في صدمة حقيقية تهز حياة مئات الآلاف من سكان الجيزة، تستعد المحافظة لإغلاق يستمر 720 ساعة متواصلة للمحور المركزي الموازي، في قرار سيشل حركة منطقة تمتد لأكثر من 50 كيلومتر مربع بسبب 300 متر فقط من الأعمال. الكارثة المرورية تبدأ غداً السبت، ولا يوجد أمام المواطنين سوى ساعات قليلة للاستعداد لشهر كامل من المعاناة اليومية التي ستحول رحلة 15 دقيقة إلى ساعة كاملة من الجحيم.
أعلنت الإدارة العامة لمرور الجيزة عن الإغلاق الكامل للمحور المركزي الموازي بدءاً من السبت 13 ديسمبر وحتى 11 يناير المقبل، في أعمال تطوير تستمر 24 ساعة يومياً بلا توقف. أحمد محمد، موظف بالحي الثامن يقطع المحور يومياً، يصف صدمته قائلاً: "مش معقول رحلة 15 دقيقة هتبقى ساعة كاملة، حياتي هتتقلب رأساً على عقب". الأرقام المرعبة تشير إلى أن زمن الرحلة اليومية سيزيد بنسبة 300% للآلاف من سكان الأحياء السابع والثامن، بينما يواجه محمد علي، سائق التاكسي الأربعيني، خسارة نصف دخله الشهري حيث يعتمد على المحور في 80% من رحلاته.
هذا الإغلاق ليس الأول من نوعه، ففي السبعينات شهدت القاهرة إغلاقاً مماثلاً لكوبري قصر النيل غيّر خريطة المرور بالكامل. المهندس خالد السيد، مسؤول المشروع، يبرر القرار قائلاً: "نحن نجري عملية جراحية دقيقة لشريان حيوي في جسم المدينة، والألم مؤقت لكن النتيجة ستدوم عقوداً". د. هشام فؤاد، استشاري هندسة المرور بجامعة القاهرة، يؤكد أن المشروع سيوفر ساعات يومياً للمواطنين بعد اكتماله، متوقعاً تحسناً بنسبة 60% في حركة المرور، لكن السؤال المحوري: هل يستحق الأمر هذه المعاناة الجماعية؟
الواقع المرير أن حياة المواطنين ستتغير جذرياً خلال الشهر القادم، حيث ستملأ أصوات الأبواق المحتدمة وصراخ السائقين المحبطين أرجاء المنطقة. فاطمة أحمد، ربة منزل من الحي السابع، تعبر عن قلقها: "مش عارفة هوصل ولادي المدرسة إزاي، الطريق البديل صعب ومعقد"، بينما تضطر نورا أحمد، الممرضة بمستشفى الجيزة، للاستيقاظ ساعة إضافية يومياً لتصل في الموعد. في المقابل، حقق سمير حسن، مطور التطبيقات الذكي، نجاحاً منقطع النظير بعد إنشائه تطبيقاً للطرق البديلة. د. سامي عبدالرحمن، خبير المرور، ينصح بضرورة التخطيط المسبق للرحلات وتغيير مواعيد العمل، محذراً من أن عدم الاستعداد قد يؤدي إلى كوارث مرورية حقيقية.
في النهاية، المواطنون أمام اختبار صعب: شهر كامل من التحدي المروري مقابل وعد بمحور متطور يخدم المنطقة لسنوات قادمة تحت أضواء كاشفة تعمل ليل نهار وهدير المعدات الثقيلة. الحل الوحيد هو الصبر والتخطيط الجيد، فالمحور الجديد سيكون بمثابة شريان حياة جديد للمنطقة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل أنت مستعد فعلاً لمواجهة شهر من الجحيم المروري؟
