنحت اللائحة شركات الاستقدام الحق في خصم مرتبات العامل المستقدم عبرها، وحظر تحركاته في المملكة وحصر إقامته وتحركاته في النطاق الجغرافي المحدد لكل شركة من شركات الاستقدام.
وتترتب على هذا الإجراء آثار وأضرار على العاملين اليمنيين الذي يبحثون في إطار الحملة الحالية عن كفلاء لهم عبر هذه الشركات، حيث سيكونون غير قادرين على الذهاب إلى مواقع أعمالهم الحُرة، وغير قادرين على ممارسة أي عمل حُر أسوة بما كان متاحاً قبل هذه الإجراءات.
ثالثا: تعديل بعض مواد قانون العمل السعودي:
ومؤخراً اتخذ مجلس الوزراء السعودي قراراً بتعديل عدد من مواد نظام العمل، وتضمّنت هذه التعديلات ما يلي:
1- إلغاء المادة 33 من نظام العمل السعودي، والتي كانت تسمح ضمناً للعامل الوافد الذي دخل المملكة بطريقة مشروعة أن يزاول المهنة بعد الحصول على رخصة عمل من الجهات المختصة.
وبناءً على هذا التعديل تضرر آلاف المغتربين اليمنيين الذين كانوا يتمتعون بمزايا هذه المادة قبل إلغائها.
معظم اليمنيين يعملون دون عقود ورواتبهم ضئيلة للغاية الأمر الذي يحرمهم من حقل استقدام العائلة وشراء وسيلة مواصلات
2 - تعديل المادة 39 من نظام العمل:
حيث كانت قبل التعديل تنص على:
1 - لا يجوز –بغير إتباع القواعد والإجراءات النظامية المقرة– أن يترك صاحب العمل عامله يعمل لدى غيره، ولا يجوز للعامل أن يعمل لدى صاحب عمل آخر، كما لا يجوز لصاحب العمل توظيف عامل غيره.
2 - لا يجوز لصاحب العمل أن يترك عامله يعمل لحسابه الخاص، ولا يجوز للعامل أن يعمل لحسابه الخاص.
وبعد التعديل أصبح نص المادة 39 من نظام العمل كما يلي:
1 - لا يجوز –بغير إتباع القواعد والإجراءات النظامية المقرة– أن يترك صاحب العمل عامله يعمل لدى غيره، ولا يجوز للعامل أن يعمل لدى صاحب عمل آخر، كما لا يجوز لصاحب العمل توظيف عامل غيره، وتتولى وزارة العمل التفتيش على المنشآت، والتحقيق في المخالفات التي يتم ضبطها من قبل مفتشيها، ومن ثم إحالتها إلى وزارة الداخلية لتطبيق العقوبات المقررة بشأنها.
2 - لا يجوز لصاحب العمل أن يترك عامله يعمل لحسابه الخاص، كما لا يجوز للعامل أن يعمل لحسابه الخاص، وتتولى وزارة الداخلية ضبط وإيقاف وترحيل وإيقاع العقوبات على المخالفين من العاملين لحسابهم الخاص (العمالة السائبة) في الشوارع والميادين والمتغيبين عن العمل (الهاربين)، وكذلك أصحاب العمل والمشغّلين لهؤلاء والمتستّرين عليهم والناقلين لهم، وكل من له دور في المخالفة وتطبيق العقوبات المقررة بحقهم.
ولتفعيل هذه المادة بعد التعديل أصدر مجلس الوزراء السعودي لائحة تنفيذية لهذه المادة تضمّنت قائمة من 34 عقوبة، أقلها غرامات مالية تتراوح بين 1000 إلى 3000 آلاف ريال سعودي، على كل من لم يصل لتجديد إقامته قبل 3 أيام من انتهائها، وأشدها فرض غرامة مالية تصل إلى 100 ألف ريال سعودي على بعض المخالفات، كما تتضمن تلك العقوبات السجن وغرامات مالية على العامل والوافد والمستقدم.
الأضرار التي لحقت بالمغتربين اليمنيين بسبب هذه الإجراءات:
ما من شك أن التعديلات الأخيرة على نظام العمل، واللوائح الجديدة التي صدرت بعدها ستلحق الضرر بشرائح كبيرة من المغتربين اليمنيين العاملين لدى غير كفلائهم أو لحسابهم الخاص أو المتسترين لممارسة عمل تجاري أو العاملين عند كفلائهم في غير المهن التي استقدموا لأجلها، أو في محلات غير المحلات التي استقدموا للعمل فيها، ومن أبرز الأضرار المترتبة على ذلك ما يلي:
- ترحيل أعداد كبيرة من أصحاب الفيز الحُرة التي تكبد الحاصلون عليها مبالغ مالية طائلة قاموا ببيع ممتلكاتهم وحلي نسائهم وتكبدوا ديوناً طائلة من أجل الحصول عليها، ويبلغ عدد هذه الشريحة من المتضررين نحو مليون مغترب.
- حرمان المغتربين اليمنيين من أصحاب المحلات التجارية من ممتلكاتهم التي قضوا أعمارهم في اكتسابها، من قبل صدور القرارات والقوانين المنظمة للعمل في المملكة، ولا يقل عدد هذه الشريحة من المتضررين عن 300 ألف مغترب يمارسون أعمالاً تجارية في المملكة.
- حرمان الكثير من المغتربين من الحصول على حقوقهم وممتلكاتهم لدى الغير.
- الإضرار بعوائل المغتربين وأبنائهم.
- عجز كبير في ميزانية الاستيراد في اليمن جراء عودة أعداد كبيرة من المغتربين، الذين ستتسبب عودتهم أيضا في ارتفاع العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلاً عمّا سيتسبب به ذلك من ضغط على مرافق الخدمات العامة.
- ارتفاع نسبة البطالة في اليمن، وهو الأمر الذي سينعكس سلباً على الجانب الأمني، حيث ستعمل الجماعات الإرهابية على استقطاب العاطلين عن العمل، ولن تقتصر آثار ذلك على اليمن فقط ولكنها ستؤثر أيضا على دول الجوار.
لشركات الاستقدام الحق في خصم مرتبات العمال، وحصر إقامتهم وحظر تحركاتهم في النطاق الجغرافي المحدد لكل شركة
* رؤية للمعالجة:
واقترحت وزارة المغتربين في رؤيتها لتشخيص المشكلة المقترحات التالية، التي لم ينفذ أي منها، وهي:
1 - رفع القضية إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، ووضعه في الصورة كاملة، من قبل مجلس الوزراء، وقيامه بزيارة عاجلة إلى المملكة العربية السعودية، لمعالجة أوضاع المغتربين، ومحاولة إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل أحداث حرب الخليج، أو على الأقل استثناء المغتربين اليمنيين من تطبيق المادة 39 من نظام العمل السعودي وتعديلاتها.
2 - وفي حالة عدم استجابة الجانب السعودي لما ورد في الاقتراح السابق، يقوم مجلس الوزراء بتشكيل فريق أزمات أو اعتبار المجلس الأعلى لرعاية المغتربين فريق أزمة يتولّى المهام التالية:
- التنسيق مع الجانب السعودي والاتفاق على آلية لتصحيح أوضاع من يمكن تصحيح أوضاعهم، وفقاً للنظام الحالي، والمطالبة بالتمديد لفترة لا تقل عن عامين؛ نظراً للأوضاع والملابسات القائمة، التي يعاني منها المغتربون اليمنيون.
- تمكين غير القادرين على تصحيح أوضاعهم من الاحتفاظ بحقوقهم والخروج بها وإعفائهم من أي إجراءات وفقاً لقانون المغتربين.
- وضع آليات للاستقبال المرحّلين وإيوائهم وإعادة ترتيب أوضاعهم ودمجهم في المجتمع.
تقرير اللجنة الوزارية المرفوع إلى الحكومة:
وفي تقريها بشأن أزمة المغتربين اليمنيين في المملكة العربية السعودية، أكدت اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة القضية أن العلاقات اليمنية - السعودية تشهد مرحلة جديدة يمكن أن تحدد وجهتها مستقبلاً سلباً أو إيجاباً مشكلة المغتربين اليمنيين، على ضوء قرار مجلس الوزراء السعودي الأخير بشأن تعديل المادة 39 من قانون العمل في المملكة.
وأكدت اللجنة أن هذه التعديلات ستحلق ضرراً بالغاً بالمغتربين اليمنيين لأسباب عدّة منها:
- ترحيل أعداد كبيرة من المغتربين بصورة مفاجئة قد تصل إلى مليون مغترب تقريباً، وهم من يتوقّع عدم قدرتهم على تصحيح أوضاعهم وفقاً للتعديل الجديد.
- تضرر أعداد كبيرة من المغتربين الذين يمارسون أعمالاً تجارية من خلال تسجيل العقود والتراخيص بأسماء كفلاء سعوديين مقابل مبالغ تدفع لهم.
- تضرر أعداد كبيرة ممن دخلوا المملكة بطريقة شرعية، ويمارسون أعمالاً مختلفة تصنّف بالعمالة السائبة.
- تضرر أعداد كبيرة من المغتربين الذين يعملون لدى غير كفلائهم، وهذه الأعداد مهددة بالترحيل، وهم الغالبية التي تطالهم التعديلات الأخيرة في قانون العمل السعودي.
وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أن هذه التعديلات سيكون لها تداعيات على مختلف الصّعد السياسية والاجتماعية في اليمن، ومن أبرزها:
أولا: تطبيق القرار دون مراعاة لخصوصية العلاقات المتميزة بين البلدين سيكون له جُملة من الآثار السلبية والتداعيات السياسية والأمنية والاقتصادية المباشرة على بلادنا وغير المباشرة على المملكة.
ثانياً: توسيع دائرة التذمّر والاحتجاج لدى الرأي العام غير المساند لمسار العلاقات اليمنية - السعودية والانتقادات الموجّهة لتوقيع اتفاقية «جدة» للحدود بين البلدين عام 2000.
ثالثاً: توقع حدوث حالة عدم استقرار على حدود البلدين وارتفاع وتيرة الجريمة المنظّمة عابرة للحدود الوطنية.
رابعاً: التأثير السلبي المباشر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا؛ نتيجة تراجع تحويلات المغتربين والذي سينعكس في ارتفاع نسبة البطالة وزيادة عدد الأسر المعدمة واتساع دائرة الفقر، ممّا يوفّر بيئة مناسبة لاستقطاب الجماعات الإرهابية ومحترفي الجرائم الجنائية.
واقترحت اللجنة في تقريرها المعالجات التالية:
1 - العمل على التفاهم مع أشقائنا في قيادة المملكة العربية السعودية بإعادة الامتيازات التي كان يتمتع بها المغتربون اليمنيون قبل أزمة الخليج عام 1990، كون الملابسات التي أدت إلى تعليق هذه الامتيازات قد زالت.
2 - طلب استثناء المغتربين اليمنيين من أحكام المادة 39 وتعديلاتها لما تربط اليمن بالمملكة من خصوصية العلاقة التاريخية القائمة على روابط العقيدة والأخوة والجوار والنسيج الاجتماعي الواحد.
3 - المطالبة بمنح المغتربين اليمنيين فترة لا تقل عن خمس سنوات لتسوية أوضاعهم بالمملكة وفقاً لآلية يتم الاتفاق عليها بين البلدين.
ونفذت مجموعة «نشطاء من أجل اليمن»، يوم السبت، وقفة احتجاجية أمام وزارة شؤون المغتربين للمطالبة بحل مشاكل المغتربين اليمنيين في السعودية، وقال بلاغ صحفي صادر عن المجموعة إن وزير المغتربين أكد لهم أن «وزارة الخارجية تعقد الاتفاقيات مع السلطات السعودية دون الرجوع إلى اللجنة المشكّلة من خمس وزارات، على رأسها وزارة المغتربين، لحل قضية المغتربين اليمنيين في السعودية.
وسلمت مجموعة «نشطاء من أجل اليمن» خلال الوقفة رسالة إلى وزير المغتربين طالبوا فيها بضرورة التعامل بجدية لإيقاف الانتهاكات التي يتعرض لها المغتربون اليمنيون وتشكيل لجنة تقصِّي حقائق حول الانتهاكات التي ترتكب بحقهم، كما طالبوا بإيقاف استغلال الوضع الحالي للمغترب عن طريق جباية رسوم غير قانونية إضافة إلى المطالبة بضرورة قيام الوزارة بمهامها التي وجدت من أجله.
وكانت السفارة اليمنية في الرياض أعلنت أنها أبرمت تفاهمات مع السلطات السعودية لترحيل اليمنيين المقيمين بطرق غير مشروعة في السعودية، غير أن مسؤولا في جوازات الدمام نفى إبرام أي تفاهمات مع السفارة اليمنية بهذا الخصوص.
وانتقد الناطق الأمني لشرطة نجران، النقيب عبد الله العشوري، بحسب صحيفة الوطن السعودية، الاجراءات التي تتخذها السفارة اليمنية في الرياض، وقال إن السفارة اليمنية بعثت مئات السجناء المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل، دون مراعاة للإجراءات الأمنية التي يجب اتخاذها لترحيل هؤلاء المخالفين.
ورغم موافقة السلطات اليمنية على ترحيل المئات من اليمنيين عبر السفارة اليمنية في الرياض بعد التأكد من اتخاذ الإجراءات الأمنية المطلوبة، إلا أن مشكلة أخرى برزت في رفض منفذ البقع الحدودي استقبال المرحلين، جراء عدم وجود تنسيق بين وزارتي الخارجية وشؤون المغتربين بشأن اجراءات الترحيل.
وبحسب صحيفة الوطن السعودية، أكدت جوازات منطقة نجران أنها اضطرت إلى احتجاز حافلات تابعة للسفارة اليمنية تقل مئات المرحلين، جراء رفض الجوازات اليمنية في منفذ البُقع استقبالهم، حيث تم نقلهم إلى منفذ الطوال بمنطقة جازان بدلا من منطقة نجران.
وكانت وزارة المغتربين أعلنت أنها أعدّت خطة طوارئ لاستقبال نحو 500 ألف مرحّل يمني من المملكة، غير أن مصدراً في وزارة المغتربين نفى وجود أي خطة، وقال إن الوزارة لا تمتلك أي اعتمادات مالية، وليست لها سوى موازنتها التشغيلية ورواتب موظفيها فقط.
ومع اقتراب انتهاء مُهلة الثلاثة أشهر التي منحها العاهل السعودي لتصحيح أوضاع المخالفين لأنظمة العمل السعودية، تبدو الحكومة اليمنية عاجزة عن اتخاذ أي إجراءات لمعالجة أوضاع المغتربين، حيث انتهت اللجنة الوزارية التي شكلها مجلس الوزراء للنظر في هذه القضية إلى رفع تقريرها إلى مجلس الوزراء، وبرسالة سلمها وزير الخارجية من الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز.
تشخيص لمشكلة المغتربين
وفي تقريرها المرفوع إلى اللجنة الوزارية للنظر في قضية المغتربين اليمنيين في السعودية، أكدت وزارة المغتربين أن مشاكل المغتربين تتمحور حول ثلاثة محاور أساسية، هي: مشكلة الكفيل، ومشكلة الاستقدام، ومشكلة التستر، سنستعرض فيما يلي كل نقطة منها على حدةٍ لمعرفة أسبابها وملابساتها.
اليمنيون الذين يمتلكون محلات أو مؤسسات تجارية يضطرون إلى نقل أنشطتهم بأسماء سعوديين وفي حال النزاع على الملكية تتم مصادرة الممتلكات إلى «بيت مال المسلمين»
أولا: مشكلة الكفيل:
في ظل أحداث الخليج عام 1990، اتخذت السعودية قراراً بتطبيق نظام الكفيل على اليمنيين المقيمين والمستقدمين للعمل لديها، وهو ما رفضه المغتربون اليمنيون آن ذاك، لشعورهم بمدى الضرر الذي سيلحق بهم جراء تطبيق نظام الكفيل، ومع ذلك فقد طبق نظام الكفيل وفقاً لإجراءات مجحفة بحق اليمنيين مقارنة بالمستقدمين من دول أخرى.
ويعرف قانون العمل السعودي الكفيل بأنه صاحب العمل الملزم قانوناً بتوفير العمل وتحمل كافة الرسوم المقررة، إلا أن ما يتم تطبيقه على اليمنيين هو العكس تماماً، بالإضافة إلى التعامل المجحف من قبل الكفلاء مع مكفوليهم، حيث يبدأ العمل من ساعات الصباح الأولى إلى ساعات متأخرة من الليل بحقوق غير واضحة وفقاً للإجراءات المتّبعة، وهو ما يجعل المغترب اليمني معرضاً للطرد والترحيل وفقاً لأمزجة الكفلاء.
وكثيراً ما يختلق الكفلاء مشاكل لمكفوليهم، خاصة عند مطالبتهم بحقوقهم، حيث يبلغ الكفلاء بمكفوليهم في مكاتب العمل والشرطة، وبناءً عليه يتم توقيف وترحيل المغترب اليمني دون تمكينه من حقوقه، ويلزم بدفع قيمة تذكرة ترحيله.
وأحياناً يقوم بعض الكفلاء بالموافقة على نقل كفالة العاملين لديهم مقابل مبالغ مالية، مما يلزم المغترب اليمني بتسليمها للكفيل إما دُفعة واحدة، أو على شكل أقساط شهرية، ومع هذا فإن بعض الكفلاء يقومون بالإبلاغ عن هروب العامل بعد أن تبدأ إجراءات النّقل، وتعتبر هذه واحدة من أهم الذرائع التي تتبع حالياً لترحيل المغتربين اليمنيين المقيمين بصورة قانونية.
كما يقوم بعض الكفلاء المستقدمين بتشغيل المغتربين في محلاتهم التي تقع في مناطق غير المناطق التي استقدموا للعمل فيها، وهذا يصنّف من قبل الجهات الرسمية في السعودية كمخالفة تستوجب ترحيل العامل؛ لأنه يعمل في غير المحل الذي استقدم للعمل فيه.
ويعاني المغتربون أيضاً من أن هناك بعض الكفلاء متوفين أو أن عليهم التزامات للغير أو أنهم يتخلفون عن سداد رسوم الخدمات وغيرها من الرسوم، وهو الأمر الذي يدفع الجهات المختصة إلى إيقاف تصريح الكفيل، ورفض تجديد الإقامة للمكفولين أو منحهم تأشيرة خروج، ويطلب منهم سداد الالتزامات المتأخرة على الكفيل لتجديد إقاماتهم، أو أن يصبحوا بدون إقامة، وبالتالي يصنفون كعمالة سائبة، وهو ما يتم حالياً في عملية ترحيل المغتربين من السعودية.
ثانيا: مشكلة الاستقدام:
تمنح دول الخليج أصحاب العمل حق الاستقدام للعمالة العادية والمهنية من دول مختلفة عبر مكاتب العمل برسوم تبلغ 2000 ريال سعودي، يدفعها صاحب العمل الذي يستقدم العمال من أي بلد، باستثناء العمال القادمين من اليمن، الذين يقومون بدفع هذا المبلغ بدلاً عن صاحب العمل.
ومنذ العام 1996، منحت المملكة العربية السعودية أصحاب الوجاهة والنفوذ «فيزا» لاستقدام عمالة من اليمن دون أن يكون الحاصلون على هذه الفيز من أصحاب العمل أو من القادرين على تشغيل العمالة الوافدة، حيث يتم بيع هذه الفيز عبر سماسرة بالتنسيق مع المكاتب الخاصة باستقدام العمّال في السعودية واليمن.
ووصل سعر الـ«فيزا» الواحدة إلى 15 ألف ريال سعودي، حيث يمنح الحاصلون على هذا النوع من الفيز بعد دخولهم السعودية تأشيرة مؤقتة يسمح لهم من خلالها بالبحث عن كفيل آخر، يتم نقل كفالتهم إليه بمبلغ يصل إلى 4 آلاف ريال سعودي، ونتيجة لهذا الوضع يتعرّض المغتربون حالياً للترحيل العشوائي باعتبارهم عمالة سائبة أو أنهم يعملون لدى غير كفلائهم.
ثالثا: مشكلة التستر:
تنتهج المملكة العربية السعودية سياسة توطين التجارة والعمالة، دون مراعاة العاملين قبل صدور القوانين أو التعليميات المنظّمة لذلك، بدعوى أنها تشمل العاملين من الجنسيات المختلفة، غير أن الواقع يؤكد أن هذه الإجراءات تستهدف اليمنيين لوجود أعداد كبيرة منهم يمتلكون محلات ومؤسسات تجارية، وتمثل العمالة اليمنية والسعودية لديهم نسبة كبيرة.
ونتيجة لهذه الإجراءات المجحفة، لجأ أصحاب المؤسسات والمحلات التجارية من اليمنيين إلى نقل أنشطهم التجارية بأسماء سعوديين، وفقاً لما يُعرف بنظام التستر، حيث يدفع اليمني مقابل الاسم مبلغاً سنوياً من المال، ومع مرور الوقت تحصل عدد من النزاعات والمشاكل بين المتستر والمتستر عليه، الأمر الذي يُلجئ المغترب اليمني إلى مكاتب العمل، التي تعرض القضايا على المحاكم للنظر فيها بحضور طرفي النزاع اليمني والسعودي، وتقوم المحاكم بإصدار أحكام مجحفة بتوريد المال المتنازع عليه إلى بيت مال المسلمين، لعدم وجود متابع، رغم حضور صاحب الشأن لجميع جلسات المحكمة.
منذ صدور قانون العمل السعودي عام 1426، اتخذت المملكة العربية السعودية عدداً من الإجراءات لتنظيم العمالة الوافدة، من ضمنها الإجراءات التالية:
إذا تم إيقاف تصريح الكفيل يلزم المغترب اليمني بسداد الرسوم المتأخرة على الكفيل مقابل تجديد الإقامة أو الحصول على تأشيرة خروج
أولا: برنامج نطاقات:
أصدرت المملكة العربية السعودية برنامج يُسمى «برنامج نطاقات»، الذي يهدف إلى إحلال العمالة السعودية بدلاً عن العمالة الوافدة، ومكافحة التستر التجاري، وقد صنّف البرنامج الشركات المشغلة للعمالة الوافدة في المملكة إلى أربعة أصناف هي:
1 - النطاق الممتاز:
وهذا النطاق يعني أن الشركات المصنفة فيه ملتزمة بالتوطين وبتنفيذ الإجراءات الأخرى كالتأمين على العاملين، وبالتالي فإنه يسمح لهذه الشركات أن تستقدم عمالة وافدة وفقاً لنسب محددة.
2 - النطاق الأخضر:
هذا النطاق تندرج فيه الشركات الملتزمة بالتوطين، وبالتالي فإنه يسري عليها ما يسري على النطاق الممتاز.
3 - النطاق الأصفر:
الشركات المصنفة ضمن هذا النطاق هي الشركات غير الملتزمة ببعض الإجراءات الخاصة بالتوطين، وبالتالي فإنها تظل تحت المراقبة حتى تحسّن وضعها، وتلتزم بالتوطين والإحلال، وتحرم هذه الشركات من تجديد إقامة العاملين لديها، وفي حالة ما إذا كان العاملون لديها غير قادرين على تجديد إقاماتهم فإنهم يصنفون كعمالة مخالفة وبالتالي يتم ترحيلهم.
4 - النطاق الأحمر:
وتصنّف ضمن هذا النطاق الشركات غير الملتزمة بإجراءات التوطين والإحلال، وبالتالي فإنها تحرم من حق الاستقدام ولا يسمح لها بتجديد إقامات العاملين لديها.
ويعمل أغلب المغتربين اليمنيين لدى شركات تصنف ضمن النطاقين الأحمر والأصفر، حيث عادة ما تقوم هذه الشركات باستقدام العمالة اليمنية، وهم ضمن النطاق الأخضر، وما إن يصل المغترب اليمني إلى المملكة يفاجأ بأن كفيله أصبح ضمن النطاق الأصفر أو الأحمر، وبالتالي يصبح المغترب غير قادر على العمل لدى كفيله، أو الحصول على الإقامة بصورة نظامية، وغير قادر على نقل كفالته لدى كفيل آخر، قبل مرور عام كامل من تاريخ دخوله إلى المملكة، الأمر الذي يضطر الآلاف من المغتربين اليمنيين إلى البحث عن أي عمل يسد رمقهم.
كما أن برنامج «نطاقات» يلزم الشركات بنسب محددة لكل دولة يتم استقدام العمالة منها، وقد أعطى البرنامج بعض الدول نسبة أعلى من النسبة المحددة لليمن، مع أن المفترض أن تكون اليمن ضمن الدول ذات الأولوية في الحصول على الامتيازات، باعتبارها عضواً في لجنة القوى العاملة في مجلس التعاون الخليجي، والمفترض أن تعامل العمالة اليمنية أسوة بالعمالة الخليجية.
ويلزم هذا البرنامج أصحاب العمل بتوريد مرتبات العاملين إلى حساباتهم في البنك، بموجب العقد الموقع بين الطرفين، غير أن المغتربين اليمنيين غالباً ما يعملون دون عقود، وفيما إذا كانت لديهم عقود عمل فإن مرتباتهم لا تمثل سوى 50 بالمائة من المبلغ الحقيقي الذي يتقاضاه، أو أن رواتهم تكون ضئيلة للغاية، وهو الأمر الذي يحرمهم من حق التحويل، وحق استقدام العائلة، وشراء وسيلة مواصلات.
إن هذا البرنامج يلزم توريد مرتبات العامل إلى حسابه في البنك بموجب العقد وغالباً ما يكون إخواننا المغتربون مرتباتهم المنصوص عليها في العقود -إن وجدت- تمثل 50% من المبلغ الحقيقي الذي يتقاضاه، أو أن الراتب أيضاً ضئيل، وهذا يحرمه من حق التحويل أو استقدام العائلة أو شراء وسيلة مواصلات.
ثانيا: شركات الاستقدام:
عام 2011، أصدرت وزارة العمل السعودية اللائحة المنظمة لشركات استقدام العمالة والعمالة لدى الغير، وتقديم الخدمات العمالية، وألزمت هذه اللائحة مكاتب الاستقدام السعودية بالتحول إلى شركات مساهمة برأس مال لا يقل عن 50 مليون ريال سعودي، كحد أدنى للشركة الواحدة، وعلى أن يكون المشاركون في كل شركة خمسة مكاتب من مكاتب الاستقدام السابقة.
ووفقاً لهذه اللائحة تتولّى هذه الشركات الوساطة بين العامل المستقدم لصالحها أو لصالح رب العمل، وتعتبر هذه الشركات الوكيل لإبرام هذه العقود وتتحمّل مسؤولياتها وفقاً لنموذج مُعد من قبل وزارة العمل، يتضمّن المدة المسموح للعامل البقاء فيها في المملكة.
ومنحت اللائحة شركات الاستقدام الحق في خصم مرتبات العامل المستقدم عبرها، وحظر تحركاته في المملكة وحصر إقامته وتحركاته في النطاق الجغرافي المحدد لكل شركة من شركات الاستقدام.
وتترتب على هذا الإجراء آثار وأضرار على العاملين اليمنيين الذي يبحثون في إطار الحملة الحالية عن كفلاء لهم عبر هذه الشركات، حيث سيكونون غير قادرين على الذهاب إلى مواقع أعمالهم الحُرة، وغير قادرين على ممارسة أي عمل حُر أسوة بما كان متاحاً قبل هذه الإجراءات.
ثالثا: تعديل بعض مواد قانون العمل السعودي:
ومؤخراً اتخذ مجلس الوزراء السعودي قراراً بتعديل عدد من مواد نظام العمل، وتضمّنت هذه التعديلات ما يلي:
1- إلغاء المادة 33 من نظام العمل السعودي، والتي كانت تسمح ضمناً للعامل الوافد الذي دخل المملكة بطريقة مشروعة أن يزاول المهنة بعد الحصول على رخصة عمل من الجهات المختصة.
وبناءً على هذا التعديل تضرر آلاف المغتربين اليمنيين الذين كانوا يتمتعون بمزايا هذه المادة قبل إلغائها.
معظم اليمنيين يعملون دون عقود ورواتبهم ضئيلة للغاية الأمر الذي يحرمهم من حقل استقدام العائلة وشراء وسيلة مواصلات
2 - تعديل المادة 39 من نظام العمل:
حيث كانت قبل التعديل تنص على:
1 - لا يجوز –بغير إتباع القواعد والإجراءات النظامية المقرة– أن يترك صاحب العمل عامله يعمل لدى غيره، ولا يجوز للعامل أن يعمل لدى صاحب عمل آخر، كما لا يجوز لصاحب العمل توظيف عامل غيره.
2 - لا يجوز لصاحب العمل أن يترك عامله يعمل لحسابه الخاص، ولا يجوز للعامل أن يعمل لحسابه الخاص.
وبعد التعديل أصبح نص المادة 39 من نظام العمل كما يلي:
1 - لا يجوز –بغير إتباع القواعد والإجراءات النظامية المقرة– أن يترك صاحب العمل عامله يعمل لدى غيره، ولا يجوز للعامل أن يعمل لدى صاحب عمل آخر، كما لا يجوز لصاحب العمل توظيف عامل غيره، وتتولى وزارة العمل التفتيش على المنشآت، والتحقيق في المخالفات التي يتم ضبطها من قبل مفتشيها، ومن ثم إحالتها إلى وزارة الداخلية لتطبيق العقوبات المقررة بشأنها.
2 - لا يجوز لصاحب العمل أن يترك عامله يعمل لحسابه الخاص، كما لا يجوز للعامل أن يعمل لحسابه الخاص، وتتولى وزارة الداخلية ضبط وإيقاف وترحيل وإيقاع العقوبات على المخالفين من العاملين لحسابهم الخاص (العمالة السائبة) في الشوارع والميادين والمتغيبين عن العمل (الهاربين)، وكذلك أصحاب العمل والمشغّلين لهؤلاء والمتستّرين عليهم والناقلين لهم، وكل من له دور في المخالفة وتطبيق العقوبات المقررة بحقهم.
ولتفعيل هذه المادة بعد التعديل أصدر مجلس الوزراء السعودي لائحة تنفيذية لهذه المادة تضمّنت قائمة من 34 عقوبة، أقلها غرامات مالية تتراوح بين 1000 إلى 3000 آلاف ريال سعودي، على كل من لم يصل لتجديد إقامته قبل 3 أيام من انتهائها، وأشدها فرض غرامة مالية تصل إلى 100 ألف ريال سعودي على بعض المخالفات، كما تتضمن تلك العقوبات السجن وغرامات مالية على العامل والوافد والمستقدم.
الأضرار التي لحقت بالمغتربين اليمنيين بسبب هذه الإجراءات:
ما من شك أن التعديلات الأخيرة على نظام العمل، واللوائح الجديدة التي صدرت بعدها ستلحق الضرر بشرائح كبيرة من المغتربين اليمنيين العاملين لدى غير كفلائهم أو لحسابهم الخاص أو المتسترين لممارسة عمل تجاري أو العاملين عند كفلائهم في غير المهن التي استقدموا لأجلها، أو في محلات غير المحلات التي استقدموا للعمل فيها، ومن أبرز الأضرار المترتبة على ذلك ما يلي:
- ترحيل أعداد كبيرة من أصحاب الفيز الحُرة التي تكبد الحاصلون عليها مبالغ مالية طائلة قاموا ببيع ممتلكاتهم وحلي نسائهم وتكبدوا ديوناً طائلة من أجل الحصول عليها، ويبلغ عدد هذه الشريحة من المتضررين نحو مليون مغترب.
- حرمان المغتربين اليمنيين من أصحاب المحلات التجارية من ممتلكاتهم التي قضوا أعمارهم في اكتسابها، من قبل صدور القرارات والقوانين المنظمة للعمل في المملكة، ولا يقل عدد هذه الشريحة من المتضررين عن 300 ألف مغترب يمارسون أعمالاً تجارية في المملكة.
- حرمان الكثير من المغتربين من الحصول على حقوقهم وممتلكاتهم لدى الغير.
- الإضرار بعوائل المغتربين وأبنائهم.
- عجز كبير في ميزانية الاستيراد في اليمن جراء عودة أعداد كبيرة من المغتربين، الذين ستتسبب عودتهم أيضا في ارتفاع العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلاً عمّا سيتسبب به ذلك من ضغط على مرافق الخدمات العامة.
- ارتفاع نسبة البطالة في اليمن، وهو الأمر الذي سينعكس سلباً على الجانب الأمني، حيث ستعمل الجماعات الإرهابية على استقطاب العاطلين عن العمل، ولن تقتصر آثار ذلك على اليمن فقط ولكنها ستؤثر أيضا على دول الجوار.
لشركات الاستقدام الحق في خصم مرتبات العمال، وحصر إقامتهم وحظر تحركاتهم في النطاق الجغرافي المحدد لكل شركة
* رؤية للمعالجة:
واقترحت وزارة المغتربين في رؤيتها لتشخيص المشكلة المقترحات التالية، التي لم ينفذ أي منها، وهي:
1 - رفع القضية إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، ووضعه في الصورة كاملة، من قبل مجلس الوزراء، وقيامه بزيارة عاجلة إلى المملكة العربية السعودية، لمعالجة أوضاع المغتربين، ومحاولة إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل أحداث حرب الخليج، أو على الأقل استثناء المغتربين اليمنيين من تطبيق المادة 39 من نظام العمل السعودي وتعديلاتها.
2 - وفي حالة عدم استجابة الجانب السعودي لما ورد في الاقتراح السابق، يقوم مجلس الوزراء بتشكيل فريق أزمات أو اعتبار المجلس الأعلى لرعاية المغتربين فريق أزمة يتولّى المهام التالية:
- التنسيق مع الجانب السعودي والاتفاق على آلية لتصحيح أوضاع من يمكن تصحيح أوضاعهم، وفقاً للنظام الحالي، والمطالبة بالتمديد لفترة لا تقل عن عامين؛ نظراً للأوضاع والملابسات القائمة، التي يعاني منها المغتربون اليمنيون.
- تمكين غير القادرين على تصحيح أوضاعهم من الاحتفاظ بحقوقهم والخروج بها وإعفائهم من أي إجراءات وفقاً لقانون المغتربين.
- وضع آليات للاستقبال المرحّلين وإيوائهم وإعادة ترتيب أوضاعهم ودمجهم في المجتمع.
تقرير اللجنة الوزارية المرفوع إلى الحكومة:
وفي تقريها بشأن أزمة المغتربين اليمنيين في المملكة العربية السعودية، أكدت اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة القضية أن العلاقات اليمنية - السعودية تشهد مرحلة جديدة يمكن أن تحدد وجهتها مستقبلاً سلباً أو إيجاباً مشكلة المغتربين اليمنيين، على ضوء قرار مجلس الوزراء السعودي الأخير بشأن تعديل المادة 39 من قانون العمل في المملكة.
وأكدت اللجنة أن هذه التعديلات ستحلق ضرراً بالغاً بالمغتربين اليمنيين لأسباب عدّة منها:
- ترحيل أعداد كبيرة من المغتربين بصورة مفاجئة قد تصل إلى مليون مغترب تقريباً، وهم من يتوقّع عدم قدرتهم على تصحيح أوضاعهم وفقاً للتعديل الجديد.
- تضرر أعداد كبيرة من المغتربين الذين يمارسون أعمالاً تجارية من خلال تسجيل العقود والتراخيص بأسماء كفلاء سعوديين مقابل مبالغ تدفع لهم.
- تضرر أعداد كبيرة ممن دخلوا المملكة بطريقة شرعية، ويمارسون أعمالاً مختلفة تصنّف بالعمالة السائبة.
- تضرر أعداد كبيرة من المغتربين الذين يعملون لدى غير كفلائهم، وهذه الأعداد مهددة بالترحيل، وهم الغالبية التي تطالهم التعديلات الأخيرة في قانون العمل السعودي.
وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أن هذه التعديلات سيكون لها تداعيات على مختلف الصّعد السياسية والاجتماعية في اليمن، ومن أبرزها:
أولا: تطبيق القرار دون مراعاة لخصوصية العلاقات المتميزة بين البلدين سيكون له جُملة من الآثار السلبية والتداعيات السياسية والأمنية والاقتصادية المباشرة على بلادنا وغير المباشرة على المملكة.
ثانياً: توسيع دائرة التذمّر والاحتجاج لدى الرأي العام غير المساند لمسار العلاقات اليمنية - السعودية والانتقادات الموجّهة لتوقيع اتفاقية «جدة» للحدود بين البلدين عام 2000.
ثالثاً: توقع حدوث حالة عدم استقرار على حدود البلدين وارتفاع وتيرة الجريمة المنظّمة عابرة للحدود الوطنية.
رابعاً: التأثير السلبي المباشر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا؛ نتيجة تراجع تحويلات المغتربين والذي سينعكس في ارتفاع نسبة البطالة وزيادة عدد الأسر المعدمة واتساع دائرة الفقر، ممّا يوفّر بيئة مناسبة لاستقطاب الجماعات الإرهابية ومحترفي الجرائم الجنائية.
واقترحت اللجنة في تقريرها المعالجات التالية:
1 - العمل على التفاهم مع أشقائنا في قيادة المملكة العربية السعودية بإعادة الامتيازات التي كان يتمتع بها المغتربون اليمنيون قبل أزمة الخليج عام 1990، كون الملابسات التي أدت إلى تعليق هذه الامتيازات قد زالت.
2 - طلب استثناء المغتربين اليمنيين من أحكام المادة 39 وتعديلاتها لما تربط اليمن بالمملكة من خصوصية العلاقة التاريخية القائمة على روابط العقيدة والأخوة والجوار والنسيج الاجتماعي الواحد.
3 - المطالبة بمنح المغتربين اليمنيين فترة لا تقل عن خمس سنوات لتسوية أوضاعهم بالمملكة وفقاً لآلية يتم الاتفاق عليها بين البلدين.