في تطور جوي استثنائي يشهده اليمن هذه الليلة، تضرب موجة مطرية شاملة أكثر من 15 محافظة يمنية في أول هطول متواصل منذ شهور، مع توقعات بأمطار غزيرة تستمر لأكثر من 12 ساعة متواصلة. الخبراء يؤكدون: الساعات القادمة حاسمة لتحديد مصير الموسم الزراعي في البلاد، بينما تختلط فرحة المزارعين بقلق النازحين في ليلة واحدة تجمع بين النعمة والامتحان.
تشهد محافظة الحديدة وسواحلها تجدداً مكثفاً للأمطار، بينما تصل الأمطار الخفيفة إلى عدن خلال الليلة. "هذه الموجة قد تغير خريطة المياه في اليمن للأشهر القادمة"، تؤكد د. مريم العلمي، أستاذة علوم المناخ. أحمد المزارع من البيضاء، الذي انتظر 6 أشهر لسقي أرضه، يراقب السحب الداكنة التي تغطي السماء كالبطانية الرمادية الثقيلة: "أخيراً جاءت النعمة بعد طول انتظار."
تتضافر عوامل جوية نادرة من البحر الأحمر والمحيط الهندي لتخلق هذه الفرصة الذهبية، في ظاهرة لم تحدث بهذا الحجم منذ موجة 2019 التي أنقذت الموسم الزراعي آنذاك. تغطي المنطقة المتأثرة مساحة تعادل سوريا ولبنان مجتمعتين، حيث تشهد مناطق جنوب غرب اليمن وشبوة ومأرب والجوف وحضرموت أمطاراً متوسطة إلى غزيرة. "المؤشرات تدل على استمرار النشاط المطري بشكل متقطع خلال الأسبوع"، يضيف د. سالم الأرصادي، الذي نجح في التنبؤ الدقيق بالموجة.
من ملء إبريق الشاي مجاناً إلى إنقاذ محصول كامل، تؤثر هذه الموجة على حياة ملايين اليمنيين بطرق متباينة. بينما تمتلئ الخزانات المنزلية وتتحسن جودة الهواء، تعاني الطرق والبنية التحتية من ضغط مياه الأمطار. فاطمة النازحة في صنعاء تراقب السحب من خيمتها بمشاعر مختلطة: "نحتاج للماء لكننا نخاف من السيول." مع انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة وانتشار رائحة التراب المطري المميزة، تشهد صعدة وغرب الجوف أجواءً باردة رطبة للمرة الأولى منذ فترة.
تجمع هذه الموجة المطرية الاستثنائية بين الأمل والتحدي في ليلة واحدة قد تعيد رسم خريطة الزراعة والمياه في اليمن. النصيحة الذهبية: استعد لجمع المياه، تجنب الوديان والمناطق المنخفضة، واستغل هذه الفرصة النادرة بحذر. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون هذه بداية موسم مطري مبارك أم مجرد عاصفة عابرة؟ الساعات القادمة ستحمل الإجابة الحاسمة.