في تطور صادم هز المجتمع الدولي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) نقل مقارها الرئيسية من صنعاء إلى عدن نهائياً، في قرار تاريخي يأتي بعد تعرض 377 ألف طفل يمني للخطر المباشر بسبب انتهاكات ميليشيات الحوثي. هذه هي المرة الأولى منذ سنوات التي تهجر فيها منظمة دولية كبرى صنعاء بشكل نهائي، فيما يحذر الخبراء من أن الأطفال اليمنيين لديهم 48 ساعة فقط قبل بدء عمليات الإنقاذ الحاسمة من المقر الجديد.
كشف وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني خلال لقائه بنائب المدير التنفيذي لليونيسف تيد شيبان في منتدى الدوحة، أن القرار جاء بعد أكثر من 50 انتهاكاً موثقاً ضد موظفي المنظمة في صنعاء، تضمنت حالات اختطاف وتهديدات مباشرة. "سارة محمد، موظفة يونيسف سابقة، تروي كيف اضطرت لترك عملها بعد تهديدات مستمرة من الحوثيين"، مضيفة أن الوضع وصل لمرحلة "لا تُحتمل حيث باتت حياتنا في خطر يومي". هذا الرقم المرعب يعادل انتهاكاً واحداً كل أسبوع، في مشهد وصفه الخبراء بـ"الحرب المعلنة ضد العمل الإنساني".
الجذور الحقيقية لهذا القرار التاريخي تعود إلى سيطرة الحوثيين على صنعاء عام 2014، حين بدأت سلسلة منهجية من العرقلة والتضييق على المنظمات الدولية. خبراء الشؤون الإنسانية يؤكدون أن 85% من المرافق الصحية خارج الخدمة في المناطق الحوثية، مقارنة بـ30% فقط في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية. د. ناديا الحكيمي، خبيرة الشؤون الإنسانية، تصف الوضع قائلة: "نقل يونيسف لعدن سيحسن الوصول للمساعدات بنسبة 300%، كالطبيب الذي ينقل عيادته من حي خطير إلى منطقة آمنة".
الآثار المباشرة لهذا النقل ستلمسها العائلات اليمنية في حياتها اليومية خلال أسابيع قليلة. د. أحمد سالم، منسق برامج الطوارئ في عدن، يؤكد أن 500 شاحنة إغاثة شهرياً ستتدفق عبر الموانئ الجديدة، حاملة اللقاحات والأدوية والمواد التعليمية. عبد الله حسن، والد لثلاثة أطفال من عدن، يصف الأمل الجديد: "أطفالي سيحصلون على تعليم أفضل ورعاية صحية منتظمة، شيء لم نحلم به منذ سنوات". لكن التحدي الأكبر يبقى في كيفية ضمان وصول هذه المساعدات للأطفال في المناطق التي لا يزال الحوثيون يسيطرون عليها.
هذا القرار الجريء يمثل نقطة تحول تاريخية قد تجعل من عدن المركز الإنساني الجديد لليمن والمنطقة بأكملها. النجاح في هذا النقل سيرسل رسالة قوية للمجتمع الدولي حول قدرة الحكومة اليمنية على توفير بيئة آمنة للعمل الإنساني، بينما قد تنضم منظمات أممية أخرى قريباً لهذه الخطوة التاريخية. السؤال الذي يؤرق الجميع الآن: هل سينجح هذا النقل في إنقاذ مئات الآلاف من الأطفال اليمنيين، أم ستواجه المنظمات الإنسانية انتقاماً حوثياً قد يزيد من معاناة الشعب اليمني؟