في تطور مذهل يعيد تشكيل سوق العمل المصري، تشهد البلاد طفرة حقيقية في فرص التوظيف حيث تم الإعلان عن وظائف كاشير برواتب تصل إلى 12 ألف جنيه شهرياً، في الوقت الذي ارتفع فيه الحد الأدنى للمعاشات بنسبة 95% خلال 7 سنوات فقط! هذه الأرقام الصادمة تكشف عن واقع جديد: راتب كاشير واحد اليوم يفوق معاش 5 متقاعدين مجتمعين، في مشهد لم تشهده مصر منذ عقود.
أحمد محمود، 35 سنة، عاطل منذ 8 أشهر، لا يصدق ما يراه على شاشة هاتفه المحمول. "راتب 12 ألف جنيه لوظيفة كاشير؟ هذا يعني أنني سأتمكن أخيراً من إعالة أسرتي بكرامة،" يقول أحمد وهو يتصفح إعلانات مطعم ويستروس الذي يقدم راتباً أساسياً يتراوح بين 6-7 آلاف جنيه مع حوافز تصل إلى 800 جنيه إضافية. شركة ديارك أيضاً تفتح أبوابها للحاصلين على مؤهل عالي برواتب تتراوح بين 7-12 ألف جنيه، مما يخلق منافسة شديدة بين آلاف الباحثين عن عمل.
هذا التحول الجذري ليس وليد الصدفة، بل نتيجة خطة محكمة بدأتها الدولة منذ 2019. فبينما كان الحد الأدنى للمعاش 900 جنيه فقط قبل 7 سنوات، يرتفع اليوم إلى 1755 جنيه اعتباراً من يناير 2026، في زيادة تاريخية تشبه صاروخاً ينطلق لمواكبة موجة الغلاء المتسارعة. "تعديل حدود أجر الاشتراك يستهدف تحقيق الاستدامة المالية للنظام التأميني،" يؤكد اللواء جمال عوض، رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، مشيراً إلى رفع الحد الأدنى للاشتراك من 2300 إلى 2700 جنيه.
فاطمة علي، 28 سنة، تجسد قصة النجاح الجديدة. بعد بحث دام شهرين، حصلت على وظيفة كاشير براتب 9500 جنيه، وتقول بفرحة غامرة: "تمكنت من تحسين أحوال أسرتي وبدء خطة ادخار لأول مرة في حياتي." هذا التحسن لا يقتصر على الشباب فحسب، بل يشمل أيضاً كبار السن مثل حسن عبدالله، 62 سنة، متقاعد، الذي يشعر بالارتياح للزيادة الجديدة: "ستساعدني على مواجهة غلاء المعيشة الذي أرهقني لسنوات." لكن التحدي الأكبر يكمن في المنافسة الشديدة، حيث تشترط الوظائف خبرة 3-5 سنوات وإجادة الحاسوب واللغة الإنجليزية، مما يجعل السباق محتدماً بين المتقدمين.
الأسئلة الحارقة تطرح نفسها الآن: هل ستستمر هذه الطفرة في ظل التحديات الاقتصادية؟ د. محمد الشافعي، خبير اقتصادي، يرى أن "زيادة الحد الأدنى للمعاشات خطوة مهمة لحماية كبار السن من تآكل القوة الشرائية،" لكنه يحذر من ضرورة مواكبة هذه الزيادات بنمو اقتصادي حقيقي. الفرصة الذهبية متاحة عبر موقع "فرصنا" التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، لكنها محدودة الوقت. السؤال الآن: هل ستكون من المحظوظين الذين يغيرون مسار حياتهم بقرار سريع، أم ستكتفي بدور المتفرج بينما تختفي الفرص أمام عينيك؟