في تطور صادم هز الأسواق الإقليمية، سجلت العملة اليمنية انهياراً تاريخياً غير مسبوق، حيث وصلت الفجوة بين سعر الدولار في عدن وصنعاء إلى 1100 ريال - رقم فلكي يضع اليمن أمام كارثة اقتصادية حقيقية. في اليمن اليوم، يمكنك أن تصبح ثرياً أو فقيراً بمجرد عبور خط وهمي بين محافظتين، بينما يتآكل اقتصاد بأكمله أمام أعين 30 مليون مواطن مذعور.
تفاصيل الكارثة تكشف أن سعر الدولار الواحد وصل إلى 1632 ريالاً يمنياً في عدن، مقابل 535 ريالاً فقط في صنعاء - فجوة تعادل راتب موظف حكومي كامل وتخلق أكبر انقسام نقدي في التاريخ الحديث. "الوضع كارثي ومن المستحيل استمراره" يصرخ د.خالد النجار، المحلل الاقتصادي في بنك الخليج، مضيفاً: "هذا الانقسام يهدد استقرار المنطقة بأكملها." أحمد الحداد، 45 عاماً، تاجر من عدن يصارع لإطعام أطفاله الخمسة، يروي مأساته: "خسرت 70% من قيمة بضائعي بين ليلة وضحاها."
الجذور العميقة لهذه الكارثة تمتد إلى الانقسام السياسي المدمر الذي أدى لانقسام البنك المركزي اليمني إلى كيانين منفصلين، كل منهما يتبع سياسة نقدية متضاربة تماماً. الاقتصاد اليمني أصبح كإنسان بقلبين يضخان دماً مختلفاً - وصفة مؤكدة للموت، كما يصف الخبراء الوضع الحالي. آخر مرة شهد فيها العالم انقساماً نقدياً مشابهاً كان في ألمانيا المقسمة، لكن ما يحدث في اليمن أسوأ بكثير. توقعات صندوق النقد الدولي قاتمة: "إما تدخل دولي عاجل أو انهيار كامل خلال أشهر."
المأساة الحقيقية تكمن في تأثير هذا الانهيار على الحياة اليومية للمواطنين. مريم سالم، 38 عاماً من صنعاء، تكشف الصدمة: "زوجي أرسل 100 دولار من السعودية، في صنعاء تساوي 53 ألف ريال، وفي عدن 163 ألف ريال!" ربات البيوت يحتجن حقائب كاملة من الأموال لشراء كيلو أرز واحد، بينما تشهد أسواق الصرافة طوابير لا تنتهي وصراخ باعة مذعورين وسط أكوام من الأوراق النقدية المهترئة. الطلاب يتركون الجامعات، والمرضى يموتون لعدم القدرة على شراء الأدوية، في مشهد مأساوي يجسد انهيار حضارة بأكملها.
بينما يحذر الخبراء من انتشار العدوى الاقتصادية للمنطقة، تبقى السيناريوهات المطروحة بين تدخل دولي عاجل لتوحيد السياسة النقدية أو انهيار كامل يحول اليمن لاقتصاد مقايضة. المجتمع الدولي مطالب بتحرك فوري، والمواطنون بحاجة ماسة لحماية ما تبقى من مدخراتهم. السؤال المصيري: هل سيشهد العالم ولادة أول اقتصاد منقسم بالكامل في التاريخ الحديث؟ أم سيتدخل أحد لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد اليمني؟