في تطور صادم يهز الاقتصاد اليمني، تكشف أحدث الأرقام عن فجوة مدمرة: الدولار الواحد في عدن يكلف 1632 ريالاً مقابل 524 ريالاً فقط في صنعاء – فجوة تصل إلى ثلاثة أضعاف تهدد بتمزيق ما تبقى من وحدة البلاد اقتصادياً. هذا الانقسام المالي المرعب يحول اليمن الواحد إلى بلدين منفصلين، والمواطن البسيط هو الضحية الأولى لهذه الكارثة الاقتصادية.
أحمد المحمدي، موظف حكومي في صنعاء، يروي مأساته اليومية: "راتبي الشهري كان يكفي لشراء 500 دولار قبل سنوات، اليوم بالكاد أحصل على 150 دولاراً بنفس المبلغ." هذه ليست مجرد أرقام، بل حقيقة مؤلمة يعيشها ملايين اليمنيين. الفجوة السعرية البالغة 1100 ريال للدولار الواحد بين المدن اليمنية تخلق واقعاً اقتصادياً منفصماً، حيث تصبح السلعة الواحدة كماليات في مدينة وضروريات في أخرى.
الدكتور سالم باعشن، الخبير الاقتصادي، يؤكد أن "هذا الانقسام يذكرنا بألمانيا الشرقية والغربية، لكن الفارق أن الألمان كانوا يعلمون أنهما بلدان مختلفان، أما نحن فنتحدث عن وطن واحد بعملة واحدة." السياسات المتضاربة للبنك المركزي في عدن مقابل إجراءات الحوثيين في صنعاء حولت الريال اليمني إلى عملتين منفصلتين عملياً، مما يفتح الباب واسعاً أمام المضاربين والمهربين.
خالد العامري، صراف في عدن، يشهد المأساة يومياً: "أرى عائلات تأتي لتبديل مدخراتها بالدولار خوفاً من المزيد من الانهيار، والبعض يقف في طوابير طويلة أمام محلات الصرافة وهم يحملون أكياساً من أوراق الريال التي فقدت قيمتها." هذا المشهد المؤلم يتكرر يومياً، بينما ترتفع أسعار الغذاء والدواء بوتيرة جنونية، والمواطن العادي يجد نفسه عاجزاً عن تأمين أبسط احتياجات أسرته.
التوقعات تشير إلى تفاقم الأزمة مع استمرار الانقسام السياسي، والخبراء يحذرون من سيناريو كارثي: انهيار كامل للريال اليمني والعودة إلى نظام المقايضة. الحل الوحيد يكمن في توحيد السياسة النقدية، لكن هذا يتطلب أولاً حلاً سياسياً شاملاً. السؤال المؤرق: هل سيصمد اليمن أمام هذا التمزق الاقتصادي، أم أن المواطن اليمني محكوم عليه بالعيش في وطن مقسم حتى في جيوبه؟