في تطور خطير يهدد حياة 850 ألف نسمة في عدن، تشهد المدينة أزمة غاز خانقة بسبب قطاع قبلي يحاصر منشأة صافر في مأرب منذ أيام. هذا الحصار، الذي يذكرنا بأحلك فصول التاريخ، يهدد بتحويل مدينة كاملة إلى منطقة بدون مواقد، حيث تضطر العائلات للبحث عن بدائل خطيرة للطبخ والتدفئة.
أم محمد، ربة منزل تبلغ من العمر 45 عاماً وأم لخمسة أطفال، تقف عاجزة أمام موقدها البارد. "لا أستطيع طهي وجبة واحدة لأطفالي، والطوابير أمام محطات الغاز تمتد لساعات دون فائدة"، تقول بصوت مكسور. في الوقت نفسه، يكافح مدير توزيع الغاز أحمد العدني ليل نهار لإيجاد حلول، رغم التهديدات المستمرة. الشركة اليمنية للغاز تؤكد أن "القطاع يعرقل حركة النقل بالكامل"، فيما يبقى سائقو الناقلات محتجزين على طرق صافر منذ ثلاثة أيام.
هذه ليست الأزمة الأولى من نوعها في اليمن، فالبلاد التي تعيش حرباً مدمرة منذ أكثر من عقد، شهدت انقطاعات مماثلة في الكهرباء والمياه والوقود. النظام القبلي المتجذر وضعف سلطة الدولة يخلقان حالة من الفوضى المستمرة، حيث تصبح الخدمات الأساسية رهينة للنزاعات المحلية. د. سالم الحضرمي، خبير شؤون الطاقة، يحذر من "كارثة إنسانية وشيكة إذا لم تتدخل السلطات فوراً"، مشيراً إلى أن 80% من سكان اليمن يعتمدون أساساً على المساعدات الإنسانية.
الآثار المدمرة لهذه الأزمة تتجاوز مجرد انقطاع الغاز، فالعائلات تلجأ الآن لحرق الخشب والورق للطبخ، مما يعرضها لمخاطر الحرائق والتسمم. رائحة الدخان تملأ أحياء عدن، فيما تنتشر طوابير اليأس أمام المحطات المغلقة. المخاوف تتزايد من انتشار هذا النمط إلى محافظات أخرى، خاصة مع تنامي النفوذ القبلي في مناطق إنتاج الطاقة. الوضع قد يؤدي إلى احتجاجات شعبية عارمة وهجرة جماعية من المدينة إذا استمر أكثر من أسبوع.
عدن اليوم تقف على مفترق طرق خطير، بين حل عاجل ينقذ المدينة من كارثة إنسانية، أو انزلاق نحو أزمة أعمق تهدد استقرار المنطقة بأكملها. السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستنجح السلطات في كسر هذا الحصار القبلي، أم أن عدن ستدفع ثمن الفوضى السياسية بمعاناة أبنائها؟