في تطور صادم يضرب الأسواق اليمنية، سجلت أسعار الذهب قفزة جنونية تحطم كل التوقعات، حيث وصل سعر جرام الذهب عيار 21 إلى 204 ألف ريال يمني في عدن - رقم يساوي راتب موظف حكومي كامل! والأكثر إثارة للصدمة أن الفجوة بين سعر الشراء والبيع تصل إلى 17 ألف ريال للجرام الواحد، مما يعني أرباحاً خيالية للتجار بينما تتحطم أحلام العائلات اليمنية في امتلاك المعدن النفيس.
أحمد التاجر، الذي استثمر في الذهب منذ عامين، لا يخفي سعادته: "حققت أرباحاً تفوق 200% بفضل هذا الارتفاع المستمر"، بينما تقف أم محمد البالغة من العمر 45 عاماً أمام واجهة محل المجوهرات بوجه حزين، تبحث عن طقم ذهبي لابنتها المقبلة على الزواج لكن الأسعار فوق طاقتها تماماً. المشهد يتكرر يومياً في أسواق عدن، حيث يكتفي المتسوقون بالنظر خلف الواجهات الزجاجية إلى بريق الذهب الذي أصبح حلماً بعيد المنال، بينما يشهد محمد الصائغ طوابير من العملاء يسألون عن الأسعار دون قدرة حقيقية على الشراء.
هذا الارتفاع المدمر ليس وليد اللحظة، بل نتيجة انهيار مستمر للريال اليمني منذ بداية الحرب قبل سنوات، مما دفع المواطنين للبحث عن الذهب كملاذ آمن للحفاظ على مدخراتهم. د. سعيد الاقتصادي، خبير الأسواق المالية، يؤكد: "الذهب أصبح الملاذ الوحيد في ظل انهيار العملة المحلية، والأسعار الحالية تشبه تماماً ما حدث في لبنان والأرجنتين خلال أزماتهما الاقتصادية". عالمياً، وصل سعر الأوقية إلى 4,211 دولار، أي ما يعادل حوالي 10.5 مليون ريال يمني، رقم فلكي يعكس حجم الكارثة الاقتصادية.
التأثير الحقيقي لهذه الأسعار الجنونية يضرب في صميم الحياة اليومية للعائلات اليمنية، حيث تضطر العائلات لتأجيل زواج بناتها أو البحث عن بدائل كالذهب الأبيض أو المجوهرات المستعملة. شراء خاتم ذهبي صغير واحد يعادل الآن تكلفة طعام عائلة كاملة لشهرين! هذا الواقع المؤلم يدفع الخبراء للتحذير من مخاطر شراء ذهب مغشوش من مصادر غير موثوقة، بينما ينصحون القادرين بالمقارنة بين أسعار المحافظات المختلفة والشراء بكميات صغيرة تدريجياً لتجنب الصدمات المالية.
مع توقعات الخبراء باستمرار هذا الارتفاع المرعب في ظل عدم وجود بوادر لحل الأزمة الاقتصادية، تبقى الأسئلة المؤلمة تطارد كل عائلة يمنية: كم سيصل سعر الذهب غداً؟ وهل سيصبح امتلاك جرام واحد من المعدن النفيس حلماً مستحيلاً للمواطن اليمني العادي؟ الإجابة تكمن في يد المستقبل، بينما تواصل الأسعار رقصة الجنون صاعدة نحو السماء.
