في تطور صادم هز أروقة السياسة العربية، وضعت المملكة العربية السعودية 90 مليون دولار في لحظة واحدة على طاولة القضية الفلسطينية، محولة يوماً عادياً إلى حدث تاريخي قد يُنقذ آلاف الأسر من أزمة اقتصادية خانقة. في عمّان، ليس الرياض أو رام الله، صُنعت هذه اللحظة الفارقة التي تحمل رسالة واضحة: فلسطين ليست وحيدة في محنتها.
في مشهد دبلوماسي أنيق بسفارة المملكة في العاصمة الأردنية، سُلّم شيك يحمل آمال شعب بأكمله - مبلغ يكفي لدفع رواتب 30 ألف موظف حكومي فلسطيني لشهر كامل. "هذا التزام سعودي ثابت بالقضية الفلسطينية لا يتغير بتغير الظروف"، هكذا علّق مصدر دبلوماسي رفيع المستوى. أبو محمد الغزاوي، موظف حكومي فلسطيني، لم يخف دموع الفرح وهو يقول: "هذا الدعم يعني أن راتبي لن يتأخر هذا الشهر، وأن أطفالي لن يناموا جياعاً."
تأتي هذه المنحة في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تواجهها السلطة الفلسطينية منذ شهور، حيث تراجعت المساعدات الدولية وتفاقمت الأوضاع السياسية. هذا ليس الدعم السعودي الأول، فالمملكة تواصل نهج الملك عبدالعزيز التاريخي في دعم الأشقاء العرب في أصعب الظروف. د. خالد التميمي، خبير اقتصادي، يؤكد: "هذا الدعم السعودي يأتي في وقت حرج للاقتصاد الفلسطيني، وقد يكون بداية لسلسلة مساعدات عربية منسقة تنقذ الوضع من الانهيار."
آلاف الموظفين الحكوميين الذين ينتظرون رواتبهم المتأخرة ستصلهم أموالهم في الوقت المحدد هذا الشهر، مما يعني تحسناً ملحوظاً في الخدمات الحكومية ومعنويات العاملين. سارة أحمد، أم فلسطينية لخمسة أطفال، تعبّر عن مشاعر الآلاف: "نشعر أننا لسنا وحدنا في هذه المحنة، السعودية تذكرنا دائماً أن لنا أشقاء يقفون معنا." فيصل العربي، محلل سياسي، يرى في هذا الدعم "استثماراً سعودياً ذكياً في الاستقرار الإقليمي ورسالة قوية لكل المنطقة."
90 مليون دولار، لحظة تاريخية في عمّان، ورسالة واضحة من المملكة للعالم: القضية الفلسطينية تبقى في القلب. السؤال الآن: هل ستتبع هذه المنحة خطوات أخرى نحو حل شامل للأزمة الاقتصادية الفلسطينية؟ الوقت مناسب لكل العرب لتقديم دعمهم، لكن السؤال الأهم يبقى: هل ستكون هذه المنحة جسراً نحو الاستقرار، أم مجرد مسكّن مؤقت لألم مزمن؟