في مشهد يحبس الأنفاس ويصدم العقول، يدفع أهل عدن 1,025,800 ريال مقابل جنيه ذهب واحد، بينما يحصل عليه أهل صنعاء بـ 506,000 ريال فقط - فارق يساوي 3 أضعاف كاملة! هذا التباين الجنوني يحدث في بلد واحد، في نفس اليوم، مع ارتفاع الذهب عالمياً إلى مستويات قياسية تبلغ 4,244 دولار للأوقية. الحقيقة المؤلمة: كل ساعة تأخير في اتخاذ القرار تعني خسارة آلاف الريالات، وربما ضياع فرص ذهبية لن تتكرر.
محمد الحضرمي، تاجر ذكي من حضرموت، اكتشف هذا السر الخطير منذ أسابيع: "أشتري الذهب من صنعاء وأبيعه في عدن بضعف السعر، ربح صافٍ يصل إلى 200% في رحلة واحدة!" الأرقام تتحدث عن نفسها: جرام عيار 21 يُباع في صنعاء بـ 64,500 ريال، بينما يصل سعره في عدن إلى 204,200 ريال - فارق 139,700 ريال للجرام الواحد! هذا الفارق الخيالي جعل قرقعة الميزان الذهبي في محلات صنعاء تبدو كأجراس إنذار، بينما تتصاعد أصوات التفاوض الحاد في عدن كصراخ معركة حقيقية.
الجذور العميقة لهذه الكارثة تعود إلى انقسام البنك المركزي اليمني منذ 2015، حين تحولت العملة الواحدة إلى عملتين مختلفتين القيمة في شطري البلاد. د. سالم العولقي، خبير اقتصادي مخضرم، يحذر قائلاً: "هذا التباين أكبر حتى من فجوة أسعار الذهب بين برلين الشرقية والغربية أثناء الحرب الباردة!" العوامل المؤثرة تتراكم كالإعصار: تقلبات سعر الصرف الجنونية، السياسات النقدية المتضاربة، وانقطاع طرق التجارة الآمنة بين المحافظات. الخبراء يتوقعون مزيداً من التدهور إذا استمر الانقسام السياسي.
فاطمة الزبيري، ربة منزل من عدن، تختصر معاناة الملايين في كلمات مؤثرة: "بعت ذهب جدتي بسعر مرتفع لأشتري به طعاماً لأطفالي، لكن الآن أندم لأنني اكتشفت أن نفس القطع أرخص بثلاث مرات في صنعاء!" أحمد المطري، موظف حكومي من صنعاء، يواجه مأساة أخرى: "أريد شراء خاتم زواج لابنتي، لكن حتى الأسعار 'المنخفضة' في مدينتي باتت تفوق راتبي لثلاثة أشهر." هذا الوضع المجنون يخلق فرصاً ذهبية للتجار الأذكياء، لكنه يدمر أحلام المواطنين البسطاء ويعمق جراح الانقسام الاقتصادي.
مع استمرار ارتفاع الذهب عالمياً وتفاقم الانقسام الاقتصادي محلياً، يبقى السؤال الحارق: هل سيصبح الذهب حكراً على أثرياء عدن وحلماً بعيد المنال لفقراء صنعاء؟ الفرص الاستثمارية موجودة للأذكياء الذين يمكنهم استغلال هذا التباين، لكن المخاطر عالية والتقلبات مدمرة. نصيحة ذهبية: راقب الأسعار يومياً، تعامل مع تجار موثوقين، ولا تغامر بأكثر مما تستطيع خسارته. في النهاية، الذهب يبقى ملاذاً آمناً وسط العاصفة، لكن الطريق إليه محفوف بالمخاطر في اليمن الجريح.