في تطور مثير يهز الأسواق المالية، قفز الذهب عالمياً بنسبة 0.5% ليسجل مستويات تاريخية جديدة، بينما حطم عيار 21 في الأسواق المصرية حاجز الـ 5600 جنيه للمرة الأولى في التاريخ. 44,880 جنيه - هذا هو ثمن جنيه ذهبي واحد اليوم، رقم يعادل راتب موظف حكومي لأربعة أشهر كاملة! المستثمرون يحبسون أنفاسهم في انتظار قرار الفيدرالي الأمريكي الأسبوع المقبل، الذي قد يغير خريطة الاستثمار العالمية إلى الأبد.
وسط أجواء من التوتر والترقب، شهدت محلات الصاغة المصرية زحاماً غير مسبوق من المستثمرين والمواطنين الباحثين عن الملاذ الآمن. علي حسن، صائغ بخان الخليلي منذ 30 عاماً، يروي بدهشة: "لم أشهد مثل هذا الإقبال منذ أزمة 2008، الناس تسأل عن أسعار البيع أكثر من الشراء". عيار 24 يحلق عند 6417 جنيه للجرام، بينما وصل عيار 21 الأكثر تداولاً إلى 5610 جنيهات، في مشهد يذكرنا بأيام الذهب الأسود حين كان المعدن النفيس يعكس مخاوف العالم من المجهول.
الصورة الأوسع تكشف عن لعبة اقتصادية معقدة تدار من واشنطن، حيث تشير كل المؤشرات إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يميل نحو خفض أسعار الفائدة الأسبوع المقبل. هذا القرار المنتظر يعني شيئاً واحداً: الدولار الأضعف يساوي ذهباً أقوى. التاريخ يخبرنا أن كل خفض للفائدة الأمريكية قاد لقفزات هائلة في أسعار المعدن الأصفر، تماماً كما حدث في 2020 عندما ارتفع الذهب 25% خلال ستة أشهر فقط من خفض الفوائد إلى الصفر تقريباً.
لكن الصورة ليست وردية للجميع، فبينما يحتفل المستثمرون الأذكياء الذين اشتروا الذهب قبل أشهر، تعيش فاطمة محمد من حي المعادي كابوساً حقيقياً. هذه الأم لثلاثة أطفال كانت تدخر منذ عامين لشراء طقم ذهب لابنتها المقبلة على الزواج، لكن الأسعار الجديدة حطمت كل أحلامها. "كان حلمي أن أرى ابنتي في يوم زفافها مثل أميرة، لكن الذهب اليوم أغلى من الألماس"، تقول بحسرة بادية. السيناريوهات المقبلة تتراوح بين قفزة إضافية 15% إذا خفض الفيدرالي الفوائد، أو انهيار مؤقت إذا فاجأ الأسواق بقرار مخالف.
الذهب اليوم ليس مجرد معدن، بل بوصلة اقتصادية تشير نحو المستقبل المجهول. مع ارتفاع المعدن الأصفر عالمياً إلى 2,726.99 دولار للأوقية، نقف أمام لحظة حاسمة قد تعيد تشكيل محافظ الاستثمار للعقد القادم. السؤال الذي يحرق الألسنة الآن: هل ستكون من الذين يركبون موجة الذهب الذهبية، أم من المتفرجين الذين سيندمون على ضياع القطار؟