في تطور يحبس الأنفاس، يقف هيرفي رينارد على أعتاب مواجهة حاسمة قد تُعيد كتابة التاريخ الرياضي السعودي، حيث تكشف الإحصائيات أن المدرب الفرنسي حقق معدل نجاح مذهل يصل إلى 75% في أدوار نصف النهائي طوال مسيرته التي امتدت 21 عاماً. 90 دقيقة فقط تفصل الأخضر عن حلم النهائي العربي الذي طال انتظاره، في مواجهة تحمل كل مقومات الدراما الرياضية.
تتجه الأنظار نحو الملعب حيث ستُحسم المعركة الأردنية السعودية، والأرقام تصرخ بقوة رينارد الخفية: ثلاث عبورات ناجحة من أصل أربع تجارب في أدوار نصف النهائي، إنجاز يضعه في مصاف عباقرة التكتيك العالميين. سعد الخبير الرياضي، 42 عاماً، يؤكد بثقة: "خبرة رينارد في أفريقيا مع زامبيا وكوت ديفوار لم تأت من فراغ، هذا الرجل يعرف كيف يحول الضغط إلى انتصار". الأرقام تشهد: لقبان أفريقيان في خمس سنوات، إنجاز لم يحققه سوى قلة من المدربين الأوروبيين في القارة السمراء.
خلف هذه الأرقام الصادمة تكمن قصة مدرب حول الخيبات إلى انتصارات تاريخية. في خليجي 2019، قاد الأخضر للنهائي بعد انتصار درامي على قطر بهدف عبد الله الحمدان، لكن القدر خذله في اللحظة الأخيرة أمام البحرين. الذكرى المؤلمة لخليجي 26 لا تزال حاضرة، حين سقط أمام عمان 1-2، لكن التاريخ يشهد أن أعظم المدربين يتعلمون من هزائمهم. مثل الفينيق الذي ينهض من الرماد، عاد رينارد أقوى من أي وقت مضى، مستنداً إلى خبرة تشبه البوصلة التي ترشد السفينة في أشد العواصف.
في الشوارع السعودية، تتضارب المشاعر بين الخوف والأمل، فأحمد المشجع، 35 عاماً، لا يزال يتذكر مرارة ليلة 2019: "شاهدت الدموع في عيون اللاعبين، أقسمت ألا أعيش هذا الألم مرة أخرى". لكن فهد المتابع، 28 عاماً، الذي شهد كل مباريات رينارد، يرى الأمور بمنظور مختلف: "هذا الرجل علمنا أن الهزيمة مجرد درس للانتصار القادم". الساعات القادمة ستحدد ما إذا كان الحلم العربي سيتحقق، أم أن الكابوس سيعود ليطارد الذكريات السعودية مرة أخرى.
وسط رائحة العشب الطازج وإضاءة الاستاد الساطعة، يستعد رينارد لكتابة الفصل الأخير من ملحمته مع الأخضر. خبرة 21 عاماً تتكثف في 90 دقيقة، وثلاث نجاحات سابقة تصارع ذكرى إخفاق واحد، في مشهد يشبه المعارك الملحمية التي تحسم مصائر الأمم. السؤال الذي يحرق القلوب: هل سيرقص الأخضر على أنغام النصر مرة أخرى، أم ستصمت المدرجات في صمت الهزيمة؟