في تطور مروع هز مدينة عدن، تواجه 2.4 مليون روح ليلة من الظلام الدامس تمتد لـ13 ساعة متواصلة - كارثة تعيد المدينة قروناً إلى الوراء. مدينة كاملة تعيش على 84 ميجاوات فقط، طاقة أقل مما يستهلكه مجمع تجاري واحد في أي عاصمة خليجية، بينما تبتلع الأزمة نصف حياة السكان في عرق وظلام لا يطاق.
الأرقام تصرخ بالمأساة: انقطاع يتصاعد من 10.5 ساعة في منتصف الليل إلى 13 ساعة كاملة عند الفجر، مع نفاد وقود الديزل والمازوت في جميع المحطات. فاطمة أحمد، أم لثلاثة أطفال، تروي معاناتها: "أستيقظ كل ساعتين لأتفقد المولد الصغير، أطفالي ينامون في عرق متصبب والرضيع يبكي من الحر الخانق." عبدالرحمن أنيس، خبير الطاقة المتابع للأزمة، يؤكد: "الوضع كارثي ومتدهور بسرعة مخيفة."
خلف هذه المأساة عقد كامل من الدمار: حرب ضروس دمرت البنية التحتية، حصار اقتصادي خانق منع استيراد الوقود، وانهيار النظام المصرفي قطع شريان الحياة عن المحطات. أزمة 2019 التي امتدت شهرين تتكرر بوحشية أكبر، بينما يحذر المهندسون المحليون: "نحتاج حلول طارئة خلال أسبوع وإلا ستنهار المدينة بالكامل." مقارنة بانقطاع العراق 2003، الوضع في عدن أشد قسوة ولا نهاية له في الأفق.
في شوارع غارقة بالظلام، تتحول الحياة إلى صراع يومي للبقاء: عائلات تنام بالتناوب لحراسة المولدات الصغيرة، مدارس تعلق دوامها، ومستشفيات تعمل بالحد الأدنى. أبو خالد، صاحب مخبز، يضطر للعودة لأساليب أجداده: "نعجن باليد ونخبز على الحطب كالقرون الماضية." الخطر الأكبر قادم: خبراء يحذرون من موجة نزوح جماعي وانهيار كامل للخدمات الأساسية خلال أسابيع، مع فرص استثمارية ضائعة في الطاقة المتجددة التي كانت لتنقذ المدينة.
أزمة طاقة خانقة تهدد بمحو 2.4 مليون حياة من الخريطة، تتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً قبل انهيار لا رجعة فيه. الحاجة ماسة للتبرع بمولدات طارئة والضغط لرفع الحصار عن شحنات الوقود المنقذة. السؤال المرعب يطارد الجميع: هل سيصحو العالم قبل أن تختنق عدن في ظلام أبدي، أم ستصبح مدينة أشباح تحكي عن حضارة انطفأت مع آخر مولد؟