في تطور استثنائي لم تشهده المملكة منذ عقود، تستعد السماء السعودية لإطلاق عاصفة مطرية تاريخية ستضرب 2 مليون كيلومتر مربع لمدة 6 أيام متواصلة - رقم يفوق كل التوقعات المناخية للمنطقة الصحراوية. العدّ التنازلي بدأ، و48 ساعة فقط تفصلنا عن العاصفة الكبرى التي ستعيد كتابة تاريخ الطقس في المملكة، بينما يحبس ملايين السعوديين أنفاسهم منتظرين ما قد يكون أطول عاصفة مطرية في التاريخ الحديث.
تبدأ العاصفة الاستثنائية رسمياً السبت 6 ديسمبر وتستمر حتى الخميس 11 ديسمبر 2025، حيث ستجتاح أمطار رعدية غزيرة معظم أنحاء المملكة من طريف شمالاً إلى أملج غرباً. "تشير النماذج الجوية إلى استمرار النزولات القطبية الباردة بشكل ملحوظ" كما أكد خبراء المركز الوطني للأرصاد، بينما روت أم فهد من طريف قلقها قائلة: "أخشى على بيتي من السيول بعد أن غمرت المياه فناء منزلي في العاصفة الماضية." السماء تستعد لتصب الماء كأنها خزانات عملاقة انفتحت صماماتها دفعة واحدة، والجميع يترقب بقلق.
ما يجعل هذه العاصفة استثنائية ليس قوتها فحسب، بل النزولات القطبية الباردة المستمرة وتتابع المنخفضات الجوية بوتيرة غير مسبوقة خلال شهر ديسمبر. عبدالله المطيري، مزارع من أملج، يشهد على ندرة الحدث: "لم أرَ مثل هذه الأمطار منذ 15 عاماً، السماء مظلمة والرعد لا يتوقف." المهندس خالد العتيبي، خبير الأرصاد الذي نجح في التنبؤ المبكر بالعاصفة، يحذر من أن كمية الأمطار المتوقعة تكفي لملء بحيرة بحجم 50 ملعب كرة قدم، مقارناً الحدث بعاصفة الرياض المدمرة عام 2018.
التأثير على الحياة اليومية سيكون كاملاً وجذرياً، حيث يتوقع إغلاق المدارس والجامعات، وانقطاعات في الكهرباء والاتصالات، وشلل في حركة المرور على الطرق الرئيسية. د. سعد الغامدي، أستاذ المناخ بجامعة الملك سعود، يؤكد: "هذه العاصفة نتيجة تفاعل معقد بين الكتل الهوائية القطبية والمدارية." رغم المخاطر المحتملة للسيول، تحمل العاصفة فرصة ذهبية لـامتلاء خزانات المياه الجوفية وتحسين الموارد المائية للمملكة على المدى الطويل، بينما يترقب المزارعون بفارغ الصبر موسماً زراعياً استثنائياً.
بينما تستعد فرق الطوارئ والدفاع المدني لأكبر تحدٍ مناخي منذ سنوات، وتتردد أصداء قصف الرعد وهدير المياه المتدفقة في سماء المملكة، يبقى السؤال الأكبر معلقاً في الأجواء المشحونة بالغيوم: هل ستكون هذه العاصفة نعمة تروي أرض المملكة الظمأى، أم محنة تختبر قدرة شعبها على الصمود؟ الساعات الـ48 القادمة ستحسم الإجابة، والجميع ينتظر بقلوب واجفة وأعين مترقبة.