وصف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الإعلان الدستوري الأخير، الذي أعلنه الرئيس محمد مرسي بأنه “قفزة في الظلام”، مشيراً إلى أن المأزق الرئيسي الذي تعاني منه مصر اليوم، إلى جانب أزمة “الدستور” والجمعية التأسيسية، التي كان يتعين عليها أن تضم جميع القوى الطبيعية في المجتمع ولا تقتصر في تشكيلها على فئة واحدة، هو أنها أصبحت بصدد تأسيس دولة جديدة، بعد فترة غابت فيها فكرة الدولة بكاملها .
وحذر هيكل، أمس، من دعوات إسقاط النظام التي ترفعها الموجة الثانية للثورة، مشيراً إلى أن النظام الحالي “موجود وله شرعية، وينبغي أن يستوفي مدته”، لكنه أضاف: “السياسة بالانطباع وليس بالإقناع وما أخشاه أن يحصل الفلق في مصر، فما نواجهه الآن أخطر بكثير من انقسام بين طرفين” .
وقال هيكل في حوار أجرته معه شبكة “سي . بي . سي” الفضائية إن “شرعية النظم تسقط بالجرائم، وليس بالأخطاء” لكنه حذر من الوقت ذاته من أن تصل الأمور في البلاد إلى ما هو “أكبر من الأخطاء، وأفدح من الجرائم”، إذا ما استمر الانسداد في الأفق السياسي للأزمة .
وأوضح هيكل: “ليس من المطلوب من الرئيس مرسي أن يتراجع في قراره، لأن هيبة الرئاسة تمنعه، لكن مسؤولية الرئاسة تدعوه في الوقت ذاته إلى البحث عن مخارج للأزمة” .
ولفت إلى لقاء جمعه قبل أيام وشخصية قوية من القصر الرئاسي، مشيراً إلى أنه طرح خلال تلك المقابلة بدائل لحل الأزمة الراهنة من بينها أن يمنح الرئيس للجمعية التأسيسية مهلة الشهرين كاملة لإنجاز مهمة الدستور الجديد، وأن تقدم اللجنة ما انتهت إليه من نصوص إلى لجنة قانونية ودستورية تضم مستشاري الرئيس ونائبه ووزير العدل، لدراسة النصوص وإدخال التعديلات اللازمة عليها قبل طرحها لحوار مجتمعي واسع” .
وقال هيكل: طلبت من ضيفي أن يبلغ هذا الكلام للرئيس، لكن ما حدث بعد ذلك كان صادماً، والاستعجال في طرح الدستور الجديد للاستفتاء، وما صاحبها من دعوة أطلقها الرئيس للحوار، باعتباره أمراً واقعاً حرك الميادين بالغضب .
ووصف هيكل ما يجري في مصر بأنه نتيجة طبيعية لطرفين قلقين، الأول يستعجل الأمور، وله في ذلك ما يبرره خوفاً من أن يعود به الحاضر إلى ماضٍ يعرفه ويخشاه، والثاني يخشى من مستقبل لا يريده .
ووصف هيكل الحصار الذي تعرضت له المحكمة الدستورية العليا بأنه “أشبه بحرق البرلمان الألماني والرايشتاين” في العام ،1933 بعد فوز النازيين بأغلبية غير صريحة في الانتخابات، لكنه أضاف:”لا الإخوان نازيون ولا مرسي هتلر، لكن المشاهد تستدعي نفسها مع اختلاف الوقائع والبيئات” .
وقال هيكل إن حصار الدستورية العليا كان إلغاء لدولة القانون، مشيراً إلى أن التظاهرات التي اندلعت في مصر عقب إعلان طرح الدستور الجديد للاستفتاء برغم ما يجري فيها من أحداث “أعاد روح ثورة الخامس والعشرين من يناير على نحو أفضل، وأكد عدة حقائق أهمها أن القوى الحقيقية للثورة لا تزال موجودة، وأن الإخوان لم يكونوا العنصر الوحيد فيها” .
وقال هيكل: إن الأزمة الحقيقية التي تواجهها مصر الآن هي أنها بصدد تأسيس دولة جديدة بعد فترة غابت فيها فكرة الدولة المسؤولة بإرادة كل المجتمع وفتح الطريق للمستقبل .
وأضاف هيكل أن النظام السابق في مصر حصل على معونات تقدر بنحو تريليونات الدولارات خلال الثلاثين عاماً الماضية من دون أن يقدم تنمية حقيقية، ما يعني أن الدول المانحة لم تمنح مصر جديداً، مشيراً إلى أن جملة ما يدخل البلاد يوميا يصل إلى 1100 مليون جنيه بينما احتياجاتها تزيد على 1700 مليون جنيه .
وأعرب هيكل عن أمله بأن يصدر الرئيس قراراً بتأجيل الاستفتاء، وأن يعطي نفسه “مهلة لقراءة الملفات”، مشيراً إلى أن الإشكالية الحقيقية تتمثل في أن مرسي “جاء لمشهد لا يعرف عنه شيئاً، ليجد نفسه فجأة أمام شباب متطلع لأحلام ليس لها حدود”، وأضاف: مرسي وغيره لم يكن يعلم شيئاً عن مشاكل تعقدت لأكثر من ثلاثين عاماً” وعلى الرئيس البدء فوراً في إجراءات تستهدف إيقاف كل هذا التوتر الذي تعيشه مصر” .
وقال هيكل إنه في مصير الشعوب لا يمكن تقبل فكرة العدمية، داعياً الرئيس إلى خطوات شجاعة، تنطلق من فتح منافذ حوار جاد من أجل نزع فتيل الأزمة الحالية، وتخفيف التوتر الحاصل، مشيراً إلى أن مصر باتت أمام أحد مصيرين إما الرجوع إلى ما قبل القرن ،19 أو الانفلات .
وفسر هيكل ما يراه البعض صداماً بالهيئات القضائية، أن هذا يعود إلى العجلة في كل شيء، وأن عناصر من التيار الإسلامي ترى أن هناك من يريد إقصاءها من المشهد، موضحاً أن الجميع يتحدثون ناسين الوضع الاقتصادي، وأن التصنيف الائتماني لمصر هبط إلى المركز ،130 وأن المستثمرين ينصحون بعدم الاستثمار في مصر .
وأشار إلى أن هناك تربصا بالإعلام صحفاً وفضائيات، ناصحاً الرئيس مرسي بأن يقرأ تقريراً صدر في إنجلترا، من خلال لجنة مشكلة على أعلى مستوى، وحددت تجاوزات جرت في الإعلام، واقترحت على الحكومة أن تفرض قيوداً على وسائل الإعلام، وذهب رئيس الوزراء البريطاني كاميرون إلى مجلس العموم، وقال: إنه يرى أن الإعلام به تجاوزات، لكن يؤثر أن يتركها لكي تصحح نفسها .
وأوضح هيكل أن الرئيس مرسي يعيش مشكلات مع الشباب والقضاء والإعلام، وهناك في الخارج من يريد تحويل الدور المصري إلى وظيفة .
وحذر هيكل من غياب النخبة المصرية، مستعينا بحوار جرى بينه وبين نهرو رئيس الوزراء الهندي حين سأله هيكل: كيف تحلون مشاكل الهند؟ قال نهرو: الهند فيها 500 مليون مواطن، لكن القادرين على صناعة المستقبل هم 10% فقط، هذه النخبة القليلة قادرة على رفع الكتلة، وإذا عجزت النخبة فإن الكتلة سوف تهبط على النخبة .
وأشار إلى أن الديمقراطية لا تأتي بالنخبة، وما حدث أننا في مصر تركنا الكتلة تطغى على النخبة، ولا ينبغي لهذا الموقف أن يستمر، فالأغلبية تمثل إرادة البلاد، وعليها أن تستدعي أفضل النخب لديها، الكتلة لديها التفويض، وأرجو الكلام لهيكل أن يكون لديها العقل.
"الخليج" الاماراتية
وحذر هيكل، أمس، من دعوات إسقاط النظام التي ترفعها الموجة الثانية للثورة، مشيراً إلى أن النظام الحالي “موجود وله شرعية، وينبغي أن يستوفي مدته”، لكنه أضاف: “السياسة بالانطباع وليس بالإقناع وما أخشاه أن يحصل الفلق في مصر، فما نواجهه الآن أخطر بكثير من انقسام بين طرفين” .
وقال هيكل في حوار أجرته معه شبكة “سي . بي . سي” الفضائية إن “شرعية النظم تسقط بالجرائم، وليس بالأخطاء” لكنه حذر من الوقت ذاته من أن تصل الأمور في البلاد إلى ما هو “أكبر من الأخطاء، وأفدح من الجرائم”، إذا ما استمر الانسداد في الأفق السياسي للأزمة .
وأوضح هيكل: “ليس من المطلوب من الرئيس مرسي أن يتراجع في قراره، لأن هيبة الرئاسة تمنعه، لكن مسؤولية الرئاسة تدعوه في الوقت ذاته إلى البحث عن مخارج للأزمة” .
ولفت إلى لقاء جمعه قبل أيام وشخصية قوية من القصر الرئاسي، مشيراً إلى أنه طرح خلال تلك المقابلة بدائل لحل الأزمة الراهنة من بينها أن يمنح الرئيس للجمعية التأسيسية مهلة الشهرين كاملة لإنجاز مهمة الدستور الجديد، وأن تقدم اللجنة ما انتهت إليه من نصوص إلى لجنة قانونية ودستورية تضم مستشاري الرئيس ونائبه ووزير العدل، لدراسة النصوص وإدخال التعديلات اللازمة عليها قبل طرحها لحوار مجتمعي واسع” .
وقال هيكل: طلبت من ضيفي أن يبلغ هذا الكلام للرئيس، لكن ما حدث بعد ذلك كان صادماً، والاستعجال في طرح الدستور الجديد للاستفتاء، وما صاحبها من دعوة أطلقها الرئيس للحوار، باعتباره أمراً واقعاً حرك الميادين بالغضب .
ووصف هيكل ما يجري في مصر بأنه نتيجة طبيعية لطرفين قلقين، الأول يستعجل الأمور، وله في ذلك ما يبرره خوفاً من أن يعود به الحاضر إلى ماضٍ يعرفه ويخشاه، والثاني يخشى من مستقبل لا يريده .
ووصف هيكل الحصار الذي تعرضت له المحكمة الدستورية العليا بأنه “أشبه بحرق البرلمان الألماني والرايشتاين” في العام ،1933 بعد فوز النازيين بأغلبية غير صريحة في الانتخابات، لكنه أضاف:”لا الإخوان نازيون ولا مرسي هتلر، لكن المشاهد تستدعي نفسها مع اختلاف الوقائع والبيئات” .
وقال هيكل إن حصار الدستورية العليا كان إلغاء لدولة القانون، مشيراً إلى أن التظاهرات التي اندلعت في مصر عقب إعلان طرح الدستور الجديد للاستفتاء برغم ما يجري فيها من أحداث “أعاد روح ثورة الخامس والعشرين من يناير على نحو أفضل، وأكد عدة حقائق أهمها أن القوى الحقيقية للثورة لا تزال موجودة، وأن الإخوان لم يكونوا العنصر الوحيد فيها” .
وقال هيكل: إن الأزمة الحقيقية التي تواجهها مصر الآن هي أنها بصدد تأسيس دولة جديدة بعد فترة غابت فيها فكرة الدولة المسؤولة بإرادة كل المجتمع وفتح الطريق للمستقبل .
وأضاف هيكل أن النظام السابق في مصر حصل على معونات تقدر بنحو تريليونات الدولارات خلال الثلاثين عاماً الماضية من دون أن يقدم تنمية حقيقية، ما يعني أن الدول المانحة لم تمنح مصر جديداً، مشيراً إلى أن جملة ما يدخل البلاد يوميا يصل إلى 1100 مليون جنيه بينما احتياجاتها تزيد على 1700 مليون جنيه .
وأعرب هيكل عن أمله بأن يصدر الرئيس قراراً بتأجيل الاستفتاء، وأن يعطي نفسه “مهلة لقراءة الملفات”، مشيراً إلى أن الإشكالية الحقيقية تتمثل في أن مرسي “جاء لمشهد لا يعرف عنه شيئاً، ليجد نفسه فجأة أمام شباب متطلع لأحلام ليس لها حدود”، وأضاف: مرسي وغيره لم يكن يعلم شيئاً عن مشاكل تعقدت لأكثر من ثلاثين عاماً” وعلى الرئيس البدء فوراً في إجراءات تستهدف إيقاف كل هذا التوتر الذي تعيشه مصر” .
وقال هيكل إنه في مصير الشعوب لا يمكن تقبل فكرة العدمية، داعياً الرئيس إلى خطوات شجاعة، تنطلق من فتح منافذ حوار جاد من أجل نزع فتيل الأزمة الحالية، وتخفيف التوتر الحاصل، مشيراً إلى أن مصر باتت أمام أحد مصيرين إما الرجوع إلى ما قبل القرن ،19 أو الانفلات .
وفسر هيكل ما يراه البعض صداماً بالهيئات القضائية، أن هذا يعود إلى العجلة في كل شيء، وأن عناصر من التيار الإسلامي ترى أن هناك من يريد إقصاءها من المشهد، موضحاً أن الجميع يتحدثون ناسين الوضع الاقتصادي، وأن التصنيف الائتماني لمصر هبط إلى المركز ،130 وأن المستثمرين ينصحون بعدم الاستثمار في مصر .
وأشار إلى أن هناك تربصا بالإعلام صحفاً وفضائيات، ناصحاً الرئيس مرسي بأن يقرأ تقريراً صدر في إنجلترا، من خلال لجنة مشكلة على أعلى مستوى، وحددت تجاوزات جرت في الإعلام، واقترحت على الحكومة أن تفرض قيوداً على وسائل الإعلام، وذهب رئيس الوزراء البريطاني كاميرون إلى مجلس العموم، وقال: إنه يرى أن الإعلام به تجاوزات، لكن يؤثر أن يتركها لكي تصحح نفسها .
وأوضح هيكل أن الرئيس مرسي يعيش مشكلات مع الشباب والقضاء والإعلام، وهناك في الخارج من يريد تحويل الدور المصري إلى وظيفة .
وحذر هيكل من غياب النخبة المصرية، مستعينا بحوار جرى بينه وبين نهرو رئيس الوزراء الهندي حين سأله هيكل: كيف تحلون مشاكل الهند؟ قال نهرو: الهند فيها 500 مليون مواطن، لكن القادرين على صناعة المستقبل هم 10% فقط، هذه النخبة القليلة قادرة على رفع الكتلة، وإذا عجزت النخبة فإن الكتلة سوف تهبط على النخبة .
وأشار إلى أن الديمقراطية لا تأتي بالنخبة، وما حدث أننا في مصر تركنا الكتلة تطغى على النخبة، ولا ينبغي لهذا الموقف أن يستمر، فالأغلبية تمثل إرادة البلاد، وعليها أن تستدعي أفضل النخب لديها، الكتلة لديها التفويض، وأرجو الكلام لهيكل أن يكون لديها العقل.
"الخليج" الاماراتية