في لحظة تاريخية حاسمة، وصلت يد العون السعودية لتنقذ فلسطين من أزمة مالية خانقة بدعم يبلغ 90 مليون دولار - مبلغ يكفي لدفع راتب شهرين كاملين لـ 200 ألف موظف فلسطيني، ولتشغيل 500 مدرسة لعام كامل. بينما كانت الخزينة الفلسطينية على شفا الانهيار التام، جاء هذا الدعم كجرعة أدرينالين للقلب المتعب، ليحيي الاقتصاد الفلسطيني المنهك في أحلك الظروف. الأرقام تصرخ بحجم الكارثة المالية التي كانت تهدد ملايين الفلسطينيين، فهل وصل الإنقاذ في الوقت المناسب؟
في مقر السفارة السعودية الفخم بعمان، تسلم الوزير الفلسطيني اسطفان سلامة أهم شيك في تاريخ فلسطين الحديث من يدي الأمير منصور بن خالد، وسط أجواء من الارتياح المختلط بالدموع. "شعرنا بالراحة عندما وصل الخبر، فالخزينة كانت فارغة تماماً"، يحكي خالد، موظف في وزارة المالية الفلسطينية، وهو يتنفس الصعداء لأول مرة منذ أشهر. أم محمد، المعلمة الفلسطينية في الخمسين من عمرها، التي تحتاج راتبها الشهري لإطعام أطفالها الأربعة، باتت أقرب من أي وقت مضى لاستلام مستحقاتها المتأخرة منذ شهور.
خلف هذه المنحة التاريخية قصة أزمة مالية خانقة فاقمتها السياسات الإسرائيلية الأخيرة، حين احتجزت تل أبيب عائدات الضرائب الفلسطينية وشددت الحصار الاقتصادي حتى الخناق. الدعم السعودي ليس وليد اللحظة، بل امتداد لموقف تاريخي راسخ منذ عقود، مثل مارشال الأمريكية التي أعادت بناء أوروبا، يأتي هذا الدعم السعودي لينقذ فلسطين من الانهيار الاقتصادي. د. سعيد، الخبير الاقتصادي المختص في الشؤون المالية العربية، يؤكد: "هذا المبلغ سيغطي نفقات أساسية لملايين الفلسطينيين لعدة أشهر، وهو بمثابة شريان حياة للاقتصاد المحاصر".
على أرض الواقع، سيشعر كل فلسطيني بتأثير هذا الدعم مباشرة: المدارس ستعود للعمل بكامل طاقتها، والمستشفيات ستتمكن من توفير العلاجات الضرورية، والموظفون سيستلمون رواتبهم المتأخرة. د. أحمد، الطبيب الفلسطيني في مستشفى المقاصد، يبتسم لأول مرة منذ أشهر: "سنتمكن الآن من علاج المزيد من المرضى وتوفير الأدوية التي نفدت من مخازننا". لكن التحدي الأكبر يكمن في إدارة هذا المبلغ بحكمة وشفافية، وتجنب الأخطاء التي قد تبدد هذا الأمل الذهبي الذي طال انتظاره.
هذا الدعم السعودي المتدفق كالنهر في صحراء الأزمة المالية قد يكون بداية لنهضة اقتصادية فلسطينية حقيقية، خاصة إذا اقتدت به دول عربية أخرى. النظرة للمستقبل تبدو أكثر إشراقاً مع هذا الدعم الذي يعكس عمق الأخوة العربية والتضامن مع القضية الفلسطينية العادلة. لكن السؤال المحوري يبقى: هل ستنجح فلسطين في استثمار هذا الدعم لبناء اقتصاد مستدام، أم ستبقى رهينة المساعدات الخارجية في دوامة لا تنتهي؟