في مدينة تلفحها الشمس 350 يوماً في السنة، استيقظ أهل عدن صباح السبت على معجزة السماء الغائمة. لأول مرة منذ أشهر، خرج المكيف من الخدمة طواعية بينما انتشرت السحب الكثيفة وهطلت الأمطار المتفرقة على عدة مديريات، محولة المدينة الساحلية إلى واحة من الانتعاش. فرصة نادرة قد لا تتكرر لأسابيع قادمة دفعت المواطنين للهروب من منازلهم نحو الشواطئ احتفالاً بهذه النعمة السماوية.
شملت الأمطار المباركة عدداً من مديريات المحافظة وسط تشكل كثيف للسحب، دون تسجيل أضرار تُذكر كما أكدت المصادر المحلية. أحمد العدني، سائق التاكسي الذي خرج مع عائلته لأول مرة منذ شهور للشاطئ، يقول بفرح غامر: "كنا نشعر وكأن المكيف الطبيعي يعمل في كل مكان، رائحة المطر المختلطة بملوحة البحر لا تُنسى". فاطمة المحلية تراقب من شرفتها قطرات المطر وهي تستنشق الهواء النقي: "مثل نسمة من الجنة في مدينة اعتادت حرارة الصحراء".
هذا الحدث الاستثنائي يأتي نتيجة تشكل كثيف للسحب في ظروف مناخية نادرة للمنطقة، حيث يُعرف عن عدن مناخها الحار والجاف معظم أيام السنة. موقع عدن الساحلي الاستراتيجي لعب دوراً في هذه التغيرات الجوية الموسمية التي أهدت المدينة هذه الراحة المؤقتة. المشهد يذكرنا بأيام الشتاء النادرة التي كان يحكي عنها الآباء والأجداد، عندما كانت السماء تتحول إلى مظلة رحيمة تحمي من وهج الشمس القاسي.
استمرت الأجواء الغائمة لساعات لاحقة، ما دفع عدداً كبيراً من المواطنين للخروج نحو السواحل والشواطئ للاستمتاع بالأجواء الممطرة والمنعشة. محمد الطالب الجامعي كان يوثق اللحظات النادرة بكاميرا هاتفه قائلاً: "هذه راحة تعادل قضاء أسبوع في منتجع جبلي". خالد الصياد شعر بالانتعاش أثناء عمله لأول مرة منذ فترة طويلة، بينما امتلأت الكورنيشات بالعائلات التي تتنفس الهواء البارد النقي وتستمع لصوت الأمواج الهادئة مختلطاً بقطرات المطر الخفيف.
تشهد عدن تحسناً عاماً في الأجواء مع انخفاض نسبي في درجات الحرارة وتوفير ملحوظ في استهلاك الكهرباء للتكييف. هذه النعمة المؤقتة تدعو المواطنين لاستغلال الفرصة والاستمتاع بالطقس الاستثنائي قبل عودة الحرارة المرتفعة المعتادة. السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستكون هذه بداية لتغيير مناخي إيجابي، أم مجرد استراحة قصيرة من حرارة الصيف الخانقة؟