في تطور صاعق يبعث الأمل في قلوب مئات الآلاف من السوريين، أطلق الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء" مشروعاً تاريخياً لإزالة 75 ألف متر مكعب من الأنقاض - ما يعادل وزن 25 ألف سيارة مدفونة تحت الركام! بعد 8 سنوات من الصمت المطبق، تستيقظ 16 حياً في الأحياء الشرقية لحلب من كابوس الحرب الطويل. السؤال المحوري: هل تكفي 9 أشهر فقط لمحو آثار عقد كامل من الدمار؟
يشمل هذا المشروع الضخم أحياء السكري وصلاح الدين وبستان القصر والأنصاري، في مشهد يذكرنا بإعادة إعمار وارسو بعد الحرب العالمية الثانية. المهندسة فاطمة حمدان، 35 عاماً، التي تقود فريق التخطيط تقول بحماس: "كل متر نزيله يعيد الأمل لعائلة كاملة". الأرقام تتحدث بوضوح: 3 قطاعات عمل متكاملة لضمان إنجاز هذا التحدي الهائل، بينما تملأ أصوات الجرافات والشاحنات أحياء ظلت صامتة لسنوات طويلة.
الخلفية مؤلمة: منذ 2012 حتى 2016، تعرضت هذه الأحياء لدمار واسع حول مراكز تجارية وأحياء سكنية عريقة إلى جبال من الركام الرمادي. د. محمد الأسود، خبير التخطيط العمراني يؤكد: "هذا المشروع نموذج يجب تطبيقه في كل المدن المدمرة". التمويل جاء من صندوق مساعدات سوريا بعد استقرار نسبي في الوضع الأمني، ورغبة جارفة من النازحين للعودة لأرض أجدادهم. المقارنة صادمة: حلب التي كانت قطب سوريا الاقتصادي تحتاج اليوم لإعادة بناء كامل كمدينة جديدة.
أحمد العلي، 45 عاماً، عاد من تركيا ليجد منزله أنقاضاً وحلمه مدفوناً تحت الركام لأكثر من 8 سنوات، يقول بصوت مرتجف: "أرى بصيص أمل للمرة الأولى". المشروع سيوفر فرص عمل للعمال المحليين ويمهد لعودة التجارة والخدمات الأساسية. لكن التحديات جسيمة: تعقيدات الملكية العقارية وضرورة إنجاز كل شيء في 9 أشهر فقط. أم خالد، 60 عاماً، التي عاشت في الحي 40 عاماً تهمس: "أرى منزلي يُنظَّف من تحت الأنقاض... كأنني أرى روحي تعود".
هذا المشروع ليس مجرد إزالة أنقاض، بل ولادة جديدة لحلب من رحم الدمار. النجاح هنا قد يقود لتمويل إعادة بناء كامل ونهضة عمرانية تحول المدينة لنموذج عالمي في إعادة الإعمار بعد النزاعات. على المنظمات الدولية مواصلة الدعم، وعلى السوريين توثيق ملكياتهم استعداداً للعودة. السؤال الذي يشغل الملايين: هل ستشهد حلب خلال الأشهر التسعة القادمة معجزة حقيقية تعيد الحياة لشوارعها المدمرة؟