في تطور صادم يُعيد رسم خريطة الأمن الغذائي اليمني، كشف وزير المالية عن توقعات مذهلة بتوفير مليار دولار سنوياً من خلال انخفاض تكلفة إنتاج القمح المحلي إلى أقل من 10 آلاف ريال للكيس الواحد. الرقم المهول يعادل راتب مليون موظف يمني لمدة عام كامل، فيما تحتفل محافظة الجوف بتحقيق توفير 20% على القمح المستورد في إنجاز يُعيد للذاكرة أمجاد اليمن السعيد.
عبدالجبار أحمد، وزير المالية بحكومة صنعاء، أكد أن التقارير الواردة من الجوف تبشر بثورة زراعية حقيقية، مشيراً إلى أن اليمن تنفق سنوياً 3 ملايين طن من القمح بقيمة لا تقل عن مليار دولار. "التقارير تشير إلى مستقبل واعد في زراعة القمح," قال الوزير في تصريحات نقلها موقع "يمن إيكو". فاطمة المزارعة، 38 عاماً، تجسد هذا النجاح بحولها 5 هكتارات من أرضها لزراعة القمح وتحقيقها أرباحاً تفوق راتب زوجها الحكومي بثلاثة أضعاف.
خلف هذا الإنجاز قصة عقود من الإهمال الزراعي، حيث اضطر اليمن للاعتماد على الاستيراد رغم كونه أرض "العربية السعيدة" التي وصفها المؤرخون القدماء بأرض اللبن والعسل. الحرب والحصار الاقتصادي فاقما الأزمة، لكن محافظة الجوف تحولت إلى منارة أمل بمساحاتها المزروعة البالغة 17,600 هكتار - ما يعادل مساحة دولة سان مارينو الأوروبية بالكامل. مهدي الظمين، مدير مكتب الزراعة بالمحافظة، أوضح أن "الموسم الحالي شهد توزيع 54,000 كيس بذور قمح وزيادة وعي المزارعين بأهمية الاعتماد على القمح المحلي."
الأرقام تتحدث عن تأثير مباشر على الحياة اليومية لملايين اليمنيين، حيث يتطلع آلاف العائلات لانخفاض فاتورة الخبز التي ترهق ميزانياتهم المحدودة. أحمد المزارع، 45 عاماً، الذي فقد مزرعته لزراعة القات منذ 10 سنوات واضطر لاستيراد القمح بأسعار مضاعفة لإطعام أطفاله الخمسة، يرى في هذا المشروع "عودة الحياة للأرض اليمنية". المشروع يعد بخلق 50 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، فيما يحذر الخبراء من ضرورة مواجهة التحديات المناخية والمائية لضمان الاستدامة.
مع انضمام 7,563 مزارعاً لثورة القمح الخضراء في موسم واحد فقط، تقف اليمن على أعتاب تحول تاريخي قد يحولها من دولة مستوردة إلى مكتفية ذاتياً خلال السنوات القادمة. الخطة الطموحة تستهدف تقليل فاتورة الاستيراد بنسبة 60-70% وتحرير مليارات الدولارات لتنمية قطاعات أخرى. هل سيصبح العام 2025 نقطة تحول تاريخية في مسيرة الاكتفاء الذاتي اليمني؟ الإجابة تكمن في حقول الجوف الذهبية التي تحتضن آمال شعب بأكمله.