في تطور استباقي مفاجئ هز المشهد التعليمي في المملكة، تحولت حياة آلاف الطلاب والطالبات من الفصول الدراسية التقليدية إلى شاشات الحاسوب في أقل من 6 ساعات فقط. قرار واحد حاسم من جامعة طيبة أنقذ آلاف الطلاب من مواجهة عاصفة مطرية قد تكون الأشد هذا الموسم، بينما تتساقط الأمطار بغزارة خارج النوافذ، يواصل الطلاب تعليمهم بأمان تام من دفء منازلهم.
في قرار استثنائي غيَّر مسار يوم دراسي عادي، أعلنت جامعة طيبة بالمدينة المنورة تحويل الدراسة الحضورية فوراً إلى التعليم عن بُعد عبر منصة البلاك بورد، شاملاً فروعها في 4 محافظات حيوية: ينبع وبدر والعلا وطلاب وادي الفرع. "استيقظت لأجد رسالة التحويل للتعليم عن بُعد، شعرت بالامتنان لسرعة اتخاذ القرار"، تقول سارة العنزي، طالبة طب بالعلا، وهي تتابع محاضرتها من غرفة نومها بينما تقرع الأمطار نوافذ بيتها. التحويل شمل 100% من التعليم الحضوري وغطى مساحة جغرافية تعادل عدة دول أوروبية مجتمعة.
ما حدث اليوم لم يكن مجرد قرار طارئ، بل ثمرة استثمارات تقنية طويلة وخبرات متراكمة منذ جائحة كوفيد-19. تقارير دقيقة من المركز الوطني للأرصاد حذرت من أمطار متوسطة إلى غزيرة، فكانت الاستجابة سريعة كالبرق - في نفس سرعة التغيرات الجوية. "هذه القرارات تُظهر نضج المؤسسات التعليمية في التعامل مع المتغيرات الطبيعية"، يؤكد د. محمد الشهري، خبير الأرصاد، مضيفاً أن هذا النموذج يُحتذى به إقليمياً في إدارة الأزمات التعليمية. مثل المظلة التي تُفتح قبل هطول المطر، جاءت الحماية الاستباقية كاملة وشاملة.
بينما كان القلق يتسلل لقلوب آلاف الأسر صباح اليوم، تحول التوتر إلى اطمئنان عميق مع وصول إشعارات التحويل للتعليم الرقمي. "كان قلقي على أطفالي الثلاثة يمنعني من النوم، لكن قرار الجامعة أراحني تماماً"، يقول أحمد المطيري، والد لثلاثة طلاب، وهو ينظر بامتنان لشاشات الحاسوب حيث يتابع أطفاله دروسهم بأمان. هذا التحول الجذري في روتين العائلات منح وقتاً عائلياً إضافياً ووفر مصاريف النقل، بينما عزز الثقة في النظام التعليمي ومرونته الاستثنائية.
قرار حكيم حوَّل تحدياً جوياً إلى نجاح تعليمي مبهر، وخطراً محتملاً إلى فرصة ذهبية للتطوير والريادة. مع انتشار هذا النموذج ليشمل إدارة التعليم والكليات التقنية، نشهد ميلاد نموذج جديد للتعليم الذكي والمرن يمكن تطبيقه في أي ظرف طارئ. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل نحن أمام بداية عصر جديد من التعليم الذكي؟ وكيف ستغير هذه التجارب الرائدة مستقبل التعليم في المملكة والمنطقة؟