بعد 10 سنوات من المعاناة والانتظار تحت وطأة الحرب، يعود الأمل أخيراً لملايين الموظفين اليمنيين بصرخة فرج حقيقية. للمرة الأولى منذ أشهر طويلة، يتردد صوت الفرح في طوابير البنوك اليمنية بدلاً من أنات الحسرة والقهر. الآن يمكن للموظفين استلام مرتباتهم المتأخرة... لكن السؤال المحوري: إلى متى سيستمر هذا الفرج؟
في خطوة تاريخية تشبه شرب الماء بعد عطش طويل، أعلن بنك عدن الإسلامي للتمويل الأصغر عن بدء صرف مرتبات متأخرة تشمل موظفي مطابع الكتاب المدرسي والإدارة التنفيذية في عدن لشهر نوفمبر 2025، ومرتبات شهري يناير وفبراير لنازحي وزارة الشباب والرياضة. تقول فاطمة الموظفة وهي تكتم دموع الفرح: "استطعت أخيراً سداد ديوني المتراكمة وشراء الضروريات لأطفالي". انتشر الخبر بين الموظفين كانتشار النار في الهشيم، وامتلأت فروع البنك بوجوه الارتياح بعد شهور من القلق والتوتر.
تأتي هذه الخطوة في سياق أزمة رواتب مدمرة استمرت منذ بداية الصراع اليمني عام 2014، حيث عانى الموظفون من تأخيرات وصلت أحياناً إلى 6 أشهر متواصلة. يقول د. محمد الاقتصادي، الخبير المصرفي: "هذه خطوة حاسمة لاستعادة الثقة في النظام المصرفي اليمني، لكنها تحتاج لاستدامة حقيقية". الأزمة التي أدت لانهيار العملة اليمنية وتدهور الاقتصاد، تشبه إلى حد كبير ما شهده لبنان خلال حربه الأهلية عندما توقفت رواتب القطاع العام.
على أرض الواقع، يتدفق المئات من معلمي محافظتي أبين ولحج لاستلام مرتبات سبتمبر المتأخرة، بينما يستعد موظفو وزارة النقل لاستقبال مرتباتهم عبر شبكة "عدن حوالة". يروي سالم أبو الأطفال، موظف في وزارة النقل: "انتظرت هذا اليوم لثلاثة أشهر طويلة، كنت أسمع رنين هاتفي كل صباح آملاً في خبر الصرف". هذا التطور الإيجابي يحفز الاستهلاك المحلي ويخفف التوتر الاجتماعي، لكن التحدي الأكبر يكمن في ضمان استدامة هذه الخدمة وتوسيعها لتشمل بقية المحافظات اليمنية.
عودة جزئية لصرف الرواتب الحكومية تبعث الأمل في نفوس ملايين اليمنيين، لكن الطريق لا يزال طويلاً نحو استقرار اقتصادي حقيقي. على الموظفين متابعة إعلانات البنك باستمرار والاستعداد لاستلام مرتباتهم بالوثائق المطلوبة. السؤال الذي يؤرق الجميع: هل ستكون هذه بداية النهاية لأزمة الرواتب في اليمن، أم مجرد راحة مؤقتة قبل عاصفة جديدة؟