في تطور مناخي استثنائي يشهده 11 منطقة سعودية دفعة واحدة، أصدر المركز الوطني للأرصاد سلسلة من الإنذارات الحمراء والبرتقالية تحذر من عاصفة شاملة تجتاح أكثر من 100 مدينة ومحافظة خلال الساعات القليلة المقبلة. أكثر من 25 مليون مواطن يستيقظون اليوم تحت رحمة واحدة من أقوى الحالات الجوية التي تشهدها المملكة هذا العام، مع توقعات بـسيول جارفة وانعدام تام للرؤية.
تبدأ العاصفة فجر الثلاثاء 16 ديسمبر وتستمر حتى ساعات المساء، حاملة معها رياحاً تفوق 60 كم/ساعة وأمطاراً متفاوتة بين الغزيرة والمتوسطة. "أحمد السالم، سائق توصيل من الرياض، يروي قلقه: 'كنت أخطط للعمل اليوم لكن المركز الوطني حذر من خطورة التنقل... دخلي اليومي معرض للخطر'". المنطقة الشرقية والرياض تواجهان أقسى الظروف مع إنذارات حمراء وتوقعات بتساقط البرد وجريان السيول في المناطق المنخفضة.
هذه ليست حالة مطرية عادية، فالخبراء يصفونها بأنها الأشمل منذ إعصار كيار عام 2018. د. نورة العتيبي، أستاذة علوم الغلاف الجوي، تفسر الظاهرة: "تكوّن منخفض جوي عميق نتيجة تفاعل كتل هوائية مختلفة الحرارة، وهو ما نراه بوضوح في بيانات الأقمار الصناعية". المساحة المتأثرة تعادل حجم دولة فرنسا بالكامل, مما يجعل هذا الحدث استثنائياً بكل المقاييس.
الحياة اليومية لملايين السعوديين ستتعطل بشكل كبير خلال الساعات المقبلة. فاطمة محمد من جازان تستعد بحكمة: "خزنت الطعام والماء والشموع... تعلمت من التجارب السابقة أن نكون جاهزين". المطارات الرئيسية تعيد جدولة الرحلات، والطرق السريعة قد تشهد إغلاقات جزئية، بينما المزارعون يحتفلون سراً بهذه الهدية السماوية التي قد تروي أراضيهم الظمأى وتعيد الحياة للمراعي الطبيعية. التأثيرات الإيجابية ستمتد لأشهر: تغذية الآبار والسدود، وتحسن الغطاء النباتي.
بينما تستعد المملكة لمواجهة هذا التحدي المناخي، يبرز سؤال حاسم: هل أصبحت هذه العواصف الشاملة جزءاً من واقعنا المناخي الجديد؟ د. فهد المطيري من المركز الوطني يؤكد أهمية الاستعداد والبقاء في أماكن آمنة حتى انتهاء الحالة. الساعات القادمة ستكون حاسمة في تحديد حجم التأثير الفعلي لهذه العاصفة التي قد تغير وجه المشهد البيئي في المملكة.