في مشهد صادم يلخص مأساة اقتصادية حقيقية، وصل سعر كيلو الخيار الواحد في أسواق العاصمة عدن إلى 5000 ريال يمني - رقم يعادل راتب موظف حكومي ليوم كامل! وفي الوقت الذي تشتري فيه تفاحة واحدة في عدن، يمكنك شراء 10 تفاحات في دبي. مع كل يوم يمر، تختفي الخضروات والفواكه من موائد الأسر اليمنية في صمت مؤلم.
شهدت أسواق العاصمة عدن موجة ارتفاعات متباينة وصادمة ضربت قطاع الخضروات والفواكه، حيث سجل تفاوت مذهل بنسبة 733% بين أرخص وأغلى المنتجات. فاطمة أحمد، ربة بيت أربعينية، تقف حائرة أمام باعة الخضروات وهي تحسب كل ريال قبل الشراء، تقول بألم: "كنت أشتري حاجة البيت بـ5000 ريال، الآن أحتاج 20000 ريال". الفلفل الحار والجزر وصلا إلى نفس السعر الجنوني، بينما التفاح والبرتقال انفجرا عند 4000 ريال للكيلو.
هذه الأزمة ليست وليدة اليوم، بل استمراراً مؤلماً للانهيار الاقتصادي الذي تعصف به اليمن منذ بداية الحرب عام 2014. د. علي الحضرمي، الخبير الاقتصادي اليمني، يؤكد أن أسعار اليوم أعلى بـ10 مرات من أسعار ما قبل الحرب، نتيجة مباشرة لانهيار العملة المحلية وصعوبات الاستيراد وارتفاع تكاليف النقل. محمد سالم، تاجر خضروات يحاول توفير أسعار معقولة رغم الظروف، يحذر: "إذا استمر تدهور سعر الصرف، فسنشهد ارتفاعات أكثر جنوناً".
الأزمة تعيد تشكيل الحياة اليومية للأسر اليمنية بشكل جذري، فالعائلات باتت تلغي وجبات كاملة أو تستبدل اللحوم والخضروات بالخبز والشاي فقط. أم خالد، مواطنة تتسوق يومياً في الأسواق، تصف المأساة: "أطفالي يسألونني عن الفواكه التي اختفت من البيت، ولا أعرف ماذا أقول لهم". الخبراء يحذرون من تراجع خطير في مستوى التغذية، خاصة بين الأطفال والحوامل، مع توقعات بزيادة الاعتماد على المساعدات الإنسانية. سلة الخضروات الأساسية التي تضم 5 أنواع فقط تكلف الآن 18000 ريال - ما يعادل 54 دولاراً!
أزمة أسعار حادة تضرب قوت الشعب اليمني في مقتل، وتدق ناقوس خطر لكارثة إنسانية أوسع إذا لم تتدخل الحكومة والمجتمع الدولي بحلول عاجلة. الحاجة ملحة الآن أكثر من أي وقت مضى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تنهار آخر خطوط الدفاع أمام الجوع. السؤال المؤلم يبقى: حتى متى سيصمد الشعب اليمني أمام هذا الإعصار الاقتصادي المدمر؟