في تطور صادم هز الاقتصاد اليمني من جذوره، سجل الدولار الأمريكي فجوة سعرية جنونية تصل إلى 240% بين المناطق اليمنية، حيث قفز إلى 1816 ريالاً في عدن مقابل 535 ريالاً فقط في صنعاء. هذا التفاوت المدمر - الذي يعادل 1273 ريالاً يمنياً - يكفي لشراء 30 كيلو أرز، ويضع الملايين من اليمنيين أمام كارثة اقتصادية حقيقية. كل دقيقة تأخير في فهم هذه الأزمة قد تكلف عائلتك آلاف الريالات!
في مشهد لا يصدق، تروي أم أحمد من عدن معاناتها المريرة: "ابني يحول لي 200 دولار شهرياً من السعودية، لكنني أفقد 255 ألف ريال بسبب هذا التفاوت الجنوني!" هذه المأساة تتكرر يومياً مع آلاف العائلات اليمنية، بينما يستغل محمد الشرعبي، تاجر العملة الذكي، هذه الفجوة لتحقيق أرباح خيالية عبر نقل الأموال بين المدينتين. الأرقام لا تكذب: 318% ارتفاع في الريال السعودي بين المناطق، من 139 إلى 461 ريال يمني - رقم يفوق معدلات التضخم في أسوأ الاقتصادات العالمية.
الخبير الاقتصادي د. عبدالله المخلافي يكشف الأسباب المرعبة وراء هذا الانقسام: "تعدد البنوك المركزية وانقسام السلطة النقدية منذ سنوات الصراع خلق اقتصادين منفصلين داخل البلد الواحد." هذا الوضع، الذي لم تشهده المنطقة منذ انهيار الليرة اللبنانية عام 2020، يعكس حقيقة مؤلمة: اليمن لم يعد يملك عملة موحدة بل عملتين مختلفتين تماماً. الحصار الاقتصادي وتوقف صادرات النفط زاد الطين بلة، مما جعل المناطق الجنوبية تستفيد من الدعم الخليجي بينما تغرق الشمالية في عزلة اقتصادية قاتلة.
التأثير على الحياة اليومية أصبح كابوساً حقيقياً: خالد التاجر يصف الوضع بمرارة: "أضطر لتأجيل استيراد البضائع لأنني لا أعرف السعر الحقيقي للعملة." العائلات تعاني من صعوبة استلام تحويلات المغتربين، والأسواق تشهد ارتباكاً شديداً مع توقف التجارة بين المحافظات. الخبراء يحذرون من سيناريوهات مرعبة: إما توحيد فوري لأسعار الصرف عبر اتفاق سياسي عاجل، أو انهيار كامل للريال اليمني واستبداله بعملات أجنبية. المضاربون يحققون أرباحاً طائلة بينما ينزف جيوب المواطنين البسطاء دماً.
هذا التفاوت الصارخ ليس مجرد أرقام على الورق، بل كارثة إنسانية صامتة تدمر مدخرات الملايين وتقسم اليمن اقتصادياً إلى دولتين منفصلتين. الحل يكمن في تدخل دولي عاجل لتوحيد النظام المصرفي قبل اختفاء العملة الوطنية نهائياً. السؤال المصيري الذي يؤرق كل يمني اليوم: هل سيصمد الريال اليمني أمام هذا الانقسام المدمر، أم أننا أمام نهاية حقبة العملة الوطنية الموحدة؟