في تطور دبلوماسي مفاجئ يشبه السباق ضد الزمن، انطلق المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في جولة محمومة شملت 4 عواصم خليجية وإقليمية خلال أسبوع واحد، في محاولة يائسة لإنقاذ مسار السلام اليمني المتجمد منذ أشهر. بعد 10 سنوات دامية أودت بحياة 350 ألف شخص، هل ينجح العالم أخيراً في إنهاء أطول حرب في التاريخ العربي المعاصر؟ الساعات القادمة قد تحمل الإجابة الحاسمة.
في قاعات الاجتماعات الفخمة بمسقط، حيث تفوح رائحة القهوة العربية وسط همهمات النقاش الدبلوماسي المحموم، استقبل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي المبعوث الأممي في لقاء مصيري. "الوضع أصبح أكثر تعقيداً مما كان عليه قبل سنوات"، يقول مصدر دبلوماسي مطلع، بينما يواجه غروندبرغ تحدياً يشبه لعبة شطرنج عملاقة حيث كل حركة تؤثر على مصير 24 مليون يمني محتاج للمساعدة الإنسانية. في نفس الوقت، تعيش فاطمة الحديدة، الأم لخمسة أطفال التي فقدت زوجها في القصف، أياماً قاسية لا تجد فيها قوت يومها.
هذا الحراك المكثف يأتي على خلفية سلسلة من الفشل في محاولات السلام السابقة منذ اتفاق ستوكهولم، في مشهد يذكر بمحادثات السلام الفاشلة في سوريا والعراق. التدخلات الإقليمية والدولية المتضاربة، إلى جانب التعقيدات المذهبية والجيوسياسية، حولت المشهد إلى متاهة دبلوماسية معقدة. د. محمد الاستراتيجي، خبير الشؤون الإقليمية، يحذر: "المنطقة على فوهة بركان والوقت ينفد سريعاً"، خاصة مع تصاعد التوترات بسبب ما وصفه عراقجي بـ"الاعتداءات الإسرائيلية على دول المنطقة".
بينما يتابع عبدالله التاجر، رجل الأعمال الخليجي، التطورات بقلق بالغ منتظراً عودة الاستقرار للاستثمار، تتذبذب أسعار النفط وتتزايد المخاوف من تأثيرات اقتصادية تعادل إغلاق قناة السويس لشهور. الشارع العربي يعيش حالة ترقب حذر، فالنتائج المتوقعة لهذه الجهود الدبلوماسية إما استقرار اقتصادي يفتح أبواب الاستثمار في إعادة الإعمار، أو فوضى إقليمية تهدد أمان الملاحة البحرية وتؤثر على أسعار الوقود وفرص العمل. ردود الأفعال تتراوح بين ترحيب حذر من دول الخليج وتشكك من المعارضة، بينما تترقب الأسواق المالية كل تطور.
مع استمرار هذا الحراك الدبلوماسي المكثف وسط توترات متصاعدة وآمال وخوف متضاربة، تبدو الأسابيع القادمة حاسمة في تحديد مصير المنطقة لسنوات قادمة. على المواطنين متابعة التطورات عن كثب والاستعداد لأي سيناريو، فالسؤال المصيري يبقى معلقاً: هل سينجح العالم هذه المرة في منع كارثة إقليمية؟ أم أن التاريخ سيعيد نفسه مرة أخرى؟