تكشف حكيمة (6 سنوات) عن ساقيها لتُظهر أثار مرض جلدي غريب، بدأ ينتشر بين سكان مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين الجنوبية في اليمن التي شهدت لأكثر من عام معارك ضارية بين الجيش اليمني وما يُسمى «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب»، ما أدى إلى نزوح أكثر من 100 ألف شخص وتدمير معظم المباني وقتل وجرح مئات المدنيين.
مدينة مثخنة بالألغام والأوبئة والخراب والخوف من عودة مقاتلي «القاعدة»، هذه هي حال زنجبار بعد مرور أكثر من خمسة شهور على «تحريرها» من قبضة الجماعة المسلحة، حيث البيوت صارت أطلالاً والشوارع حقول ألغام، توازياً مع انتشار الأوبئة وشحّ الخدمات خصوصاً في المشافي. يمشي زائر المدينة بحذر متوجساً كمن يسير على حبل. وتشير التقديرات الرسمية إلى وجود 10 ألاف لغم. حصدت حوالى 100 شخص، معظمهم من الأطفال والنساء. ووصلت لعنة ألالغام إلى محافظة عدن، حيث قتل ثلاثة عسكريين في انفجار مخزن للألغام المنزوعة من أبين.
يُتَّهم مقاتلو تنظيم «القاعدة» بزراعتها قبيل انسحابهم من أبين، وعلى رغم شروع فرقة من الجيش برسم خريطة للمواقع المزوعة بالالغام وتفكيك بعضها إلاّ أن اللوحات التحذيرية من وجود ألغام تصادفها مكتوبة في مواقع متعددة بما فيها المدارس ومقار منظّمات كجمعية رعاية الأسرة.
ويشكو العائدون من عدم وجود بوادر حقيقية لحل مشكلة المساكن المدمّرة أو تعويض أصحابها، إذ أصبحوا في وضع نزوح آخر لكنه هذه المرّة في مسقط الرأس. فمئات الأسر التي سبق ونزحت إلى محافظات مجاورة، مثل عدن ولحج عادت أخيراً لتجد مساكنها مدمّرة كلياً أو جزئياً، ما اضطر كثيراً منها إلى الإقامة في بعض المباني الحكومية التي نجت من الدمار.
وتقيم أسرة حكيمة مع عشرات من الأسر، في مبانٍ تضمها ساحة الشهداء حيث تقع صالة العروض الفنية ومتحف زنجبار الذي تعرّض للنهب قبل أن تحتله أسرة نازحة. ولا تزال «ظلال» الجماعة الاسلامية المتشددة التي سيطرت على المدينة وأعلنتها إمارة اسلامية، ترتسم في ذاكرة الناس وعلى الجدران. وكانت الجماعة مارست، قطع الأيدي وقتل المثليين، وشهدت تلك الفترة تصفيات جسدية وقطع رؤوس وإعدامات خارج القانون.
يقول رشدي (17 سنة)، بحماسة: «تعالوا أريكم الجمجمة التي وجدتها»، ويقود المجموعة إلى فناء المسجد الواقع بجوار المتحف حيث عثر بالصدفة على جمجمة بشرية، ثُقِبت بفعل رصاصة. ويشرح الشاب أنه حين وجدها كانت لا تزال مكسوّة ببقايا دهنية.
ويتحدث السكان عن نهب مشترك مارسه الجنود النظاميون والأهالي وعناصر القاعدة، ويقول مسؤول في اتحاد الكتّاب والأدباء اليمنيين في محافظة أبين إن محتويات المقر «نُهِبت باستثناء الكتب»، وطاول النهب الذي شهدته زنجبار أسلاك الكهرباء والهاتف. وقال شهود عيان إن مجموعة من الجنود استخدموا دبابة لنزع الكابل من تحت الارض.
وطاولت عمليات النهب الاستاد الرياضي الذي بُني قبل سنوات لاستضافة دورة خليجي 20 في كرة القدم، وعمد البعض إلى تغطية كراسي دراجاتهم بقطعة من العشب الاخضر الصناعي الذي سُرق من ملعب الاستاد الرياضي. وتقدّر المصادر الرسمية عدد المباني والمنشآت الخاصة والعامة المتضررة جرّاء الحرب بأكثر من 4750 مبنى سكنياً ومنشأة حكومية، وتقول السلطات إنها بحاجة إلى 233 مليون دولار لإعادة إعمارها.
ويقول مكتب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن إن 23 ألفاً و500 شخص من إجمالي 25 ألف نازح كانوا يقيمون في مدارس عدن عادوا إلى ديارهم.
ويتزاحم عشرات العائدين على مكتب لمؤسسة إغاثة في زنجبار، ويشتكي معظمهم من عدم وصول المساعدات بشكل كافٍ مشيرين إلى وجود فساد داخل اللجان المعنية بقضية النازحين. ويتسبب التأخر في إعادة أعمار المدينة إلى استمرار تعطل بعض خدمات البنية التحتية وعدم انتظام بعضها الآخر.
"الحياة" اللندنية
مدينة مثخنة بالألغام والأوبئة والخراب والخوف من عودة مقاتلي «القاعدة»، هذه هي حال زنجبار بعد مرور أكثر من خمسة شهور على «تحريرها» من قبضة الجماعة المسلحة، حيث البيوت صارت أطلالاً والشوارع حقول ألغام، توازياً مع انتشار الأوبئة وشحّ الخدمات خصوصاً في المشافي. يمشي زائر المدينة بحذر متوجساً كمن يسير على حبل. وتشير التقديرات الرسمية إلى وجود 10 ألاف لغم. حصدت حوالى 100 شخص، معظمهم من الأطفال والنساء. ووصلت لعنة ألالغام إلى محافظة عدن، حيث قتل ثلاثة عسكريين في انفجار مخزن للألغام المنزوعة من أبين.
يُتَّهم مقاتلو تنظيم «القاعدة» بزراعتها قبيل انسحابهم من أبين، وعلى رغم شروع فرقة من الجيش برسم خريطة للمواقع المزوعة بالالغام وتفكيك بعضها إلاّ أن اللوحات التحذيرية من وجود ألغام تصادفها مكتوبة في مواقع متعددة بما فيها المدارس ومقار منظّمات كجمعية رعاية الأسرة.
ويشكو العائدون من عدم وجود بوادر حقيقية لحل مشكلة المساكن المدمّرة أو تعويض أصحابها، إذ أصبحوا في وضع نزوح آخر لكنه هذه المرّة في مسقط الرأس. فمئات الأسر التي سبق ونزحت إلى محافظات مجاورة، مثل عدن ولحج عادت أخيراً لتجد مساكنها مدمّرة كلياً أو جزئياً، ما اضطر كثيراً منها إلى الإقامة في بعض المباني الحكومية التي نجت من الدمار.
وتقيم أسرة حكيمة مع عشرات من الأسر، في مبانٍ تضمها ساحة الشهداء حيث تقع صالة العروض الفنية ومتحف زنجبار الذي تعرّض للنهب قبل أن تحتله أسرة نازحة. ولا تزال «ظلال» الجماعة الاسلامية المتشددة التي سيطرت على المدينة وأعلنتها إمارة اسلامية، ترتسم في ذاكرة الناس وعلى الجدران. وكانت الجماعة مارست، قطع الأيدي وقتل المثليين، وشهدت تلك الفترة تصفيات جسدية وقطع رؤوس وإعدامات خارج القانون.
يقول رشدي (17 سنة)، بحماسة: «تعالوا أريكم الجمجمة التي وجدتها»، ويقود المجموعة إلى فناء المسجد الواقع بجوار المتحف حيث عثر بالصدفة على جمجمة بشرية، ثُقِبت بفعل رصاصة. ويشرح الشاب أنه حين وجدها كانت لا تزال مكسوّة ببقايا دهنية.
ويتحدث السكان عن نهب مشترك مارسه الجنود النظاميون والأهالي وعناصر القاعدة، ويقول مسؤول في اتحاد الكتّاب والأدباء اليمنيين في محافظة أبين إن محتويات المقر «نُهِبت باستثناء الكتب»، وطاول النهب الذي شهدته زنجبار أسلاك الكهرباء والهاتف. وقال شهود عيان إن مجموعة من الجنود استخدموا دبابة لنزع الكابل من تحت الارض.
وطاولت عمليات النهب الاستاد الرياضي الذي بُني قبل سنوات لاستضافة دورة خليجي 20 في كرة القدم، وعمد البعض إلى تغطية كراسي دراجاتهم بقطعة من العشب الاخضر الصناعي الذي سُرق من ملعب الاستاد الرياضي. وتقدّر المصادر الرسمية عدد المباني والمنشآت الخاصة والعامة المتضررة جرّاء الحرب بأكثر من 4750 مبنى سكنياً ومنشأة حكومية، وتقول السلطات إنها بحاجة إلى 233 مليون دولار لإعادة إعمارها.
ويقول مكتب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن إن 23 ألفاً و500 شخص من إجمالي 25 ألف نازح كانوا يقيمون في مدارس عدن عادوا إلى ديارهم.
ويتزاحم عشرات العائدين على مكتب لمؤسسة إغاثة في زنجبار، ويشتكي معظمهم من عدم وصول المساعدات بشكل كافٍ مشيرين إلى وجود فساد داخل اللجان المعنية بقضية النازحين. ويتسبب التأخر في إعادة أعمار المدينة إلى استمرار تعطل بعض خدمات البنية التحتية وعدم انتظام بعضها الآخر.
"الحياة" اللندنية