الرئيسية / شؤون محلية / حصري: كيف حولت السعودية مخلفات التحلية إلى كنز يقدر بمليارات الدولارات؟
حصري: كيف حولت السعودية مخلفات التحلية إلى كنز يقدر بمليارات الدولارات؟

حصري: كيف حولت السعودية مخلفات التحلية إلى كنز يقدر بمليارات الدولارات؟

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 01 ديسمبر 2025 الساعة 03:35 صباحاً

في تطور مذهل يعيد كتابة قواعد اللعبة العالمية، تمكنت المملكة العربية السعودية من تحويل ما كان يُعتبر "نفايات" من محطات تحلية المياه إلى كنز تقني يُقدر بمليارات الدولارات. بينما يحارب العالم على معادن نادرة قد تنضب خلال عقود، تجلس السعودية على محيط من الذهب الأبيض - الصوديوم - الذي يكفي لإمداد العالم بأحدث تقنيات تخزين الطاقة لقرون قادمة. ما بدأ كمشكلة بيئية تتمثل في التخلص من ملايين الأطنان من المحلول الملحي الناتج عن التحلية، تحول اليوم إلى فرصة ذهبية لقيادة ثورة تقنية عالمية.

تكشف مصادر مطلعة أن المملكة، كأكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، تنتج سنوياً كميات هائلة من المحلول الملحي الغني بالصوديوم عالي النقاء - وهو العنصر الرئيسي في تقنية بطاريات الصوديوم-أيون الثورية. د. سارة الأحمدي، خبيرة الطاقة المتجددة، تؤكد: "اكتشفنا أن ما كنا نعتبره نفايات يحتاج للتخلص منه، هو في الواقع كنز مدفون تحت أنوفنا. الصوديوم المستخرج من مخلفات التحلية أنقى وأوفر من أي مصدر آخر في العالم." هذا الاكتشاف الثوري يضع المملكة في موقع فريد لكسر احتكار شركات بطاريات الليثيوم العالمية التي تعتمد على معادن نادرة ومكلفة.

خلافاً لبطاريات الليثيوم التقليدية التي تنهار تحت وطأة الحر الشديد، تزدهر تقنية الصوديوم-أيون في البيئة الصحراوية القاسية. أحمد المطيري، مهندس في مشروع الطاقة الشمسية بسكاكا، يروي تجربته: "شاهدت بأم عيني كيف تتدهور بطاريات الليثيوم عند 40 درجة مئوية، بينما تعمل بطاريات الصوديوم بكفاءة مذهلة حتى عند 60 درجة." هذه الميزة التقنية لا تقلل فقط من تكاليف التبريد المرتفعة، بل تجعل السعودية الموطن الطبيعي لهذه التقنية المستقبلية. المقارنة التاريخية واضحة: كما اكتشفت المملكة النفط تحت رمالها، تكتشف اليوم الذهب الأبيض في مياهها المالحة.

يمتد التأثير المباشر لهذا التطور إلى حياة المواطن السعودي بطرق لا تُصدق. خبراء الطاقة يتوقعون انخفاضاً جذرياً في فواتير الكهرباء، وظهور سيارات كهربائية محلية الصنع بأسعار منافسة، وأجهزة إلكترونية تحمل علامة "صنع في السعودية" تصدر للعالم. د. فهد البلوي، أستاذ الكيمياء الكهربية، يضيف: "نحن على أعتاب ثورة صناعية حقيقية. مصانع البطاريات التي ستقام في المملكة ستوظف عشرات الآلاف، وتحول المملكة من مستهلك للتقنية إلى مُصدر لها." الفرصة الاستثمارية واضحة: الشركات التي تستثمر اليوم في هذه التقنية ستحصد مليارات الدولارات غداً.

وسط هذا المشهد الواعد، تبرز رؤية المملكة 2030 كخارطة طريق واضحة لتحويل هذا الاكتشاف إلى إنجاز حضاري. الاستثمار في مراكز البحث والتطوير، وتوطين صناعة البطاريات، وبناء شراكات استراتيجية مع عمالقة التقنية العالمية، كلها خطوات تضع المملكة على طريق قيادة ثورة الطاقة النظيفة. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل ستكون السعودية رائدة ثورة البطاريات الجديدة كما كانت رائدة عصر الطاقة التقليدية؟ الإجابة تكمن في قرارات اليوم التي ستشكل مستقبل الأجيال القادمة.

اخر تحديث: 01 ديسمبر 2025 الساعة 04:30 صباحاً
شارك الخبر