في تطور صادم هز أوساط المقيمين في المملكة، أعلنت السعودية رسوماً جديدة للتأشيرة العائلية تبدأ من 300 ريال للزيارة القصيرة وتصل إلى 8000 ريال للعامين - مبلغ يعادل راتب عامل كامل لأكثر من شهرين. مع بداية عام 1447 هجرياً، تغيرت قواعد اللعبة بشكل جذري، تاركة الآلاف من العائلات تعيد حساباتها ومدخراتها. هل أصبحت رؤية عائلتك ترفاً لا يقدر عليه إلا أصحاب الرواتب العالية؟
أحمد المصري، عامل في الرياض براتب 3000 ريال شهرياً، يحكي قصته بمرارة: "كنت أحلم بإحضار زوجتي وأطفالي لزيارة سنوية، لكن 5000 ريال تعني راتب شهر ونصف كامل بدون أكل أو شرب." هذا الواقع الجديد يشاركه معه آلاف العمال، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 2.2 مليون مقيم في المملكة قد يحتاجون هذه الخدمة سنوياً. الجهات المختصة تؤكد أن "التعديلات تهدف إلى تنظيم الزيارات وتحسين الخدمات الإلكترونية"، لكن الواقع على الأرض يحكي قصة أخرى من القلق والترقب.
هذا التحديث يأتي كجزء من استراتيجية السعودية الأوسع لتنظيم الهجرة وتحسين الإيرادات الحكومية، مذكراً بـتطبيق رسوم المرافقين عام 2017 الذي أحدث هزة مشابهة. خبراء قوانين الهجرة، مثل د. محمد العمري، يرون أن هذه الخطوة "كالعودة إلى زمن التلغراف، حيث كان لكل كلمة ثمن، اليوم لكل يوم مع العائلة سعر محدد." التغيير يأتي في إطار رؤية 2030 والتحول الرقمي، لكن متخصصين يتوقعون استقرار الرسوم مع تحسن تدريجي في سرعة الخدمات التي ستتم معالجتها خلال 3-7 أيام فقط.
النتيجة الفورية بدت واضحة في المجتمعات: فاطمة الهندية، محاسبة في جدة، استطاعت بفضل التسهيلات الجديدة استقدام والديها لأول مرة منذ 5 سنوات، بينما سعد الفلبيني، سائق في الدمام، يصف الوضع قائلاً: "الإجراءات أصبحت أسهل لكن التكلفة أثقل على الجيب." هذا التباين يعكس واقع المقيمين الجديد: تطوير تقني مقابل عبء مالي إضافي. الخبراء يحذرون من أن هذه الرسوم قد تؤدي إلى انخفاض في الزيارات الطويلة وزيادة الطلب على التأشيرات القصيرة، مما يعيد تشكيل أنماط اللقاءات العائلية بطريقة جذرية.
مع تطبيق هذا النظام الجديد، تواجه العائلات تحدياً حقيقياً في إعادة تخطيط مدخراتها وأولوياتها. الرسالة واضحة: ابدأ التخطيط المالي الآن، جهز مستنداتك مسبقاً، وتابع التحديثات الرسمية عبر منصة إنجاز ونظام أبشر. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل ستغير هذه الرسوم الجديدة قرارك بالعمل في السعودية؟ أم ستجد طرقاً إبداعية للتكيف مع الواقع الجديد وتحقيق حلم لقاء العائلة رغم التحديات؟
