ستون مليار دولار اختفت من خزينة الدولة اليمنية - هذا ما كشفته لجنة خبراء العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي عن حجم النهب المنظم خلال حكم علي عبدالله صالح، بينما كان مليون وستمئة ألف طفل يمني محرومين من دخول المدارس في جريمة تعليمية مروعة.
الأرقام المرعبة تكشف أن هذا المبلغ المنهوب كان كفيلاً ببناء ستين ألف مدرسة حديثة مجهزة بالكامل، لتستوعب ما بين 18 و24 مليون طالب في بيئة تعليمية نموذجية تضم مختبرات علوم وحاسوب ومكتبات مركزية وساحات لعب.
لكن بدلاً من ذلك، عاش الأطفال اليمنيون كابوساً تعليمياً حقيقياً: معلم واحد مُجبر على تدريس ما بين 50 إلى 100 طالب في فصول مكتظة بلا تهوية، فيما افتقرت 47% من المدارس للحد الأدنى من المعايير المهنية، والمختبرات والمكتبات شبه معدومة.
تقارير اليونسكو والبنك الدولي واليونيسف رسمت صورة مفجعة لعام 2008: أكثر من نصف البالغين أميون، وميزانية التعليم لا تتجاوز 4-5% من الموازنة العامة، بينما كانت الأموال المنهوبة تكفي لتوظيف ما بين 720 إلى 960 ألف معلم مؤهل.
الاختراق الأمريكي المباشر بدأ رسمياً عام 1997 عندما دخل البنك الدولي لوضع ما سُمي استراتيجية توسيع التعليم الأساسي بقرض 60 مليون دولار، تلاه مشروع تطوير التعليم بـ120 مليون دولار بالشراكة مع بريطانيا وهولندا.
الأخطر من ذلك، أن نظام صالح وافق على إدارة مكتب EDC المرتبط بالاستخبارات الأمريكية لإعداد كتب الصفوف الأولى من خارج اليمن تماماً، وابتعاث كوادر الوزارة للخارج لتولي مواقع قيادية تنفذ الاستراتيجية الأمريكية.
اعترافات خلية التجسس الأمريكية-الإسرائيلية المكشوفة في صنعاء أكدت استهداف وزارة التربية تحديداً لإفراغ التعليم اليمني من محتواه الوطني وتوجيهه لخدمة المشاريع الأمريكية.
النتيجة: جيل كامل نشأ على الجهل والفقر، فجوة معرفية كارثية مع الدول المجاورة، ومجتمع هش أمام الاستغلال والفوضى، بينما سُرق ليس فقط المال، بل الزمن والمعرفة والفرص من ملايين الأطفال اليمنيين.