في ليلة لن ينساها تاريخ كرة القدم الفرنسية، تحطمت كل التوقعات عندما هز فريق أفرانش من الدرجة الثالثة عرش الكرة الفرنسية بإقصائه لبريست من الدرجة الأولى بنتيجة 5-4 بركلات الترجيح، بينما أشعل النجم السعودي سعود عبد الحميد أضواء باريس بأداء استثنائي قاد لانس لانتصار ساحق 3-1 على فينيي. 1 من كل 1000 - هذه النسبة المستحيلة التي حققها أفرانش أمس، تُظهر حجم الزلزال الذي ضرب الكرة الفرنسية.
في مشهد يشبه قصة داوود وجالوت، تقدم أفرانش بهدف نسيم صبحي قبل أن يدرك بريست التعادل، لكن ركلات الترجيح كانت بمثابة النهاية المؤلمة لحلم الكبار. جان-لوك دوبوا، مشجع بريست منذ 30 عاماً، لم يتمالك نفسه وهو يردد: "لم أصدق أن فريقاً لم أسمع عنه من قبل يطيح بحلمنا في البطولة". وعلى الضفة الأخرى، حقق سعود عبد الحميد حلم كل لاعب عربي بتسجيل هدف وصناعة آخر في نفس المباراة، ليصبح أول سعودي يحقق هذا الإنجاز في كأس فرنسا.
هذه المفاجآت ليست وليدة اليوم، فكأس فرنسا شهدت عبر تاريخها العديد من القصص الخرافية التي يحققها الصغار أمام الكبار. السبب يكمن في طبيعة نظام خروج المغلوب الذي يضع الجميع على خط واحد، حيث تتساوى الفرص وتصبح المباراة الواحدة بمثابة "كل شيء أو لا شيء". د. بيير مارتين، المحلل التكتيكي الفرنسي، يؤكد: "ضغط المباراة الواحدة يخلق ديناميكية مختلفة تماماً، الفرق الصغيرة تلعب بلا خوف بينما الكبيرة تحت ضغط التوقعات".
النتائج تتجاوز أرض الملعب لتصل إلى القلوب والبيوت، فأحمد العتيبي، المشجع السعودي في باريس، احتفل بطريقة جنونية بهدف سعود عبد الحميد قائلاً: "شعرت وكأن السعودية كلها سجلت معه". هذه الليلة ستُلهم آلاف الشباب في الأحياء الشعبية والمدن الصغيرة أن أحلامهم ممكنة التحقق. مارك ليروي، مشجع أفرانش، وصف المشهد: "الملعب انفجر فرحاً، كانت أجمل ليلة في تاريخ النادي، رأيت دموع الفرح في عيون أطفال لم يحلموا بهذا اليوم". الآن السؤال الكبير: أي عملاق آخر سيسقط في الأدوار القادمة؟
بينما تستعد فرنسا لدور الـ32، تبقى الأضواء مسلطة على قصتين ملهمتين: أفرانش الذي حول المستحيل إلى واقع، وسعود عبد الحميد الذي يكتب فصلاً جديداً في رحلة اللاعبين العرب بأوروبا. التاريخ يعلمنا أن كأس فرنسا أرض الأحلام، والأدوار القادمة تحمل وعوداً بمزيد من المفاجآت التي قد تقلب موازين الكرة الفرنسية رأساً على عقب. هل أنت مستعد لمشاهدة المزيد من هذه المعجزات؟