في تطور صادم هز الأوساط الاقتصادية، كشفت بيانات البنك المركزي المصري عن نمو المعروض النقدي بنسبة 21.68% خلال عام واحد فقط، بينما يقفز التضخم من 11.7% إلى 12.5% ثم إلى 13.1% المتوقع في نوفمبر. وسط هذا الإعصار الاقتصادي، تجتمع أعلى السلطات في البلاد لمواجهة "وحش التضخم" بخطة جريئة تستهدف كسر المعادلة الصعبة والوصول إلى 8% خلال عام واحد فقط!
في اجتماع عاجل وصفته المصادر بـ"المصيري", التقى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مع محافظ البنك المركزي لوضع استراتيجية شاملة لترويض التضخم المتسارع. "التكامل ضروري لضمان استدامة المؤشرات الإيجابية" - هكذا وصف المستشار محمد الحمصاني طبيعة التعاون الجديد. أم محمد، ربة منزل من القاهرة، تروي معاناتها: "فاتورة البقالة الأسبوعية ارتفعت 30% خلال شهرين، أصبحت مضطرة لحذف أشياء أساسية من قائمة المشتريات." الأرقام صادمة: كل شهر يمر يعني جيوباً أخف وقلقاً أكبر لملايين الأسر المصرية.
الجذور العميقة لهذه الأزمة تمتد لسنوات من التحديات الاقتصادية، حيث تواجه مصر ضغوطاً متزايدة من ارتفاع أسعار الطاقة العالمية وتأثيرات الأزمات الجيوسياسية. "مثل أزمة التضخم في السبعينيات، لكن بأدوات عصرية" - هكذا يصف د. سامي الاقتصادي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، الوضع الحالي. البنك المركزي يراهن على مراجعة شاملة للسياسة النقدية، بينما تتجه الأنظار إلى اجتماع 25 ديسمبر الحاسم لمراجعة أسعار الفائدة - قرار قد يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي بالكامل.
في الشوارع المصرية، يلمس المواطنون تأثيرات هذه السياسات يومياً. محمود البقال يراقب تقلبات الأسعار بقلق بالغ: "كل أسبوع أضطر لتغيير الأسعار، والزبائن يشتكون لكن ماذا أفعل؟" السيناريوهات المطروحة متباينة - من نجاح تاريخي يضع مصر كنموذج إقليمي لمكافحة التضخم، إلى تحدي اجتماعي كبير إذا فشلت الخطة. د. أحمد المستثمر وجد في هذه التحديات فرصاً ذهبية: "الاستثمار في القطاعات الأساسية الآن قد يحقق عائدات استثنائية عندما تستقر الأوضاع." لكن الخط الفاصل بين الفرصة والمخاطرة رفيع جداً.
المعركة الحقيقية ضد التضخم تحتاج أكثر من اجتماعات وخطط - تحتاج لإرادة شعبية ورؤية واضحة. 2026 سيكون عام الحقيقة لنجاح أو فشل هذه الاستراتيجية الطموحة. المواطنون ينتظرون، المستثمرون يراقبون، والعالم يترقب. احم مدخراتك الآن، وراقب قرارات 25 ديسمبر بعناية - فقد تكون اللحظة الفاصلة. السؤال الذي يؤرق الجميع: هل ستنجح مصر في ترويض وحش التضخم، أم أن الأسوأ ما زال قادماً؟