في كارثة اقتصادية تهز أركان الوطن، كشفت أحدث البيانات عن فرق سعري صاعق يصل إلى 195% بين أسعار الذهب في محافظتي صنعاء وعدن - ما تشتريه بـ500 ألف ريال في صنعاء، يكلفك مليون ونصف في عدن! هذا التفاوت الجنوني يعني أن مليون ريال كاملة - راتب موظف لسنوات - هو الفرق في سعر الجنيه الذهبي الواحد بين المحافظتين.
وفقاً لمرصد بقش، انهارت أسعار الذهب إلى مستويات كارثية تعكس عمق المأساة الاقتصادية: الجنيه الذهبي في صنعاء يُباع بـ504 آلاف ريال، بينما يصل سعره في عدن إلى 1.5 مليون ريال - فرق يصل إلى 1,013,300 ريال للقطعة الواحدة! أم محمد من عدن، وهي تحمل سوارها الذهبي بيدين مرتجفتين، تقول بصوت مختنق: "كنت أعتقد أن ذهبي سيحميني من الفقر، لكنني اكتشفت أن الفقر وصل إلى الذهب نفسه."
منذ اندلاع الحرب في 2014، شهد اليمن انقساماً اقتصادياً حاداً مع توقف عمل البنك المركزي الموحد وانهيار منظومة الأسعار الموحدة. العوامل المدمرة تتراكم: انقسام السلطات المصرفية، اختلاف أسعار الصرف بشكل جنوني، وفقدان كامل للثقة في العملة المحلية. آخر مرة شهد فيها بلد عربي هذا التفاوت المرعب كانت في لبنان أثناء الحرب الأهلية، لكن حتى ذلك لم يصل لهذا المستوى الكارثي الذي يشهده اليمن اليوم.
سالم المواطن، الذي سافر من صنعاء إلى عدن لبيع ذهب والدته المتوفاة، يروي صدمته: "شعرت وكأنني دخلت دولة أخرى، الأسعار جعلتني أشك في عقلي، هل هذا ذهب أم ماس؟" التأثير المدمر يمتد لكل بيت يمني: موجة نزوح اقتصادي تتشكل من عدن إلى صنعاء، وانتشار مخيف لتجارة الذهب غير المشروعة. الخبراء يحذرون من محاولة استغلال هذا التفاوت دون خبرة، مؤكدين أن الحل الوحيد هو التدخل الحكومي العاجل قبل انهيار كامل لفكرة العملة الموحدة.
مليون ريال فارق في الجنيه الواحد، و195% تفاوت قاتل، واقتصاد ينهار أمام أعين 30 مليون يمني. إما توحيد فوري وحاسم للنظام النقدي، أو انهيار نهائي لحلم الوحدة الاقتصادية اليمنية. على الحكومة والمجتمع الدولي التدخل فوراً قبل أن تصبح عبارة "ريال يمني" مجرد ذكرى مؤلمة من الماضي. السؤال المرعب الآن: هل سيبقى لدى اليمنيين أي شيء يحافظون عليه من مدخرات العمر؟