في تطور مذهل يقطع أنفاس اليأس التي خيمت على 85% من الموظفين الحكوميين في اليمن منذ 9 سنوات من الحرمان، يواصل بنك عدن الإسلامي تحدي المستحيل بصرف مرتبات شهرين دفعة واحدة لموظفي الهيئة العامة للأراضي والمساحة. في زمن تتوقف فيه البنوك عن العمل، يقف هذا البنك كواحة في صحراء الأزمة الاقتصادية الطاحنة، ولكن السؤال المرعب: هل سيستمر هذا الأمل أم أن هذا آخر صرف قبل انهيار النظام تماماً؟
في مشهد نادر وسط الأزمة الاقتصادية التي تطحن 3 ملايين موظف حكومي في اليمن، استطاع بنك عدن الإسلامي صرف مرتبات نوفمبر وديسمبر 2024 للنازحين، إضافة لمرتب سبتمبر 2025 لموظفي الديوان والفرع. أحمد النازح، أب لأربعة أطفال، لم يستطع كتم دموعه: "لم أتلق راتبي منذ 6 أشهر، أطفالي ناموا جوعى ليالي كثيرة، اليوم سأشتري لهم الطعام والدواء". طوابير الموظفين أمام البنك تحكي قصص المعاناة والفرج، بينما تختلط أصوات آلات عد النقود بتنهدات الارتياح بعد شهور من القلق المدمر.
هذا الإنجاز ليس وليد اللحظة، بل نتاج صمود استثنائي منذ عام 2014 حين بدأت كارثة انقطاع المرتبات تضرب النظام المصرفي اليمني. الحرب دمرت 70% من البنية المصرفية، وتجمدت الأصول الحكومية، لكن بنك عدن الإسلامي واصل العمل كشمعة تضيء في ظلام الأزمة المالية. د. محمد الاقتصادي، الخبير المصرفي، يؤكد: "هذا نموذج يجب أن تحتذي به البنوك الأخرى، إنه التزام أخلاقي قبل أن يكون التزاماً مهنياً". التساؤل المحوري: هل يمكن تعميم هذا النموذج على باقي المحافظات؟
عودة البسمة لوجوه الأطفال الذين سيجدون الطعام على المائدة الليلة، هكذا يمكن وصف التأثير الفوري لهذا القرار. سعاد الموظفة تبكي فرحاً: "أخيراً سأتمكن من شراء الدواء لأمي المريضة". الأسواق المحيطة بالبنك شهدت انتعاشاً تجارياً محدوداً، ورائحة الأوراق النقدية الجديدة تختلط بأنفاس الأمل المتجدد. لكن الخبراء يحذرون: على الحكومة ضمان استمرارية هذا النموذج قبل أن ينهار تحت الضغوط المالية المتزايدة. ردود الأفعال منقسمة بين متفائل يرى بداية التعافي ومتشائم يخشى من التوقف المفاجئ.
في النهاية، يقدم بنك عدن الإسلامي نموذجاً فريداً للصمود في وجه أصعب الظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد. هل سيكون هذا بداية عودة النظام المصرفي لدوره الطبيعي في خدمة المواطنين؟ على المجتمع الدولي دعم هذه النماذج الناجحة قبل أن تنطفئ شمعة الأمل الأخيرة. السؤال المصيري: كم من الوقت يمكن لهذا البنك أن يحمل عبء النظام المصرفي كاملاً على كتفيه؟