في عالم يضم أكثر من 50,000 معهد بحثي، يحتل معهد مصري موقعاً بين أقل من 100 مؤسسة تمتلك أعلى مستويات الأمان الحيوي عالمياً، وهكذا تُطبق نفس التقنيات التي تحمي أوروبا من الأوبئة الحيوانية الآن على أرض مصر. في عصر تنتشر فيه الأمراض المعدية بسرعة الطائرات، أصبح الاستثمار في الأمان الحيوي ضرورة وجودية.
لحظة تاريخية شهدتها القاهرة عندما دخل خبراء ألمانيا إلى معامل مصرية بمعايير عالمية تضاهي أرقى المعامل الأوروبية. معملان مرجعيان دوليان فقط في منطقة تضم 400 مليون نسمة، مستوى أمان ثالث يحمي من فيروسات قاتلة. "'هذا المستوى من التقنية يضع مصر في مصاف الدول المتقدمة'"، قال أحد الخبراء الألمان. وأضافت د. سماح عيد، "نحن أمام نقلة حضارية في مجال البحوث". موجة من الأمل اجتاحت أوساط الباحثين المصريين والمزارعين على حد سواء.
مصر التي اشتهرت تاريخياً بصادراتها الزراعية تستعيد مكانتها بتقنيات القرن الـ21. التحديات العالمية في الأمن الغذائي دفعت مصر للبحث عن شراكات استراتيجية مع الخبرات العالمية. كما فعل محمد علي باشا عندما استعان بخبراء أوروبيين لتحديث مصر، تفعل مصر اليوم نفس الشيء في مجال العلوم. "نتوقع تحولاً جذرياً في قطاع الثروة الحيوانية خلال الخمس سنوات القادمة"، قال أحد الخبراء.
من اللحوم التي نتناولها إلى الألبان التي يشربها أطفالنا - كل شيء سيصبح أكثر أماناً وجودة. انخفاض نسب النفوق في الثروة الحيوانية، زيادة الإنتاجية، وتحسن الصادرات الزراعية هي بعض النتائج المتوقعة. الفرصة الذهبية للاستثمار في التقنيات الحيوية قبل أن تصبح عالية التكلفة. وبين متفائل يرى مستقبلاً زراعياً واعداً، يطالب متحفظ بضمانات التمويل المستدام.
معايير دولية في معامل مصرية، شراكة ألمانية استراتيجية، وباحثون مصريون يحملون أحلام أمة. غداً قد نرى 'صنع في مصر' على أحدث تقنيات الصحة الحيوانية في العالم. على الحكومة دعم هذا التوجه بالتمويل المطلوب، وعلى القطاع الخاص الاستثمار في هذا المجال الواعد. السؤال الآن: هل ستكون مصر الرائدة في أمان الغذاء إقليمياً، أم ستضيع هذه الفرصة التاريخية مثلما حدث من قبل؟