في مشهد يعكس حالة الصراع الخفي داخل السوق السعودي، نجح مؤشر تاسي في الحفاظ على مستوى 10,590 نقطة رغم المعركة الشرسة بين القوى الصاعدة والهابطة، وسط تداولات بلغت 3.14 مليار ريال. لكن هذا الاستقرار الظاهري يخفي حقيقة مقلقة: البنوك والطاقة تنزف بينما يصارع المؤشر للبقاء فوق الخط الأحمر عند 10,500 نقطة.
انتشر الذعر بين أوساط المستثمرين مع تراجع أسهم البنوك الكبرى بقوة، حيث هبط الراجحي 1.5% والأهلي 1.3%، بينما فقد البنك الأول 0.6% من قيمته. "شاهدت محفظتي تتآكل أمام عيني"، قال أحمد المحاسب البالغ من العمر 35 عاماً، والذي خسر 15% من استثماراته في البنوك خلال الأسابيع الماضية. في قطاع الطاقة، تراجعت أرامكو 0.3% رغم ارتفاع أسعار النفط، في مفارقة تكشف عمق الضغوط على القطاعات التقليدية.
وراء هذا التراجع قصة أعمق تحكيها أرقام صادمة: 118 شركة هابطة مقابل 130 صاعدة - توازن هش يعكس انقسام السوق بين خوف من القطاعات الكبرى وطمع في الفرص البديلة. المحللون يربطون هذا السيناريو بما حدث في 2020، عندما تراجعت البنوك بقوة قبل انتعاش تاريخي. "ضغوط السيولة وتركز التداولات على الأسهم المضاربية يشير إلى تحول جذري في سلوك المستثمرين", يوضح د. محمد العنزي، المحلل المالي.
بينما تعيش سارة، المستثمرة في العقارات، واقعاً مختلفاً تماماً. "حققت مكاسب 12% خلال الشهر الماضي من أسهم العقارية"، تقول بفخر وهي تراقب ارتفاع العقارية 2%. هذا التناقض الصارخ يرسم خريطة جديدة للسوق، حيث تنتقل السيولة من العمالقة التقليديين إلى النجوم الصاعدين. محمد الرميح، الرئيس التنفيذي لتداول، يضع الأمور في منظورها الصحيح: "40 طلب اكتتاب قيد الدراسة يعكس ثقة المستثمرين في السوق على المدى المتوسط".
مع إغلاق أجراس التداول وسط هدوء حذر، يقف المستثمرون أمام لحظة حاسمة. القيمة السوقية البالغة 8.86 تريليون ريال - رقم يفوق اقتصاد ثلاث دول خليجية مجتمعة - تتأرجح على حافة الهاوية أو بداية عهد جديد. هل نشهد نهاية عصر هيمنة البنوك والطاقة؟ أم أن هذا مجرد هدوء ما قبل العاصفة التي ستعيد ترتيب أوراق اللعبة كلياً؟