في صدمة جديدة هزت البيوت المصرية حول العالم، أصبح حلم تعليم الأطفال المصريين بالخارج يحمل فاتورة باهظة تبلغ 150 دولاراً أمريكياً لكل طفل، مما يعني أن الأسرة المصرية النموذجية التي لديها 4 أطفال ستدفع 600 دولار سنوياً فقط لحق أطفالها في أداء الامتحانات المصرية. هذا المبلغ الذي يساوي راتب شهر كامل لموظف متوسط، جعل آلاف الآباء والأمهات يتساءلون بقلق: هل أصبح التعليم المصري حكراً على الأثرياء فقط؟
في تطور مفاجئ أثار موجة غضب عارمة، أعلنت وزارة التربية والتعليم المصرية أن جميع الطلاب من رياض الأطفال حتى الثانوية العامة سيخضعون لهذه الرسوم الجديدة عبر منصة "أبناؤنا في الخارج". أم سارة من دبي، التي تواجه الآن عبء دفع 600 دولار إضافية لأطفالها الأربعة، تقول بحرقة: "لم أتوقع هذه المفاجأة المؤلمة، كنا نعتقد أن تعليم أطفالنا حق مجاني، والآن نواجه خياراً صعباً بين مستقبل أطفالنا وأوضاعنا المالية." الأرقام تتحدث عن نفسها: 150 دولار تمثل 15% من راتب موظف متوسط في الخليج، وقد تصل لـ25% لذوي الدخول المحدودة.
وراء هذا القرار المثير للجدل، تكمن ضغوط مالية متزايدة على وزارة التعليم المصرية وحاجة ماسة لتطوير المنصات التقنية والخدمات الإدارية. د. محمد عبدالله، خبير التعليم الدولي، يرى أن "الرسوم معقولة مقارنة بتكاليف المدارس الدولية"، لكن هذا التبرير لا يهدئ من روع الأسر المصرية التي تواجه ارتفاعاً مستمراً في تكاليف المعيشة بالخارج. السياق التاريخي يُظهر أن هذا القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات رفع رسوم الخدمات الحكومية، مما يثير تساؤلات جدية حول مدى اهتمام الدولة بأبنائها في المهجر.
الآثار المدمرة لهذا القرار تتجاوز البُعد المالي لتمس صميم الهوية المصرية لأجيال قادمة. أحمد والد من لندن يصف معاناته: "أطفالي يسألونني لماذا يجب أن ندفع لنكون مصريين؟ هذا سؤال لا أعرف كيف أجيب عليه." التوقعات تشير إلى انخفاض حاد في أعداد المسجلين بالنظام المصري، مع لجوء العديد من الأسر للتعليم المحلي في بلدان إقامتهم. النتيجة المأساوية: جيل كامل من الأطفال المصريين قد يفقد صلته بتعليم وطنه الأم، مما يهدد استمرارية الهوية الثقافية المصرية عبر الأجيال.
وسط هذا الجدل المحتدم، تبقى الأسئلة الحارقة معلقة في الهواء: هل ستزيد الرسوم مستقبلاً؟ وماذا عن الأطفال الذين لن تستطيع أسرهم الدفع؟ الوزارة تؤكد أن الهدف هو "تحسين جودة الخدمات"، لكن الواقع يُظهر أن آلاف الأسر المصرية تواجه الآن خياراً مؤلماً بين الحفاظ على هوية أطفالها المصرية أو الاستقرار المالي. السؤال الأكثر إلحاحاً: هل أصبح الانتماء للوطن الأم يُقاس بالقدرة على الدفع؟ وما مصير أحلام آلاف الأطفال المصريين الذين يحلمون بالحفاظ على جذورهم؟